الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من أقرب القربات وأعظم الطاعات، وهو أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ترفع الكرب والبلاء وتزيل الهم والغم، وتشرح الصدور وتصرف وساوس الشيطان.
الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- أمرا إلهيا ورد ذكره في القرآن الكريم، وخاطب الله تعالى المؤمنين في كتابه الحكيم في أكثر من آية وأكثر من موضع ليحثّهم على الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلّم-.
فضل الاكثار من الصلاة على النبي يوم الجمعة
هناك عدة صِيغ للصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وذكر العلماء أن أفضلها هي الصلاة الإبراهمية : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
فضل الاكثار من الصلاة على النبي يوم الجمعة
اللهم صلّ على سيدنا محمد، صلاة العبد الحائر المحتاج، الذي ضج من كل ضيق وحرج، فالتجأ إلى باب ربه الكريم، ففتحت له أبواب الفرج».
الصلاة النارية لتفريج الكروب:
"الصلاة النارية" أو "التازية" أو "التفريجية" أو "القرطبية" فهذه كلها أسماء لنفس الصيغة من صيغ الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، فقد سميت "الصلاة "التازية" نسبة إلى بعض أهل الله واسمه السيد "إبراهيم التازى"، وسميت الصلاة "التفريجية" نظرا لحدوث الفرج الشديد على من يواظب عليها، كما سميت بالصلاة "القرطبية" نسبة للإمام القرطبي، وأخيرا سميت بالصلاة "النارية" تشبيها لسرعة تأثيرها وتحقق المطلوب ببركتها بالنار فى سرعة حركتها.
والصلاة النارية ليست بركوع ولا سجود، إنما هى صيغة من صيغ الصلاة على النبى محمد صلى الله عليه وسلم، والتى يقول فيها المصلى: «اللهم صل صلاة كاملة وسلم سلاما تاما على نبىٍ تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله»، وقد ورد العديد من الصيغ ولكن هذه هى الصيغة التى تعلمها الكثير من المشايخ.
هذه الصيغة يصلى به العبد عندما يكون له حجة عند الله بأى عدد يستطيعه، وإذا أراد أن يعمل بنفس العدد كما عمل بها العلماء والمشايخ فيرددها "4444"، يعنى هذا أن يرددها المصلى بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم "أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعون مرة"، ولا زيادة فى هذا العدد ولا نقصان.
وهذه الصلاة وردت فى كتب الصلوات وكتب الأدعية وتلقاها العلماء بالقبول، وهذه الصلاة لا يلزمها التتابع فى نفس المرة، كما يجوز اشتراك أكثر من شخص فى أدائها على الهيئة المذكورة، كما أكد العلماء الكبار على أن تحقيق الصلاة فى جلسة واحدة أو عدة جلسات بها تكون قوة الذكر، لذلك يجوز الجمع أو التفريق.
ولم يرد فى كتاب الله من يحرم صيغة هذه الصلاة، بل على العكس فقد ورد فى الآيات فضل الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بشكل مطلق كما جاء فى قوله الكريم: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» [الأحزاب : 56]، فلم يقيدنا العزيز الرحيم بصيغة معينة وحرم علينا صيغة أخرى.
وكذلك ورد فى السنُة المطهرة فى تفاسير شُراح الحديث بجواز إحداث ذكر فى العبادة بشرط أن لا يخالف المأثور، كما جاء فى الحديث الشريف: عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ: «كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» رواه البخاري.
صيغ وعبارات الصلاة على النبي
- أولًا: الصلاة الإبراهيمية: وهذه الصلاة (الإبراهيمية) تعتبر ركنًا من أركان الصلاة، حيث يختم المصلي صلاته بها متضرعًا بها رب العالمين تقبّل صلاته، وهذا دلالة على مدى مكانة وثواب وعظمة الصلاة على النبي - صلى عليه الله وسلم- عند الله تعالى وفي ديننا الأحنف.
- ثانيًا: «اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صلاه تفتحُ بيننا وبينه فتحًا مبينًا».
- ثالثًا:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلَى اللِهِمْ وَصَحْبِهِمْ أَجْمَعِينَ».
- رابعًا:«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ بِعَدَدٍ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرْتَ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا تَنْبَغِي الصَّلاَةُ عَلَيْهِ».
مواطن الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلّم-:
1- الصلاة الإبراهيمية (التشهد الأول والأخير): يقرأ المسلم في صلاته عند الجلوس الأخير قبل التسليم الصلاة الإبراهيمية.
2- ليلة الجمعة ويومها: يستحب ويفضّل للمسلم أن يكثر من الصلاة على النبي يوم وليلة الجمعة لما لها من فضل ومضاعفة في الأجر.
3- عند الآذان والإقامة: حثّ النبي - صلى الله عليه وسلّم - على الصلاة عليه عند سماع الآذان.
4- عند القيام من المجلس : فقد حثّ الرسول - صلى الله عليه وسلّم- على تضمين كل مجلس بذكر الله تعالى والصلاة عليه.
5- عند ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم-: ومن المتعارف عليه بين الناس نعت من يذكر أمامه وعلى مسامعه اسم النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يصلِ عليه بالبخل.
6- في الصباح والمساء: فيجب على المسلم أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلّم - صباحًا ومساءً عشر مرات؛ ليدرك شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة.
7- الدعاء: من شروط الدعاء الصحيح البدء بالحمد الله والثناء على الله تعالى والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم يبدأ بالدعاء حتى يتقبّل الله تعالى الدعاء بالإضافة إلى تضمين وختام الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم -في الدعاء.
8- بعد التكبيرة الثالثة من صلاة الجنازة: فإن صلاة الجنازة يتخللّها ذكر الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلّم- وذلك بعد التكبيرة الثالثة.
فضل الصلاة على النبي
عن عمر قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول وصلوا عليّ فإنه من صلّى عليّ مرة واحدة صلى الله عليه عشرًا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة» [رواه مسلم]. قال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلّى عليّ حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي» [أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرًا» [رواه مسلم وأحمد والثلاثة].
وعن عبدالرحمن بن عوف قال: أتيت النبي وهو ساجد فأطال السجود قال: «أتاني جبريل وقال: من صلّى عليك صليت عليه ومن سلّم عليك سلمت عليه فسجدت شكرًا لله» [رواه الحاكم وأحمد والجهضمي وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه.
وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتاني آت من ربي فقال: ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرًا» فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك! قال: «إن شئت» قال: ألا أجعل ثلث دعائي!. قال: {إن شئت}. قال: ألا أجعل دعائي كله قال: {إذن يكفيك الله هم الدنيا والآخرة» رواه الجهضمي.
وعن عبدالله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لله ملائكة سياحين يبلغونني من أمتي السلام» [رواه النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلّى عليّ واحدةً صلّى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات» [رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم]. وعن ابن مسعود مرفوعًا: «أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة» [رواه الترمذي وقال حسن غريب رواه ابن حبان].
وعن جابر بن عبدالله، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له الشفاعة يوم القيامة» [رواه البخاري في صحيحه].
فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة
أولًا: يؤجر المصلي على النبي - صلى الله عليه وسلّم- بعشر حسنات.
ثانيًا: يرفع المصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر درجات.
ثالثًا: يغفر للمصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم- عشر سيئات.
رابعًا: سبب في شفاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- له يوم القيامة.
خامسًا: يكفي الله العبد المصلي على رسول الله ما أهمّه.
سادسًا: تصلي الملائكة على العبد إذا صلى على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.
سابعًا: الصلاة على النبي تعتبر امتثالًا لأوامر الله تعالى.
ثامنًا: سبب من أسباب استجابة الدعاء إذا اختتمت واستفتحت به.
تاسعًا: تنقذ المسلم من صفة البخل.
عاشرًا: سبب من أسباب طرح البركة.
الحادي عشر: سبب لتثبيت قدم العبد المصلي على الصراط المستقيم يوم القيامة.
الثاني عشر: التقرّب إلى الله تعالى.
الثالث عشر: نيل المراد في الدنيا والآخرة.
الرابع عشر: سبب في فتح أبواب الرحمة.
الخامس عشر: دليل صادق وقطعيّ على محبّة رسول الله - صلى الله عليه وسلّم-.
السادس عشر: سببٌ لدفع الفقر.
السابع عشر: تشريف المسلم بعرض اسمه على النبي- صلى الله عليه وسلّم-.
الثامن عشر: سببٌ لإحياء قلب المسلم.
التاسع عشر: التقرّب من الرسول - صلى الله عليه وسلم- منزلةً.
العشرون: لا يقتصر فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم-، على هذه الفوائد فقط بل تتعدى لتصل إلى مئات الأفضال التي تعود على المسلم بالنفع والخير في الدنيا والآخرة.