شمالي: حاولت إسرائيل في مسلسل فوضى تجميل صورة الاحتلال
مصطفى: "النهاية" عمل درامي إبداعي يعود إلى المؤلف وحرية الفكر
فوزي: ليس من خارجية الاحتلال توجيه اللوم أو النقد لأي إبداع أو عمل درامي
على ما يبدو أن الماراثون الرمضاني في مصر مختلف 180 درجة عن غيره، ليس لكم المسلسلات الهائل فقط في هذا الموسم، ولكن أيضا لأن به بعض الأعمال الدرامية أثارت عاصفة في قلب دولة الاحتلال والتي جعلت وزارة الخارجية الإسرائيلية تصدر بيانا غاضبا، وكان على رأس تلك المسلسلات هو مسلسل "النهاية" بطولة النجم يوسف الشريف.
وعلى نفس النهج أيضا كان هناك مسلسل خليجي من الدرجة الأولى وهو بطولة الفنانة "حياة الفهد" والذي جاء تحت مسمى "أم هارون" والذي ما إن تم عرض أولى حلقاته ضمن الماراثون الرمضاني، إلا وأنه كان قد تصدرر محركات البحث ونال عاصفة من الغضب لإتهام البعض بأن هذا المسلسل يتجه نحو التطبيع، فيما قام المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، وأوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بنيامين نتنياهو، بالحديث عن هذا المسلسل وأهميته.
وفي سياق منفصل، نجد أن إسرائيل نفسها وخلال الدراما الخاصة بها، كانت قد حرصت على تجميل صورة فرق الموت الإسرائيلية وهم وحدة "المستعربون" أما عن هوية هؤلاء المستعربون فهي عبارة عن كنية كان قد تم إعطائها إلى رجال عصابات إسرائيليين وأفراد وحدات خاصة ، حيث أن هؤلاء الأشخاص يتخفوا بلباس عربى ويحاولون التقرب في الشبه من العرب ومن ثم يبدأوا في رصد تحركاتهم إلى أن يوشوا بهم، فهم عبارة عن وحدات أمنية سرية وخاصة تابعة لشرطة الاحتلال.
ومع الضجة والبلبلة التي حدثت منذ الأيام الأولى من شهر رمضان الفضيل بسبب بعض المسلسلات، كانت قد حرصت "بلدنا اليوم" على انتقاء أراء الخبراء والمتخصصين للإجابة عن بعض الاستفسارات المهمة ومن بينها، هل حقا أصبحت الدراما المصرية مصدر قلق للكيان الصهيوني؟ وكذلك ما مصير اتفاقية السلام والتي ورد ذكرها في بيان الخارجية الإسرائيلية الغاضب؟ وما هو الغرض من تجميل صورة فرق الموت الإسرائيلية؟.
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة إلهام شمالي، باحثة في مركز التخطيط الفلسطيني:" المسلسل الاسرائيلي فوضي بجزئه الثالث الذي يعرض على قناة عالمية تسمى" نيتفليكس" حول فرق الموت المنظم ما هو إلا محاولة لتجميل صورة دولة الاحتلال بالتضليل والكذب، فالجميع يعرف دور عصابات المستعرفيم أو فرق الموت ودورها الإرهابي الذي مارسته منذ أن شكلت هذه الوحدة في ثلاثينيات القرن الماضي، حين تتنكر بالزي العربي لتنفيذ عمليات اغتيال واعتقالات لا زالت تمارسها حتى اليوم، ومن المعروف أن هذه الوحدة عناصرها من ذوي ملامح شرقية، يمارسون عمليات الخطف في التظاهرات التي وقعت في الأراضي، وأهم هذه الوحدات دوفدفان المعروفة بحرس الحدود، وكذلك وحدة متسادا التي تعد واحدة من وحدات النخبة التابعة لجيش الاحتلال ، ووحد غدعونيم التي خصصت للعمل في مدينة القدس".
وتابعت الباحثة الفلسطينية:"المسلسل في جزئه الثالث يتحدث عن أسر اثنين من الاسرائيلي لدى حركة حماس في قطاع غزة، ولكنه لا يعرض كيف تم أسر هؤلاء الجنود الذين امطروا قطاع غزة بقذائف الفسفور، ومما لا شك فيه أن هذا مسلسل عن جرائم الحرب، كتبه الجناة أنفسهم، وشارك فيه شخصان متورطان ومشاركان بهذه الجرائم ، وعرضه على شبكة دولية مثل نيتفلكس هو نوع من التطبيع والموافقة الصريحة على الجرائم الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وعمليات التطهير العرقي الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني، فالمسلسل يصور الفلسطينيون على أنهم إما ارهابين أو مناصرين للإرهاب، وأن الاسرائيلي هو البطل، مسلسل لتبرير جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وأن المقاومة إرهاب وفوضى، الفلسطيني على أنه خائنه لوطن استمرار لرواية الاسرائيلية أنهم باعوا أرضهم لدولة، التي أشاعها المؤرخون الصهاينة في القرن الماضي كي لا يجد الفلسطيني أي تعاطف عربي أو دولي مع قضيته".
ورأت "شمالي أن مسلسل "فوضى" الإسرائيلي يعد من أخطر المسلسلات التي تحاول ضرب الوعي العربي، قائلة :"محاولة بائسة للعب بعقول الشباب العربي ، كون يبرز المستعرب هو الجندي الاسرائيلي المتخفي بالزي العربي، بالمظلوم وكذلك البطل المدافع عن دولة ليتعاطف معه المشاهد، خطورة المسلسل الإسرائيلي أنه بدأ ينتقل إلى بعض الدول العربية ، وأخذ رواج مع استفحال جائحة كورونا، وسياسة الحجر الصحي فوصل المرتبة الاولى في لبنان والثالثة في دولة الامارات، والسادسة في الأردن، وهذه الزيادة فاجأت حتى منتجي المسلسل الاسرائيلي نفسه ، بسبب استخدام اللغة العربية فيه ، فشكل هذا المسلسل أول تواصل مع المشاهد العربي، الذي اعتبره الإسرائيليون أنه كان وسيلة فعالة للتواصل مع العالم العربي كانت غائب عن ذهنهم".
وعن دور أفيخاي وجندلمان، فقالت "شمالي":" من المعروف ان كلا من افيخاي دري اوفير جندلمان من أصحاب الصفحات التي أخذت رواجاً في عالمنا العربي، فعدد المتابعين لهم تعد مئات الألاف ودورهم معروف في تبرير الإرهاب الإٍسرائيلي الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني، فهما يفعلنا كل ما بوسعهما لإلصاق تهمة الخيانة وعدم الوطنية بالفلسطيني، ثم أن أفيخاي درعي وجندلمان لا يمثلان رأي أشخاص بل هو طرح المؤسسة الإٍسرائيلية وروايتها، ومن قبل الاعلان عن صفقة القرن، فصفقة القرن بالصورة التي طرحتها بها هي اعتبار دولة الاحتلال دولة أولى في المنطقة العربية لها قوتها وقبولها في الدول العربية ، وهذا المسلسل يحاول إظهار الفلسطيني وهنا اقصد فلسطينيو الداخل بأنهم يتمسكون بدولة اسرائيل ويجندوا في جيش الاحتلال، على الرغم من الكثير رفضوا التجنيد في الجيش الإسرائيلي".
وعند طرح سؤال حول رأيها حول مسلسل هارون، فقالن "إلهام":" فيما يخصل مسلسل أم هارون أولا علينا أن نعي أن عدد اليهود في الخليج العربي لم يكون رقم يمكن اعتبارهم فيه أقلية، حتى الكويت نفسها لم يكن يتواجد بها أكثر من 50 يهودي عام 1890 وأغلبهم وصلوا الكويت من الهند وإيران والعراق ثم البحرين فالكويت، فرحيلهم من مواطنهم الأصلي العراق للكويت جاء للعمل في التجارة ولكنه لم يكن ثابتا فهم متنقلون مع تجارتهم ، والحد الاقصى لعددهم في الكويت لم يتجاوز 200 شخص على أكثر تقدير، فحسب المؤرخ الكويتي عبد العزيز الرشيد أشار أن عدد أهل الكويت وصل ثمانين ألفاً، منهم 150 يهودي عام 1926، أي أن وجود اليهود في الكويت كان وجود محدود، ولم تكن لهم مساهمات فعلية في الحياة الكويتية أو حتى في الخليج العربي منتصف القرن التاسع عشر ، ثم أنهم لم يتعرضوا لأي أذى أو اضطهاد سياسي أو ديني أو عرقي، حتى هجرتهم إلى فلسطين بمعرفة الوكالة اليهودية في سنوات الأربعينات".
وتابعت:"يبدو أن ما يطرحه المسلسل مقدمة لما تروج له دولة الاحتلال من مطالبات استناداً لما ورد في صفقة القرن بوجود تعويض يهود البلاد العربية عن ممتلكاتهم واموالهم التي تكروها في اماكن اقامتهم سواء في مصر أو اليمن وغيرها من الدول، وبإعتقادي المسلسل يحمل صفة تطبيعيه جاء مناسب مع طرح الرؤية الأمريكية التي تستند على الفلسفة والأسطورة الصهيونية التي أعدت وفقها صفقة القرن بأن أرض فلسطين هو الوطن القومي للشعب اليهودي وأن الوجود العربي بها ليس إلا وجود طارئ، ومن هذا المنطلق ورد في الرؤية الأمريكية أهمية التطبيع والقبول العربي بهذه الدولة ، فالتطبيع هو أخطر وسائل وأدوات تنفيذ الرؤية الأمريكية، برفض حركات المقاطعة العربية " BDS" التي قاومت كافة أشكل التطبيع وشكلت خطر على علاقات دولة الاحتلال، فالمقاطعة أثبت فعاليتها في مواجهة المشروع الصهيوني والمخططات الأمريكية ، ولذلك اعتبرت من أقوى الجبهات التي يجب محاربتها عبر التسلسل للوعي العربي".
وأضافت الباحثة في مركز التخطيط الفلسطيني:"لازالت الرواية الإٍسرائيلية تسعى نحو تزييف الحقائق التاريخية والتأكيد على الحالة العربية الانهزامية، لمحاولة زعزعة المواطن العربي بقضيته الوطنية، والتماهي مع دولة الاحتلال بوصفها المدافع عن مظلومية اليهود في العالم، وفهي تؤيد وتشجع المسلسلات التي تظهر اليهودي الضعيف المضطهد ولا ترغب بإظهار النضال العربي ونضال الجيش المصري ويقظته وقدرته على مجابهة هذه الدولة ومخابراتها العسكرية، ولكنها تتفاجأ في كل دراما رمضانية ببطولات مصرية نوعية، من أرشيف المخابرات المصرية ، دولة الاحتلال رحبت وصفقت لمسلسل أم هارون له حمل رسائل مبطنة للتعايش والقبول بها وبعنصريتها، في المقابل مسلسل فوضى حمل رسالة أخرى فحواها لا سلام مع الشعب الفلسطيني ".
أما عن مسلسل النهاية، فقالت "شمالي":" بكل تأكيد الدراما المصرية تؤرق إسرائيل بشكل يومي، ولو غير ذلك لما وجدت هذه التغطية الإعلامية في القنوات الإسرائيلية لمناقشة المسلسلات الرمضانية المصرية والخليجية كانت على طاولة النقاشات في البرامج التلفزيونية، حالة الترقب السنوي الإسرائيلي لما ستشكف عنه الدراما الرمضانية جعلت السياسي والإعلامي الاسرائيلي يدلي برأيه ويتابع بترقب كل حلقة من حلقات مسلسل الاختيار ومسلسل النهاية ولا أدلى عن ذلك التغريدات اليومية من الكتاب الإسرائيليين ، فقد وصل الأمر لوزارة الخارجية الاسرائيلية التي استنكرت وانتقدت المسلسل المصري النهاية واعتبرته مؤسف وغير مقبول".
وأضافت :"إسرائيل لا تريد سلام وانما استسلام وتعايش وفق الرؤية الإسرائيلية، واعتبرت توقع نهاية اسرائيل غير مقبول، على يد دول عربية، خاصة حول إظهار أطفال فلسطينيين دورسا حول الحرب لتحرير القدس وفلسطين عام 2120، واعتبار اسرائيل عدو وأن حرب تحرير القدس ستفضي لتدمير اسرائيل بعد مائة عام على تأسيسها، بفعل هروب معظم الإسرائيليين وعودتهم إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا".
واختتمت إلهام تصريحاتها قائلة :"إسرائيل في مسلسلات رمضان ليست جديدة، ولكن القضايا المطروحة في الدراما المصرية تؤكد دوما أن الابداع والفن المصري سيبقى له مكانته في نفوس المصريين والعرب الفلسطينيون أيضاً، وكلما زعمت إسرائيل وجود تقارب بينها وبين العرب تأتي الدراما المصري لتجسد الواقع الحقيقي لتعود إسرائيل لحالة الغضب والانفعال والبيانات الاستنكارية، وهذ ليس جديد فالدراما الرمضانية المصرية عرضت مسلسل عوالم خفية الذي سلط الضوء على دور اسرائيل بالإرهاب الدولي وممارستها تجارة الاعضاء البشرية، لذلك لازالت جمهورية مصر العربية والدراما الرمضانية تؤكد للمشاهد العربي أن اسرائيل ستبقى العدو الأول للأمة العربية ويجب الحذر منها، وان طموحات وأمال اسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ستبقى أحلام".
الدراما المصرية تؤرق إسرائيل
وفي سياق متصل، تحدث الدكتور هاني مصطفى مدرس الأدب العبري الحديث والمقارن بجامعة القاهرة عن مسلسل "أم هارون"، قائلا:" ينطوي المسلسل على عشرات المغالطات التاريخية أبرزها ما ورد في الحلقة الأولى بشأن إعلان إقامة دولة إسرائيل وانتهاء الانتداب البريطاني على "أرض إسرائيل" وليس على أرض فلسطين العربية، وقد تكون هذه الأخطاء متعمدة لإثارة نوع من الجدال حولها لتحقيق أعلى معدلات الإثارة اللازمة للعمل الفني، فضلا عن ذلك من المعروف أن اليهود عاشوا في بلدان الخليج العربي وبخاصة دولة الكويت، مسرح أحداث المسلسل، بشكل طبيعي، فقد كانت علاقة أهل الكويت باليهود في تلك الحقبة التاريخية علاقة طبيعية تتسم بالمودة والرحمة فيما بينهم، إذ إن أهل الكويت كانوا يعتبرونهم "أهل ديرة" ــ أبناء البلد ــ على الرغم من اختلاف ديانتهم. أما غرض إسرائيل من المسلسل فلا أظن أنه يستهدف إلقاء الضوء على تطبيع دول الخليج معها، أكثر من كونها تستغله في مسألة محاولة ترسيخ فكرة مطالبتها للدول العربية بتعويضات لليهود الذين خرجوا من هذه البلاد تاركين وراءهم ــ على حد زعمها ــ كامل ممتلكاتهم، ونحن في انتظار أحداث المسلسل للوقوف على الغاية الفعلية والحقيقية من الترويج لمثل هذه المغالطات.
وعن سبب تركيزتل أبيب عن المسلسل الخليجي، فقال مدرس الأدب العبري الحديث :"تسلط إسرائيل الضوء طوال الوقت على أي شيء يدافع عنها ويصب في مصلحتها، ووجدت في مسلسلات تليفزيونية مثل المسلسل الكويتي "أم هارون" ضالتها لكي يخرج المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي وينقل مؤيدًا كلام "حياة الفهد" بطلة المسلسل التي صرحت قائلة: "اليهود كانوا موجودين بكل مكان، وهذا كتاب منزل من الله سبحانه وتعالى، ما نقدر ننكره، والكويت فيها ديانات كثيرة".
وتابع "مصطفى":"أما مسلسل الاختيار فهو يسير على خط تتبناه الدولة المصرية في تسليط الضوء على بطولات رجال القوات المسلحة المصرية من ضباط وأفراد، سيما وأن المسلسل يغطي فترة تاريخية حرجة من عمر الوطن شهدها أغلب المصريين، في حين أن مسلسل "النهاية" فهو يعد أول مسلسل يتناول الخيال العلمي في الوطن العربي ويحاول استشراف ما يمكن أن يحدث بعد مرور مائة عام من الآن، وهو في النهاية عمل درامي إبداعي يعود إلى المؤلف ومخيلته وحرية الفكر التي ينادي بها الغرب وإسرائيل في الأساس، ولا يجب أن ننسى أن العرب لم يعلقوا يومًا على الصورة النمطية السلبية التي يظهرونهم بها في الأفلام الأمريكية والغربية".
وتحدث مدرس الأدب العبري عن مسلسل "فوضى" الإسرائيلي قائلا:" في واقع الأمر لا يخرج المسلسل عن كونه جزءًا لا يتجزأ من حملة دعائية تم شنها لتغطية جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين؛ في محاولة لتجميل الصورة البشعة لأفعال قوات الاحتلال الإسرائيلي، وليس من قبيل الصدفة أن مؤلفا المسلسل وهما الصحفي "آڤي يسَّخاروف" والممثل "ليئور راز"، كانا يخدمان في وحدة "المستعربين" التي كانت منوط بها التسلل بأفرادها إلى المناطق الفلسطينية للقبض على الفلسطينيين المطلوبين خلال فترة "انتفاضة الأقصى" أو الانتفاضة الثانية، والخطير في المسألة عدد المشاهدين من جميع أنحاء الوطن العربي الذين يتابعون هذا المسلسل وهو عدد غفير".
وعند طرح سؤال حول الدور الذي يقوم به كل من أدرعي وجندلمان في تمجيد مسلسل فوضى وبين صفقة القرن، فقال الدكتور هاني مصطفى :"في اعتقادي أن الاثنين يسعيان وبشدة للتخفيف من وطأة تأثير المسلسل في ذهن المشاهد العربي بشكل عام، والفلسطيني على وجه الخصوص، والسبب في ذلك هو محاولة تقديم الدعم والحماية لما يُعرف بـ"صفقة القرن" من التعرض لأية اعتراضات دولية قد تتسبب في التأثير سلبًا على مسألة خروج بنود هذه الصفقة إلى النور، وهو أمر أعتقد أنه بعيد التحقق على المدى الزمني القريب".
في حقيقة الأمر أن مسلسل "النهاية" تعرض للهجوم من جانب الخارجية الإسرائيلية من خلال بيان اعتراضها على المسلسل الذي تعمدت وعند الحديث حول بيان الخارجية الإسرائيلية ومهاجمة مسلسل النهاية، فقال مدرس الأدب العبري:"نشره عبر منصة واحدة فقط وهي الموقع الرسمي لصحيفة "جيروزاليم بوست" وباللغة الإنجليزية كنوع من أنواع مخاطبة دول المجتمع الدولي، ويأتي هذا الاعتراض ــ في رأيي ــ لسببين، الأول علنيًا وهو المشهد الموجود في الحلقة الأولى، حيث ورد فيه مجموعة أطفال في عام 2120، يتلقون درسًا عن "حرب تحرير القدس"، وقال المدرس: "عندما حان الوقت للدول العربية للقضاء على عدوها اللدود، اندلعت الحرب والتي سميت "حرب تحرير القدس"، وانتهت الحرب سريعًا، وقد أدت الحرب إلى دمار إسرائيل قبل مرور 100 عام على تأسيسها، وغادر اليهود إلى بلادهم الأصلية التي أتوا منها"، ومن هنا أورد البيان أهم ما يثير قلق إسرائيل وهو تقوض اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية: "إن ما ورد في المسلسل أمر مؤسف وغير مقبول على الإطلاق، خاصة بين دولتين أبرمتا اتفاقية سلام منذ 41 عامًا".
وتابع :"أما السبب الثاني ــ وهو محض اجتهاد شخصي ــ فيتمثل فيما ورد في افتتاحية المسلسل في الحلقة الأولى من ذكر الفقرة (3) من سفر التكوين التي تقول: "وقال الله ليكن نور فكان نور"، والنور هنا هو الطاقة التي تجسد مصدر الحياة على كوكب الأرض، أي أن من سيتحكم في موارد الطاقة سواء المتجددة أو غير المتجددة ستكون له الكلمة العليا في العالم، ولا يخفى على أحد أن الدولة المصرية بعد اكتشافات الغاز الطبيعي العملاقة صارت أبرز مراكز الطاقة الإقليمية في المنطقة، وهو أمر بات يستعدي ضدها الكثيرين."
واختتم الدكتور هاني تصريحاته قائلا:"وفي الختام يمكن القول إن الدراما المصرية باتت تؤرق إسرائيل لأنها تملك مقومات نقل رسائلها الضمنية البليغة في الاتجاهات كافة على المستوى الداخلي والخارجي وفي آن واحد".
حرب خامسة
وفي سياق متصل، قالت الدكتورة رانيا فوزي، المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي:"يندرج مسلسل فوضى ضمن مسلسلات الإثارة السياسية والنفسية التي بدأت إسرائيل في السنوات الأخيرة إلى ادراجها للدراما الإسرائيلية للتمجيد في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية واثبات نجاحتها للجمهور المستهدف في الداخل الإسرائيلي وخارجه خاصة بعد الفشل الذي لحق بتلك الأجهزة في السنوات الأخيرة وفشلها في جبهات عدة وبالأخص في الجبهة الجنوبية المتمثلة في حدودها المتاخمة لقطاع غزة، وبالنظر إلى مسلسل فوضى الذي شارك في انتاجه آفي يسخاروف الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشئون العربية و الفلسطينية بموقع واللا، فلا أحد كان يتوقع أن يلقي المسلسل في الأجزاء الأولى والثانية وأن يستحوذ الجزء الثالث من المسلسل على نسبة مشاهدة عالية في البلدان العربية، فهذا النجاح للمسلسل والجوائز التي حصدها دفعهم لإعداد جزء رابع منه".
وتابعت "فوزي":"في تقديري أن اختراق مثل هذه المسلسلات الإسرائيلية إلى العقول العربية يعد جزء من حروب الوعي الإسرائيلية الموجهة إلى العالم العربي عبر الإعلام والدراما سواء التليفزيونية او السينمائية، وهو ما بات يشكل خطورة حيث من شأنه أن يحقق الغرض الإسرائيلي الراغب في تحسين صورتها بين أوساط المجتمعات العربية وتحويلها رويدا رويدا وعلى المدى البعيد من دولة معادية للعرب إلى صديق العرب المدافع عن قضاياهم حيث تهدف في الأساس من هذا المسلسل وغيرها إلى ضياع القضية الفلسطينية وعدم كسب تعاطف العرب معها مجددا".
وما إذا كان هناك ربط ما بين صفقة القرن ومسلسل فوضى ودعم أدرعي له، فقالت المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي:"اعتقد أنه امر غير مستبعد فهناك دوما دلالات الألفاظ تكون لها ابعاد ظاهرة وكامنة يوظفها الخطاب الإعلامي الإسرائيلي فمن المقرر أن يتم المصادقة في يوليو المقبل على قانون السيادة حيث تستغل الحكومة الخامسة والثلاثين التي تسابق الزمن لتعديل قانون الأساس الإسرائيلية الذي يخالف بنود الاتفاق الموقع بين نتنياهو وجانتس حيال مسألة التناوب وتوزيع الحقائب الوزراية ، حيث يراهن نتنياهو على البدء في تطبيق السيادة واستغلال تفشي وباء كورونا في الأراضي الفلسطينية المحتلة واحتياجهم للمساعدات الإنسانية من إسرائيل في الخروج بعد ضم المستوطنات باقل خسائر حيث قد حذرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في السابق من مغبة الضم وانعكاسات باثارة الفوضى في الضفة الفلسطينية المحتلة".
أما عن مسلسل هارون، فقالت "فوزي":"في تقديري الشخصي أن الدراما هي انعكاس للمجتمع فتناول قصة أم هارون ليس به شيء فهو تاريخي ولكن المعالجة الدرامية نفسها والمغالطات التي بها هي من أثارت الضجة فمصر على سبيل المثال تناولت في رمضان في السنوات الماضية مسلسل حارة اليهود ولكن المعالجة الدرامية كانت هادفة وليس بها أي توجه سياسي خاصة أن دول الخليج بالفعل في السنوات الأخيرة باتت اقرب الى مسالة التطبيع المعلن مع إسرائيل أكثر من أي وقت مضى ولها مبرراتها الأمنية المتعلقة بتوجسها من ايران وتهديدها لأمن الخليج".
وحول السبب وراء البلبلة حول مسلسل النهاية ، فقالت "فوزي":"هذا أمر بديهي أي شيء يخدم على المصلحة الإسرائيلية يكون موضع اهتمام ويتم تسليط الضوء عليه وترويجه إعلاميا ليس فحسب عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية الموجهة بالعبرية بل بلغات أخرى لإبراز نجاحات اسرائيل وسياستها الخارجية ولكن المسلسلات المصرية والتي تعرض بالأخص في شهر رمضان لها خصوصية عند الاستخبارات الإسرائيلية وذلك على ضوء المشاهدة العالية التي تتمتع بها تلك المسلسلات في شهر رمضان الكريم أكثر من باقي شهور السنة، ومن ضمن أسباب استحواذ مسلسل نهاية العالم لأنه قد أثار غضب اسرائيل بتشجيع العرب على تحرير المسجد الاقصى والتنبأ بالنهاية الحتمية لإسرائيل على يد العرب فمسسلسل نهاية العالم ليس المسلسل الأول الذي يثير غضب اسرائيل ففي السابق احتجت إسرائيل على مسلسل فارس بلا جواد بطولة الفنان محمد صبحي ولكن واقعيا فهناك أفلام إسرائيلية بالفعل تنبأت بنهاية إسرائيل ولكن من الداخل وليس على يد العرب التي تعتبرها رغم العلاقات الجيدة ظاهريا أحد ألد اعدائها دينيا وتاريخيا ، وفيما يتعلق بموقف الخارجية الإسرائيلية وردها ليس من حقها توجيه اللوم او النقد لاي إبداع او عمل درامي لأن هناك العديد من الكتاب والمسلسلات الإسرائيلية التي تهاجم العرب والبعض منها يركز على المصريين لوصفهم بسمات وأدوار سلبية".
وتابعت المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي :"فيما يتعلق بمستقبل السلام بين مصر وإسرائيل في الوقت الحالي وفي ظل المتغيرات الإقليمية لا تزال إسرائيل بعد 41 تعتبر اتفاقية السلام مع مصر ذخرا استراتيجيا لها ولكن على المستوى البعيد فالعداء الإسرائيلي الدفين لمصر دينيا وتاريخيا لا يزال محفور في الفكر الصهيوني ويتدارسه الأجيال الإسرائيلية سواء في المدارس العلمانية أو الدينية ولذلك عندماأاشاهد تعليقات الاسرائيليين على الموضوعات التي تنشر في الإعلام العبري والتي تتعلق بالسلام بين مصر وإسرائيل هو في تقديراتهم سلام بارد جدا وأن اتفاقية السلام مجرد هدنة أو وقف إطلاق النار بين الجانبين ولكن في تقديري على المدى البعيد والذي يفطن له المصريين جيدا أن هناك مواجهة وحرب خامسة قد تندلع بين البلدين يوما ما ويكون القتال على أرض سيناء التي تعد وفق المعتقد اليهودي الوارد في العهد القديم جزء من أرض إسرائيل التاريخية".
موضوعات ذات صلة:
اجتماع في الجامعة العربية لبحث تأثيرات كورونا على مستقبل الدول
الكويت.. إلغاء وشيك لنظام الكفيل