عرفت مصر نظام المستشارين بعد ثورة 1952، حيث كان يتم تعيين البعض فى الوزارات والمصالح الحكومية فى هذا المنصب كمكافأة لهم، أو كنوع من السيطرة وضبط الإيقاع، وانتشرت الظاهرة وتوسعت أكثر طوال الأعوام الماضية، حيث أصبحت إمبراطورية المستشارين تمثل عبئاً على الجهاز الإدارى للدولة.
ومنذ فترة، أصبحت ظاهرة المستشارين الملحقين بمختلف الوزارات محورا لجدل واسع، عبر عن نفسه العام الماضي عندما تصدي مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الأول حيث تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة لمناقشة هذه الظاهرة.. وتوقف المعنيون باتساع نطاق الاستعانة بهؤلاء المستشارين أمام ارتفاع متوسطات أجورهم دون معايير واضحة.. إضافة إلي الحرية المطلقة لكل وزير في تعيين أي مستشارين يرغب في ضمهم بالرواتب التي يراها مناسبة.
مجلس النواب
طالبت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الأسبوع الماضي، في تقريرها العام عن مشروع الموازنة الجديدة للدولة 3021-2022 بتشكيل لجنة من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة التنمية المحلية ووزارة المالية، لإعادة هيكلة نظام الإدارة المحلية في مصر بما يسمح بوضع الأسس والقواعد العامة لدعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية موضع التنفيذ لحين صدور قانون الإدارة المحلية الجديد.
وطالبت اللجنة في تقريرها، بالالتزام بأحكام المادة 16 من قانون الخدمة المدنية، الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 عند التعاقد مع المستشارين والخبراء من خارج الجهاز الحكومي، على أن يكون التعاقد في أضيق الحدود وبما يحقق أهداف الجهة.
وشدد التقرير على أهمية إعداد قاعدة بيانات شاملة ومتكاملة للفئات المستفيدة من مخصصات برامج الأمان الاجتماعي، خاصة برنامجي تكافل وكرامة وتحديثها أولا بأول، ووضع نظم الرقابة والضبط الداخلي على علميات الصرف وتحديد المسؤولية تجاه صرف أي مبالغ من الاعتمادات المخصصة لتلك البرامج لغير المستفيدين منها، ويتصل بذلك أيضا إعادة النظر في قيمة المساعدات المقدمة للمستفيدين بما يسمح بزيادتها بشكل دوري.
إمبراطورية المستشارين
ولكن على الرغم من مطالبة البرلمان ألا أن إمبراطورية المستشارين أقوى من المجلس والحكومة، فما زال المستشارون منتشرين فى كل الوزارات، حتى بعد تطبيق قانون الخدمة المدنية، إلا أنها فشلت فى تقليص هذه الإمبراطورية التى تتزايد أعداد العاملين فيها، إلى نحو 83 ألف مستشار يتقاضون شهريًا مبلغ مليارى جنيه، ما يعادل 24 مليار جنيه سنويًا على شكل رواتب ومنح وحوافز.
وعلى الرغم فمع كل تغيير وزارى يأتى الوزير الجديد بمستشاريه مع الإبقاء على المستشارين القدامى، ورغم أن الجديد يجبّ عمل القديم إلا أن الرواتب والمكافآت والبدلات لا يتم الاقتراب منها.
ونصت المادة 16 من قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، على أنه يجوز التعاقد مع الخبراء والمستشارين ومع ذوي الخبرات في التخصصات النادرة وتعيينهم في الجهات الحكومية في حالات الضرورة وفقًا لشروط وضوابط محددة.
شروط تعيين الخبراء والمستشارين بالجهات الحكومية، وهي كالتالي:
1- ألا يوجد بالجهة الحكومية، والأجهزة التابعة لها من يملك خبرة مماثلة في التخصص المطلوب ويمكن الاستعانة به.
2- ألا تقل خبرة المتعاقد معه في التخصص المطلوب عن عشر سنوات.
3- عدم الإخلال بالحد الأقصى للدخول.
4- أن يكون التعاقد لمدة أو لمدد لا تجاوز ثلاث سنوات.
5- أن يكون التعاقد بموافقة رئيس مجلس الوزراء، بناءً على عرض الوزير المختص.
أهم شروط وضوابط تعيين أصحاب الوظائف القيادية والإشرافية:
أما فيما يتعلق، بشروط التعيين في الوظائف القيادية والإشرافية، فقد نصت المادة 17 من قانون الخدمة المدنية، على أنه يجب أن يكون التعيين في الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية، في ضوء الشروط التالية :
-أن يتم من خلال إجراء مسابقة يعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية أو النشر في جريدتين واسعتي الانتشار متضمنًا البيانات المتعلقة بالوظيفة.
- أن يكون التعيين من خلال لجنة للاختيار لمدة أقصاها ثلاث سنوات، ويجوز تجديدها بحد أقصى ثلاث سنوات، بناءً على تقارير تقويم الأداء، وذلك دون الإخلال بباقي الشروط اللازمة لشغل هذه الوظائف.
- كما يشترط للتعيين في هذه الوظائف التأكد من توفر صفات النزاهة من الجهات المعنية على أن يستند الرأي بعدم توفرها إلى قرائن كافية، وأسباب جدية، واجتياز التدريب اللازم، ويحدد الجهاز مستوى البرامج التدريبية المتطلبة والجهات المعتمدة لتقديم هذه البرامج.
مناقشة الموازنة العامة للدولة
ومن جانبه قال النائب ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن قانون الخدمة المدنية طالب بتقليص عدد المستشارين داخل الوزارات، لافتا إلى أنه فى كل عام عند مناقشة الموازنة العامة يتم وضع ملاحظة تقليص المستشارين داخل الحكومة حتى يتم تقليل النسبة وترشيد النفقات .
وأوضح وكيل اللجنة، إنه منذ وضع هذه المادة فى وتحجيمها ووضع البرلمان ملحظاتة عند مناقشة الميزانية أصبح الوضع مختلف للغاية وأصبح عدد المستشارين فى الانخفاض بشكل كبير.
وتابع أنه لا نستطيع أن نجزم أنه تم الإنتهاء من تعين المستشارين وخاصة أن البعض لدية خبرة كبيرة ويتم الاستفادة منه والاستعانة به داخل الوزارات.
وقال الدكتور أكرم بدر الدين استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن موضوع المستشارين فى الحكومة والوزارات لا يتعلق بوجود أو عدم وجودهم، وإنما يكون بالاحتياج، إن يكون له احتياج وليس بالمجاملة يقوم بأداء عملة ويتقاضى أجر على هذا العمل.
وأوضح بدر الدين، إن المطلوب من الوزارات إلا يكون هناك أعدادا مبالغة وغير مطلوبة لاحتياجات العمل ويتم تعيين المستشارين وفق للاحتياجات فقط، مشيرا إلى أنه لا نستطيع أن نقول انه نمنع تعيين المستشارين أو التعاقد معهم لأنه يوجد بعض الأشخاص الذين يكون لديهم الخبرات العمليه والفنيات والاستراتيجيات يجب التعاقد معهم للاستفادة منهم فى أمور محددة
وتابع استاذ العلوم السياسية، إن الحكمة من تقليل المستشارين هو تقليل النفقات حتى لا يهدر المال العام الخاص بالمواطنين، فيجب أن يكون التعيين على حسب الاحتياجات وأن يكون مرتباتهم على حسب العمل الذي يؤدونه.
ومن جانبه أوضح الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادى، إن نسبة المستشارين انخفضت بنسبة 80 % خلال السنوات الماضية بفضل قانون الخدمة المدنية.
وأضاف الخبير الاقتصادي، إن تعيين المستشارين فى الوقت الحالي أصبح للضرورة والخبرات ويتم التعيين لعام واحد فقط وبعد ذلك يتم التجديد لهم حسب الاحتياجات والمشاريع لافتا إلى أنه فى السنوات الأخيرة يتم التعاقد مع الفنيين فقط التى يكون فى احتياج لهم.
وتابع أنه يتم التعاقد مع المستشارين المتخصصين التى تحتاج لهم الوزارة لمدة محددة على سبيل المثال فى تنفيذ مشروع بدلا من التعاقد مع مكتب استشاري ياخذ أموال طائلة ، مشيرا إلى أن مرتبات المستشارين فى الآونة الأخيرة أصبحت لا تتعدى 10 آلاف فى الشهر ولكن قبل ذلك كانت تصل إلى 50 ألف جنيه و كانت اكيد الدولة مبالغ كبيرة جدا.