في مكان بسيط أعلى سطح منزل يجلس الأب ذو السبعون عاما، يبدو عليه علامات الانكسار بجواره زجاجة مياه فارغة والحشرات تلتهم جسده المريض بعد أن تركوه أبنائه الأربعة الذين أنتزعت من قلوبهم الرحمة دون رعاية.
عم "شداد طلبه" الذى يبلغ من العمر ٧٨ عاما، كان يعمل عامل باليومية بمدينة المحلة الكبرى، بمحافظة الغربية، لم يجد من يحنو عليه بعد أن تعرض لكسر في الفخذ الأيسر نتيجة سقوطه غفوة، ووجدوا أبنائه أنه حمل ثقيل عليهم، وقرروا التخلص منه وإلقائه مريض لم يستطيع خدمة نفسه أعلى سطح منزلهم بقرية كفر حجازى في "عشة " بعروق خشبية أصبحت فيما بعد مسكنه.
والتقت "بلدنا اليوم"، مع الأب المكلوم، يشكو الشقاء والتعب ملامح وجهه حزنا على ما ضاع من عمره ليكشف حجم المعاناة التي يتعرض لها يوميا بسبب مرضه وإهمال أبنائه في رعايته بلا شفقة، وقال بصوت خافت ومرتجف: "أصبحت الأن مذلولا للبشر وأنا في سن كبير لا استطيع خدمة نفسي وكنت انتظر بعد هذا العمر بِر أبنائي ورعايتهم، خاصة بعد أن تعرضت لكسر في عظمة الفخذ منذ ٤ شهور بالقدم اليسرى وبسبب الإهمال تطورت حالتي إلى الأسوأ ولم أتمكن من الحركة وأصبحت جليس الفراش".
وتابع عم شداد قصته الحزينة، أنا كنت عامل باليومية، وأسكن في شقة إيجار وحيد بعد وفاة زوجتي، وليس لي مصدر دخل آخر الأن سوى معاش تكافل وكرامة قيمته ٤٠٠ جنيه فقط، وبعد الحادث بسبب ظروف مرضي أصحاب المنزل طردوني وذهبت إلى نجلتي لكنها رفضت رعايتي وباقي أبنائي بزعم حالتهم المادية السيئة والمعيشة الصعبة، ما جعلني أسكن في "عشة " بالعروق الخشبية فوق سطح المنزل لتصبح محل إقامتي.
ولفت الأب السبعيني، إلى أن بعد الحادث الطبيب أقر بإصابتي بكسر في عظمة الفخذ وأحتاج إلى عملية لتركيب شريحة ومسمامير وبالفعل ذهبت إلى مستشفى جامعة طنطا لإجرائها ولكن نتيجة للإهمال وعدم المتابعة لم يستكمل العلاج، وتسبب ذلك في إعاقة بالحركة ولحام خاطئ في العظمة المكسورة وآلالم مستمرة في القدم اليسرى، مضيفا: "أنا أعيش في هذا المكان لا أحد يسأل على صحتي أو يرعاني وفي بعض الأحيان اتبول على نفسي".
وبنبرة خافتة تعلوها الشجن، أوضح عم "شداد"، "أنا معرض في أي لحظة للإصابة بقرحة الفراش أو جلطة بسبب عدم تمكني من الحركة أو قضاء حاجتي هكذا أكد لي الطبيب المعالج"، لافتا أن أهل الخير عندما علموا بحالتي وتكفلوا بمصاريف علاجي بالإضافة إلى الوجبات اليومية المقدمة منهم، وكل ما اتمناه هو الرعاية الطبية الصحيحة لكي استطيع الحركة بصورة سليمة.
ومن جانبه أكد محمود أبو فرج طبيب العظام المشرف على حالة عم "شداد"، أن حالته الصحية سيئة بسبب الإهمال فى التعامل السريع مع الأصابة بالكسر بين مدورى عظمة الفخذ، وكان منذ البداية يجب وضعه في الجبس أو إجراء عملية تثبيت الكسر بواسطة شريحة ومسمامير، ولكن هذا لم يحدث وبعض أهل الخير قاموا بنقله مؤخرا لمستشفى جامعة طنطا لعرضه على لجنة ثلاثية لتقرر من خلالها إمكانية إجراء عملية التثبيت من عدمه بعد الأطلاع على الأشعة المقطعية المطلوبة على الحوض وأشعة مقطعية أخرى على الطرف السفلى المصاب، بالإضافة إلى تحاليل الإنيميا وصورة كاملة للدم.