تناول نقيب المحامين، الأستاذ رجائي عطية ـ رئيس اتحاد المحامين العرب، خلال حديثه اليومي، موضوعين مهمين للسادة المحامين في ممارستهم لمهنة ورسالة المحاماة، وهما؛ «الجرائم الوقتية ذات الأثر الممتد، والفرق بينها وبين الجرائم المستمرة»، و«الدفع بالجهل والغلط»، وذلك في بث مباشر من مكتبه بالنقابة العامة.
وقال نقيب المحامين: «يصادفنا جميعًا في رحاب المحاكم مخالفة بناء أو مخالفة تبوير في أرض زراعية أو أرض بناء خارج نطاق التنظيم، فيثور التساؤل: هل جريمة البناء مستمرة باعتبار البناء قائم؟، وهل تبوير الأرض الزراعية جريمة مستمرة باعتبار الأرض قد بارت وهذه نتيجة مستمرة؟، وهذا السؤال مهم لأنه ينبني عليه كيف يكون الدفاع أمام المحاكم.
وأشار النقيب العام إلى أن الدفع بانقضاء الدعوى بالتقادم مسألة تنبني على تكييف الجريمة هل هي وقتية أم مستمرة؟.
وقال: «قبل الإجابة على هذا السؤال دعونا نرى كيف عرفت محكمة النقض والفقهاء الجريمة المستمرة.. قالوا إن الجريمة المستمرة؛ هي التي تستمر مادياتها مقترنة باستمرار قصد جنائي مسيطر على هذه الماديات وراغب فيه».
وأوضح: «بمعنى أنه لتكييف الواقعة على أنها جريمة مستمرة، يتعين فضلًا عن استمرارها أن يستمر القصد الجنائي لمرتكبها مسيطرًا على هذه الواقعة المادية وفاعلًا فيها، وبغير هذا لا يتحقق الاستمرار».
واشار إلى أن الدفع بانقضاء الدعوى قائم في جرائم البناء وجرائم تبوير الأرض الزراعية، من تاريخ تمام البناء أو من تاريخ تبوير الأرض الزراعية، باعتبارهما من الجرائم الوقتية ذات الأثر الممتد، لافتًا إلى أن هناك الكثير تغيب عنهم هذه الحقائق، ذاكرًا رأي أحكام محكمة النقض في هذا الموضوع، مستدلًا بعدد من الأحكام.
وقال إنه بناء على ما تقدم فإن الدعوى تنقضي بالتقادم بفوات المدة القانونية، فإذا كانت جنحة تنقضي بعد فوات ثلاث سنوات من تاريخ البناء أو التبوير، وهذا الانقضاء لا يجوز التنازل عنه، وعلى القاضي أن يحكم به إذا كان ثابتًا في الأوراق.
الدفع بالجهل والغلط
وعن موضوع الدفع بالجهل والغلط، قال نقيب المحامين: «الجرمية لا تقع بغير قصد، فإذا كانت عمدية؛ فصورة القصد فيها القصد العمدي ـ وهو إرادة الفعل وإرادة إحداث النتيجة، أما الجرائم الأخرى؛ فهي جرائم الخطأ غير العمدي ـ وهي عبارة عن اتجاه الإرادة إلى فعل كان في الوسع تلافيه ولم تتجه الإرادة لإحداث النتيجة».
وتابع: «الفعل الجنائي المؤثم أحيانًا لا يكتسب صفته وتكييفه إلا بالرجوع أحيانًا إلى القانون المدني، وأحيانًا إلى الإداري، وأحينًا إلى قانون الأحوال الشخصية».
وأضاف أن الجريمة تكتسب تكييفها القانوني بوجوب العلم بالقواعد التي تحكم هذه الدائرة، فإذا جهل الجاني هذه القواعد التي مرجعها ربما إلى القانون المدني، وربما إلى قانون الإدارات، يعد في جهلًا بالواقع ينتفي به القصد الجنائي.