ألقى أيمن الصفدى، وزير الخارجية وشؤون المغتربين فى المملكة الأردنية الهاشمية، كلمة خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزارى، الذى عقد اليوم الخميس.
وفيما يلى نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبى العربى الهاشمى الأمين.
معالى الرئيس، الأخ الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح، وزير الخارجية، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء فى دولة الكويت الشقيقة.
أصحاب السمو والمعالى والسعادة،
معالى الأمين العام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أطيب التمنيات لك، الأخ الشيخ أحمد، إذ تتولى رئاسة الدورة العادية 156 لمجلسنا، لتطلق جهدا يبنى على إرث دولة الكويت الشقيقة الكبير فى تعزيز العمل العربى المشترك، وخدمة المصالح العربية، وبناء جسور التواصل والثقة والتعاون بين دولنا.
والشكر موصول لأخى الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فى دولة قطر الشقيقة، على ما بذل من جهد خير، وعمل مخلص، خلال ترؤسه الدورة السابقة.
الزملاء الأعزاء، يلتئم مجلسنا فى دورة عادية، فى ظروف عربية ما تزال غير عادية تستوجب جهودا استثنائية لمواجهتها.
فالتحديات ما تزال تعصف بعالمنا العربي. قديمها يتفاقم. جديدها يزداد خطرا. وانعكاسات قديمها وجديدها كارثية على مصالحنا وقضايانا ومستقبل منطقتنا.
ورغم إدراكنا الذى أكدناه كلنا أن فى مأسسة آليات عملنا المشترك تعظيم لفرص التغلب على التحديات، ما تزال الهوة بين ما ندرك وما نفعل كبيرة حد تكريس الغياب فى أحيان كثيرة.
لذلك لا بد من الاستدراك خطوات سريعة وفاعلة لتحديد الأولويات وسبل مقاربتها.
والقضية الفلسطينية، الزملاء الأعزاء، كانت، وتبقى أولويتنا الأولى. ذاك أن استمرار غياب آفاق حلها على الأسس التى تلبى جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى الشقيق هو أساس التوتر والصراع فى المنطقة.
وستظل منطقتنا أسيرة الصراع والتوتر ما لم ينته الاحتلال، ويحصل الشعب الفلسطينى الشقيق على كل حقوقه، وفى مقدمها حقه فى الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة، على خطوط الرابع من حزيران للعام 1967 ، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، على أساس حل الدولتين، ووفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
السلام العادل الذى يلبى الحقوق وتقبله الشعوب هو خيارنا الاستراتيجي. حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق هذا السلام. وهذا هدف ستظل المملكة الأردنية الهاشمية تبذل كل جهد ممكن من أجل تحقيقه، بالتنسيق مع أشقائنا وشركائنا فى المجتمع الدولي، وخصوصا مع الولايات المتحدة الأمريكية، التى نثمن ما أعلنته من مواقف، وما اتخذته من خطوات، تؤكد التمسك بحل الدولتين، ورفض الاستيطان وكل الخطوات الأحادية التى تقوضه.
والقمة الأردنية-المصرية-الفلسطينية التى استضافها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القاهرة الشهر الحالى جهد مشترك عكس رؤيتنا المشتركة إزاء متطلبات الحل، وعملنا المستمر لإسناد أشقائنا، ولضمان تهدئة مستدامة فى جميع الأراضى الفلسطينية المحتلة والمحاصرة.
وتتكرس التهدئة من خلال إعادة الإعمار فى غزة، وشرطها الحتمى هو وقف كل الإجراءات الإسرائيلية الاستفزازية واللاشرعية التى تقوض حل الدولتين، وبالتالى كل فرص تحقيق السلام، خصوصا بناء المستوطنات وتوسعتها ومصادرة الأراضى وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم.
الزملاء الأعزاء، القدس، درة المدن، وتوأم عمان، هى مفتاح السلام. ومقدسات القدس الإسلامية والمسيحية هى أولوية الوصى عليها، صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثانى ابن الحسين حفظه الله. واحترام حق المقدسيين فى الشيخ جراح وسلوان فى بيوتهم ضرورة للسلم. وتهجيرهم منها جريمة حرب لا يمكن قبولها.
ويجب احترام الوضع التاريخى والقانونى فى المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسى الشريف. فالمساس بالمقدسات هو استفزاز لمشاعر مئات الملايين من المسلمين والمسيحيين.
الزملاء الأعزاء، نؤكد على أهمية دعم السلطة الوطنية الفلسطينية وإسنادها فى جهودها لتلبية حقوق شعبها، وفى مواجهة التحديات الاقتصادية.
ونشدد على أهمية أن يكون صوتنا واحدا، وفعلنا مؤثرا إزاء دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا). فالوكالة تواجه عجزا ماليا يهدد قدرتها الاستمرار فى تقديم خدماتها. سد هذا العجز يتطلب دعماً إقليمياً ودولياً مستداما. وستنظم المملكة ومملكة السويد مؤتمراً دوليا جديدا لدعم الوكالة. نأمل أن يحظى هذا المؤتمر بحضوركم، ودعمكم.
الزملاء الأعزاء، تستمر الأزمة السورية كارثة حصادها الخراب والدمار والقتل وتشريد الأبرياء وتهميش دولة عربية رئيسة. غياب دورنا الجماعى فى جهود وقف هذه المأساة لم يكن يوما مبررا، ولم يعد مقبولا. ونقترح أن نتفق على آلية عمل تفعل دورا مشتركا لنا فى جهود التوصل لحل سياسى للأزمة، يحفظ وحدة سوريا وتماسكها، ويعالج تبعات الأزمة الإنسانية والاجتماعية والأمنية والسياسية.
كما نؤكد على أهمية البناء على ما أنجز على طريق حل الأزمة الليبية، وعلى ضرورة تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات التى تم التوصل إليها لإنهاء الأزمة الليبية.
ونؤكد على أن أمن العراق واستقراره ركيزة لأمن المنطقة. فما حقق العراق من نصر على الإرهاب هو نصر لنا جميعا. وما سيحققه من إنجاز وتنمية هو إنجاز لنا جميعا. ستظل المملكة تدعم العراق الشقيق وجهود حكومته تحقيق طموحات شعبها. وآلية التعاون الثلاثى بين المملكة ومصر والعراق هى تبدى عملانى لقوة العلاقات، وخطوة فاعلة للبناء على التكامل فى مسار يصب حتماً وتصميماً فى تعزيز العمل العربى المشترك.
كذلك يشكل أمن لبنان جزءا من أمننا المشترك. يواجه لبنان الشقيق اليوم تحديات صادمة فى طبيعتها، وفى ما تمثله من مؤشر على الخطر الذى يواجه هذا البلد العربى الرئيس، الذى نأمل أن يعود منارة، وأنموذجاً فى الاستنارة. تدعم المملكة لبنان بكل ما تستطيع. ونؤكد ضرورة حماية لبنان البلد والشعب من المآلات الخطرة التى يواجه.
الزملاء الأعزاء، تابعنا جميعا التطورات فى أفغانستان. ونؤكد أهمية احترام حقوق مواطنيه ومقيميه ومكتسباته.
الزملاء الأعزاء، حل العديد من أزمات المنطقة السياسية يتأثر بعوامل بعضها خارج مساحة تأثيرنا المباشر. لكن تعزيز تعاوننا الاقتصادى حتمى الانعكاس الإيجابى علينا كلنا هو قرارنا نحن.
فى قطاعات الصحة والتجارة والسياحة والاستثمار والتعليم والأمن الغذائى والدوائى ثمة آفاق واسعة لتعاون مؤسساتى لا يحتاج إلا الإرادة والتخطيط والتنفيذ.
التحديات التى تواجه عالمنا العربى كبيرة. لكن الفرص والطاقات والإمكانات التى يملك أكبر. وندعو فى المملكة إلى التحرك العملانى السريع لترجمة هذه الفرص واقعا والإفادة من هذه الطاقات خدمة لمصالحنا جميعا فى هذا الزمن العربى الصعب.
شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.