قامت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين بالبدء في وضع علامات التباعد في ساحات المسجد الحرام، وذلك استعداداً لموسم الحج 1441 واستقبال المصلين والزائرين.
وأظهرت عددٌا من الصور علامات التباعد والتي تقدر بمسافة متر ونصف بين كل مصلٍّ وآخر، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي كورونا خلال موسم الحج.
وكانت المملكة قد قررت اقتصار موسم الحج هذا العام على المواطنين والمقيمين داخلها من كافة الجنسيات، ونشرت الضوابط المنظمة لذلك.
بعد قرار الفتح.. خطيب المسجد الحرام يوصي بتلك التعليمات (فيديو)
أوصى الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، أن المصليين يجب أن يراعوا التعليمات وأن يلتزمون بها ولا تجعلهم فرحة إعادة فتح المساجد ينسون خطورة الإصابة بفيروس كورونا.
وأكد "بن حميد" في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام بمكة المكرمة، أن هذا الالتزام، يأتي حفاظًا على السلامة العامة وصحة الجميع، بعدما من الله على المسلمين بإعادة فتح المساجد وإقامة صلاة الجمعة والجماعة، وتأملوا كيف ظهرت عليهم الفرحة والبهجة والسرور حين عادوا إلى مساجدهم بعد أن اجتاحتهم هذه الجائحة، سائلًا الله أن يعجل بزوالها، ويمنَّ ويتفضلَ برفعها إنه سميع مجيب.
وأضاف أنه إذا كانت مجالس الملوك وعليةِ القوم والأماكنُ المحترمة يجتنب فيها رفعُ الأصوات، وكثرةُ الضجيج، والحركاتُ ، والألفاظُ غير المسؤولة، فانظر إلى ما جاء به هذا الدين لرفعة بيوت الله، فقد طلب فيها أخذ الزينة، والمجيَء إليها بسكينة ووقار ، والانتظامَ في الصفوف وتسويتَها، وعدَم تخطي رقاب الناس، واجتنابَ الروائح الكريهة ، ورفعِ الأصوات، والمشاحنات، وإنشادِ الضوال.
واستشهد بما رواه مسلم في الحديث: "ليليني منكم أولوا الأحلام والنهي، ثم الذين يلونهم، وإياكم وهيشات الأسواق"، مشيرًا إلى أنه لو حدَّثت المساجد أخبارها حين غاب عنها رجالها، تحدث أخبارها عن متوضئين، متطهرين، مبكرين، في الظلم مشائين، وإلى الصفوف الأولى مسارعين، بالركوع والسجود مشتغلين، وبالتلاوة والأذكار مشغولين، ممن يؤمن بالله واليوم الأخر ولا يخشى إلا الله .
وشدد على ضرورة حسن ظننا بربنا ، منوهًا بأن المسلمين وقد جاءتهم هذه الجائحة فمنعتهم المجيء إلى مساجدهم ، نحسب أنهم من الذين تعلقت بالمساجد قلوبهم، فكان فيهم هذا الشوق، ومنهم هذا الحنين، مؤكدًا أن ذلك حبُّ المساجد، حبُّ بيوت الله، فالمؤمن يحب ما يحبه الله ورسوله، ويبغض ما يبغضه الله ورسوله، ومن أظهر دلائل الحب أن يكون الرجل معلقا قلبه بالمساجد .
وتابع: وجليس المسجد له ثلاث خصال: "أخ مستفاد، أو كلمة حكمة، أو رحمة منتظرة"، مهنئًا من يحظى بهذا الوصف الجميل، وينعم الله عليه بهذا النعت الكريم من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" ، "ومن غدا إلى المسجد أرواح أعد الله له نزلًا في الجنة كلما غدا أو راح" متفق عليه .
ونبه إلى أنه في مقابل هذه الفرحة والاستبشار والذي يحظى به هؤلاء الأخيار حين يتوافدون على بيوت الله يقابلهم فرح الله عز وجل بهم عائدين إلى بيوته، مصلين في رياضه، مسارعين إلى رضوانه ، مشيرًا إلى أن المساجد في الإسلام هي مصانع الرجال، ومعامل الفتوة، بين صفوف المصلين, وفي محاريب الأئمة، تبنى مكارم الأخلاق، وتنسج خصال المروة، وتبلى معادن الرجال، فتزكو عقول الرواد، أنهم الرجال الذين يُحكِمون السيطرة على نفوسهم وأهوائهم، وعدمِ الانقياد وراء ملاذ النفوس وزخارف الدنيا.
واستطرد: ولم يُعرف في ديوان أي حضارة ولا سجل أي ثقافة معلمٌ أثر في مسار الإنسانية واستنفذها كمثل المسجد في حضارة المسلمين، فقد أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقر اجتماعهم، ومركز مؤتمراتهم، ومجلس تشاورهم، وميدان تآلفهم ، وتعارفهم، إنه المدرسة ، والمعهد ، والجامعة ، ومركز التدريب ، في أرجائه كان التقاضي ، وبين أروقته كان التشاور ، ومن محرابه كانت القيادة.
وأكد أن المسجد قلعة الإيمان، وحصن الفضيلة، وليس زاوية العاطلين، ولا متكأ المترهبنين، وهي قلاع شامخة، وحصون محصنة، تقي المسلم والمجتمع من مصارع السوء، وتحمي من مسالك الرذيلة، ودعاة الخبث والخبائث في الحديث المتفق عليه: "إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان، وله ضراط حتى لا يسمع الأذان", كما أن المسجد قلب المجتمع، ومركز البلد، وملتقى المؤمنين، فيه تتنزل الرحمات، وترتل الآيات، وتغفر الزلات، وبها يجتمع أولياؤه، وتذكر أسماؤه، وتوهب آلاؤه .