لعل من أهم التطورات الحاصلة في ليبيا هو تولي حكومة الوحدة الوطنية الجديدة مهامها الرئيسية للتوفيق بين غرب وشرق ليبيا وإجراء انتخابات في كانون الأول (ديسمبر) 2021، لكن العاصمة الليبية طرابلس مازالت تواجه تحدياً مستمراً يتمثل بممارسات المرتزقة السوريين والمليشيات المسلحة المتنوعة والتي كانت ترعاها حكومة الوفاق الوطني في السابق.
فالخلافات المتزايدة بين قادة الميليشيات المسلحة، الذين يسيطرون فعليًا على العاصمة بالكامل، تزعزع الإستقرار وتفجر الوضع المتفجر أصلاً بين الحين والآخر. وتجدر الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من الوحدات التي تتكون منها قوات الجيش الليبي ووزارة الداخلية وهياكل السلطة الأخرى هي أجزاء من مجموعة مسلحة أو أخرى، والجميع يتقاتل مع الجميع.
الصراع الأكبر يدور حول تطلعات مليشيات مصراتة والتشكيلات الداعمة لها للسيطرة على طرابلس ومناطق أخرى بالمنطقة الغربية.
تحاول مليشيات طرابلس والزاوية وصبراتة وزوارة ومدن أخرى مقاومتها، لأن مليشيات مصراتة تقدم الدعم للإرهابيين المطلوبين دولياً. ففي الأول من أيار، تحصنت مجموعات كبيرة من تنظيم داعش الإرهابي في عدة مواقع في غدامس، حيث كانوا يتلقون الدعم بالمال والسلاح والطعام والمواد الضرورية الأخرى من ميليشيات مصراتة.
من جهة أخرى، وبحسب تقارير صحفية ليبية، أكدت على أن جماعة الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة، قد أفرجت عن الإرهابي عياد نجيم من سجن معيتيقة، الذي سبق أن إعتُقل بتهمة التعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية. وجاء الإفراج عنه بضغط من عبد الحكيم بلحاج أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة.
وتحاول ميليشيات الردع بذلك خلق صورة بأنهم يقومون بمواجهة الإرهابيين أمام الرأي العام.
في 8 مارس، اعتقلت الميليشيات 6 مواطنين أفارقة من أحد المنازل وأُرسلوا الى سجن معيتيقة واتهموا بصلات مع تنظيم داعش، حيث توجه ميليشيا الردع اتهامات مماثلة لجميع المهاجرين الأفارقة المعتقلين لإعطاء الانطباع بأنهم يحاربون الإرهاب ويسيطرون على الأوضاع في طرابلس. وهذا بالطبع أمر بعيد عن الواقع.
كما أن مشكلة المرتزقة السوريين الذين يصلون باستمرار الى ليبيا من تركيا، لا زالت قائمة، على الرغم من الدعوات الكثيرة والمناشدات العالمية على وقف إرسالهم وإخراج الموجودين منهم على الأراضي الليبية.
ففي 28/ أبريل، وصلت الى قاعدة الوطية الجوية، طائرة نقل من تركيا وعلى متنها مجموعة جديدة من المرتزقة السوريين، تم نقلهم برفقة لواء الصمود على متن 4 حافلات تحوي كل منها 45 مقعدًا إلى تاجوراء، وبعد ذلك أُرسلوا إلى مصراتة.
الى جانب الإقتتال الدائر في طرابلس وعمليات إطلاق النار والنزاعات بين الميليشيات فإن الحديث عن الممارسات والفظائع التي تقوم بها يستمر ويدوم، من عمليات خطف ونهب للمدنيين وإعتقال تعسفي، وممارسات لا أخلاقية من دعارة وتجارة للمخدرات والتهريب والهجرة الغير شرعية. جميعها تؤثر على حياة المواطنين وعلى الحالة الاجتماعية والمعيشية لهم، وتقهرهم في ظروف معيشية سيئة للغاية بسبب ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية الأساسية وانقطاع مستمر للتيار الكهربائي.