قال حسن إسميك رئيس مجلس أمناء مركز إستراتيجكس للدراسات والأبحاث، إن الشعوب العربية كانت قبل قرن من الآن تطمح إلى تشييد كيان سياسي أو اتحاد يجمعهم، ولكنهم اكتفوا بعد رحيل المستعمرين بإنشاء جامعة الدول العربية، كمظلة تجمعهم على شكل اتحاد كونفدرالي؛ بحيث تحتفظ كل دولة باستقلالها الوطني وسيادتها الوطنية، على أن ينسقوا فيما بينهم بمختلف القضايا.
وأشار إسميك، إلى أن وضع الجامعة العربية الآن؛ لا يُسرّ عدواً ولا صديقاً، بسبب الاختلافات بين الدول الأعضاء، في مواضيع كثيرة تعكس عمق الانقسام في العقل الجمعي للعرب، بحيث يكاد يصدق علينا ما قاله المفكر السعودي الراحل عبدالله القصيمي حين وصف العرب بأنهم " ظاهرة صوتية"!.
وأوضح المحلل الاستراتيجي حسن إسميك، أن عدم حل الأزمات العربية بسرعة أدى إلى إتاحة الفرصة لبعض القوى الإقليمية، كإيران وتركيا، في التدخل في ملفات عربية، كان يجب أن تعالج عربيا، مثلما يحدث من اضطرابات وتدخلات خارجية في سوريا.
وشدد على ضرورة أن نعي خطورة التشرذم الذي يخدم الطامع فينا كعرب، فما زالت قضايانا بحاجة إلى معالجات سريعة ومواقف جريئة لعلها تساهم في تضميد جراح بعض دولنا التي ما زالت تنزف، وتسد باب التدخلات الإقليمية والدولية في شؤوننا، وذلك "لإنقاذ ما يمكن إنقاذه»، ونفشل مخططات" إيران وتركيا" التي تريد عودة أمجادها الإمبراطورية السابق، حيث استغلوا الواقع العربي المأزوم في وضع موطئ قدم لهما في بعض دوله، وكل ذلك يحدث دون رد فعل سياسي عربي كابح لتدخلات هاتين الدولتين.
تابع: سؤالي هنا بعد كل هذا الذي جرى ويجري هل يمكن للعرب أن يسلكوا طريقا ثالثا؟ قائلا؛ أحسب أن الأمة التي تستسيغ تكرار أخطاءها هي في طريقها إلى غياهب المجهول؛ فالعالم من حولنا تغير ويتغير إلا نحن كأن سنة التغيير لا تجري علينا أو لا تشملنا!، لقد سقطت إمبراطوريات قديمة وحديثة ودول عظمى وظهرت أخرى، واستفاقت شعوب ونهضت من بين ركام الدمار في سنين معدودة، فما بال شعوبنا مصرّة على النكسة تلو النكسة والصعود نحو الهاوية؟
وأكد حسن إسميك، على أهمية انتهاج استراتيجية تسوية الخلافات التاريخية وسلوك طريق ثالث سواء بين العرب أنفسهم، أو بين العرب والأطراف الإقليمية بما فيها دولة الاحتلال إسرائيل، من شأنه أن يخرج منطقتنا العربية من وضعها البائس، ومن دائرة الخيارات الضيقة إلى أفق أرحب ومفتوح، منوها بأن التمترس خلف خيارات وممارسات ثأرية تكتيكية على حساب الأمن القومي والاستراتيجي لمنطقتنا، فإنه سيجعل العرب كالريشة في مهبِّ الرِّيح.
ولفت المحلل الاستراتيجي حسن إسميك، إلى أن العرب بحاجة ماسة إلى اتخاذ خطوات فعالة وجريئة تعالج مختلف الملفات في منطقتنا العربية، على قاعدة أن السياسة هي "فن إدارة المصالح»، ولا ضير في أن تختلف وجهات نظرنا حول قضية ما ولكن المأمول هو أن نتجاوز سياسية "دفن الرأس في الرمال"؛ لأن الكوارث بكافة أشكالها لا تعرف حدوداً ولا حواجز وما جائحة كورونا عنا ببعيد، فهل يسلك العرب طريقاً جديداً في إدارة خلافاتهم بحيث يتمكنوا من "تدوير الزوايا الحادة»، والابتعاد عن خيار اللعبة الصفريّة؟.