يجلس على مقعد خشبي قديم بين أربع جدران متهالكة، أمامه ماكينة بدائية الصنع لتفريغ قطع خشبية على شكل لوحات فنية، باستخدام يديه مبتورة الكف وقدمه، غير مبالى بعدد الساعات حتى ينتهى من العمل المطلوب منه.
برغم صعوبة مهنة "الأركت" التى تحتاج إلى مجهود بدنى ودقة فى العمل، خاصة وأنه ذوى احتياجات خاصة إلا أنه اختارها منذ الصغر، وأصبحت مصدر رزقه متحديا بنجاح قدراته البدنية التى قد يراها البعض أنها محدودة.
"رضا محمود الأجهورى"، أب لأربع أبناء، يبلغ من العمر ٤٦ عاما، من قرية بلقينا، التابعة لمركز المحلة الكبرى، بمحافظة الغربية، حاصل على شهادة تأهيل كونه مبتور اليد اليمنى وكف اليد اليسرى والأصبع الأكبر من القدم اليمنى منذ ولادته، لم تسمح له ظروفه الاجتماعية للحصول على القدر الكافى من التعليم كونه الأبن الوحيد لأبويه، وعمل فى مجال "الأركت" وتصميم رسوماته منذ ١٧ عاما حرص فيهم على إنتاج كم لا بأس به من لوحات فنية مختلفة.
عشق "رضا" فن الرسم منذ نعومة أظافره، وكانت بدايته فى مركز شباب بلقينا الذى دعمه وكان له الحصن الأمين لاستكمال مشواره، فحصل على المركز الأول في إحدى المسابقات الرسمية، وعمل على تطوير موهبته بفضل بعض أصدقائه العاملين فى مجال الأركت، وقرر شراء ماكينة صغيرة بدائية الصنع للعمل عليها داخل منزله الصغير، حيث يقوم بتصميم الرسمة وتفريغها بالماكينة، وكانت أولى الصعوبات التى واجهها كيفية تشغيلها بطريقة تتناسب مع إعاقته.
لم يتمكن فى بداية الأمر من العمل بسهولة، لذلك عمل بمقولة "الحاجة أم الاختراع "، وبالفعل قام بتعديل الجزء الخاص بتشغيل ماكينة الأركت، وباستخدام يد واحدة مبتورة الكف وقدميه معتمداً على نفسه بالكامل بدأ مشواره فى هذا المجال الشاق متحدياً خيبات الأمل التى مرت عليه فى بعض الأوقات، وظل يعمل لمدة ١٧ عاما على هذه الماكينة نظرا لعدم قدرته المادية لشراء غيرها.
تميز عم "رضا " فى مجال الأركت حيث كان يجمع مخلفات الورش ويعيد تصنيعها من جديد لتخرج لوحات فنية منها أيات قرآنية ومجسمات ورسومات مختلفة الأشكال، فلا يوجد أى تصميم صعب عليه، ودائم البحث عن كل ماهو جديد ما جعل الزبائن والنجارين تأتى له من جميع قرى ومدن المحافظة، إلا أن الحال تبدل منذ بداية جائحة كورونا.
توقف ابن قرية بلقينا عن العمل وانقطع مصدر رزقه الوحيد، وساهم أيضا فى ذلك رعايته لوالدته المريضة بالربو ووالده المصاب بالسرطان، ولكن بعد مرور شهور واصل عمله على ماكينة الأركت مرة أخرى، وهو يعيش الأن بالكاد متحملاً برجولة جميع مسئولياته الاجتماعية، بل يحلم بتصميم التاريخ الإسلامى فى صورة لوحات أركت ولكنه يحتاج لمكان مناسب وماكينة تعمل بالحاسب الألى لتوفير الوقت والمجهود البدنى.
لم تتوقف أحلام "رضا الأجهورى" عند هذا الحد بل يأمل فى إنشاء ورشة كبيرة لتعليم الشباب ذوى الاحتياجات الخاصة فن الأركت وللاعتماد على أنفسهم، ويطالب الجهات المعنية بتبني مشروعه الذى يساهم فى تشغيل عدد من الشباب.
موضوعات ذات صلة
على متن يخت.. ياسمين صبري تخطف قلوب متابعيها (صور)
بعد غياب| شريف منير يعود للسوشيال ميديا.. وإسعاد يونس تعلق
بـ"فستان أسود".. وفاء عامر تخضع لجلسة تصوير جديدة