"صلة الرحم".. كلمة فقدت الكثير من معانيها في مجتمعنا الحالي، بعدما أصبح الاطمئنان على الأهل والأقارب من وراء شاشة الهاتف المحمول أو جهاز الكمبيوتر أو من خلال رسائل مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من "فيس بوك، أو واتس أب" وغيرهم، أو بمكالمة هاتفية على فترات بعيدة.
وبذلك يكون كل من الآخر أقنع نفسه أنه "واصل للرحم"، أو بزيارة على فترات متقطعة في المناسبات، ولكن هنا سؤال يطرح نفسه أين تجمع العائلات على منضدة الطعام؟، أو التجمع الأسبوعى من خلال يوم محدد تتجمع فيه كافة أفراد الأسرة لمعرفة أخبار بعضهم البعض.
أسئلة تحتاج لمناقشة بعد واقعة الأمس التي حدثت في العامرية التابعة لمحافظة الإسكندرية، وهي الواقعة التي يقشعر لها الأبدان ويشيب لها شعر الرأس.
طبيب أسنان قضى سنوات طويلة يعالج المرضى، تزوج من طبيبة وأنجبا ابنتهم التي قدر لها الله أن تصاب بمرض تأخر عقلي، الصدمة التي لابد وأن تترك أثر نفسي سيء لدى الأم والأب.
الوضع الذي أدخل الأم الطبيبة "بطلة الحدث المرير" في حالة عدم اتزان نفسي، وقررا الانعزال عن المجتمع منذ 10 سنوات حرصا على مشاعر ابنتهما التي ولدت في مجتمع لايرحم من كان مصابا بتلك الأمراض، في الوقت الذي أصيب فيه الأب "طبيب الأسنان" بعدة أمراض مزمنة وأصبح قعيد الفراش.
انعزلت الأسرة عن المجتمع، وخاصة عن الأهل والأصدقاء، حتى أمس عندما قررت شقيقة الزوجة أن تذهب لزيارة أختها "يبدو أن القلق أصاب قلبها" وعندما استقبلتها الطبيبة داخل فيلا بمنطقة العامرية، بدلا من أن تحتضن شقيقتها تعبيرا عن الاشتياق واللهفة لها، بدأت في الصراخ والصياح بصوت عالي حتى تجمعت الجيران لتروى الكارثة.
مرتبة على الأرض في صالة الفيلا عليها جثة متحللة رائحتها كريهة جدا، المنظر الأكثر صدمة للجميع، وما على أحد المتواجدين سوى إخطار الجهات الأمنية التي أتت وكشفت حقيقة الواقعة.
وهي أن الجثة للمدعو "عبدالله.ع.أ.ح"، 64 عاما، طبيب الأسنان، مالك العقار، الذي توفي منذ 4 أشهر وبرفقته زوجته المدعوة "ح.ح.ح" 55 عاما، طبيبة، وابنتهما "ت.ع.ع.ح" 20 عاما، طالبة متأخرة عقليا.
وبسؤال الزوجة التي تبين من إجابتها عدم التوازن النفسي أنها وضعت زوجها أعلى مرتبة بأرضية الصالة اعتقادًا منها أنه على قيد الحياة، وكانت تعطيه الطعام مستخدمة سرنجة طبية.
وبسؤال شقيقتها أقرت قائلة: "حضرت لزيارة شقيقتي وفوجئت بزوجها متوفي، وجثته مسجاة أعلى مرتبة بصالة الفيلا سكنهم، فى حالة تحلل كامل".
وأشارت إلى أنها أصيبت بصدمة وتجمع الجيران على صراخها وأخطروا الشرطة، مشيرة إلى أن أسرة شقيقتها تعيش في عزلة منذ 10 سنوات.
وأضافت شقيقة الزوجة، أن طبيب الأسنان كان يُعاني من عدة أمراض مزمنة، وشقيقتها منعزلة عن المجتمع وغير متزنة وتعاني من أمراض نفسية وعصبية، وابنتهما متأخرة عقليا.
وما على الجهات الأمنية سوى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، لتسجيل نهاية أسرة عاشت سنوات كانت من عائلات المستويات الراقية في المجتمع وانتهت بشكل مؤلم.