يعد زواج القاصرات ظاهرة اجتماعية وكارثة بشرية، وأخلاقية، ونفسية، ودينية، لما له من نتائج سلبية على الفتيات، وغالباً ما ينتهي هذا الزواج بالفشل مع وجود مولود أو أكثر مع فتاة لم تعرف بعد اصول التربية الصحيحة، ولم تكتمل أعضائه التناسلية، ويقدر سن الزواج في عمر الثمانية عشر عاماً، وينتشر في المناطق الريفيّة بشكل كبير، بسبب الفقر والبطالة اللذان يدفعان الأهالي إلى تزويج بناتهم بمقابل مادي "المهر"، وقد يكون الجهل وعدم الوعي أحد أهم أسباب موافقة الأهل أو اعتباره أنه "ستر" لابنتهم.
زواج القاصرات هو زواج كل فتاة لم تبلغ الثمانية عشر عاماً حسب القانون، لكن اعتادت المناطق الريفية، كما هو متبع الان بان يقوم "المأذون الشرعي" بتزويجهم "عرفي" ثم بعد الوصول إلى السن المحدد، يقوموا باستخراج الصفة الرسمية للزواج، على هامش أن الفتاة تحيض وصارت بالغة وهذا استيفاء للرخصة الشرعية للزواج، وقد اعتبرت الأمم المتحدة أن هذا الزواج هو اعتداء على حقوق الطفل الذي من حقه التعليم وممارسة حياته المناسبة لعمره.
من مشاكل "زواج القاصرات" أن أعضاء الفتاة التناسلية تكون غير مكتملة لتحمل مشاق الحمل، الذي يصنف ثاني اكثر الم، مما يعرضها إلى الكثير من المخاطر خلال الزواج وخلال الحمل كاضطرابات الحمل مثل السكر، والضغط، وأشارت الدراسات إلى وجود نسبة كبيرة من الأطفال ذوي التشوهات الخلقية بسبب صِغر سن الأم بالإضافة إلى وجود نسبة عالية من الأطفال الذين يموتون قبل الولادة، وأيضاً هناك نسبة وفيات بين الأمهات الصغيرات خلال الولادة لعدم تحمل أجسامهن للحمل والولادة، وتتجه الفتاة الحامل الى إجراء العملية القيصرية للولادة، لأن جسمها غير مستعد للولادة الطبيعية.
وفي السطور التالية نعرض لكم أحد أهم الامثلة وأكثرها ظلما وعدوانا على حق الطفل في ممارسة ما يتناسب مع عمره: حيث يوجد في محافظة الجيزة، مثال حي لزواج القاصرات، تشكلت بها جميع أركان الجريمة، فتاة لم تبلغ من العمر 16 عاما والأدهى من ذلك أن زوجها مساويا لها في السن، وبعد زواج استمر لمدة عام واحد، وبعد اجراء عملية قيصرية، أنجبوا طفلا، وإثر خلافات أسرية قاموا بالانفصال.
انتهت بمولود وطلاق.. قصة مروعة لزواج قاصر
البداية عندما أمرت والدة "ا.ع" باجباره بالزواج، من "ن.م"، دون الرجوع الي رأي والده متخذه من من ضعف رأيه، بابا لتحقيق ما تفرضه، وتقدموا لطب الزواج من "ن.م" جارتهم، حيث كان تربط الاسرتين علاقة "نسب"، ويأخذ رأي الفتاة صاحبة الـ 16عام رفضت الزواج نظرا لانها تريد اكمال تعليمها، وتقول الضحية: " كنت مصدومة ان اهلي يعرضوا علي امرا كهذا وهم يعلمون اني اريد اكمال دراستي، و فوجئت انهم موافقون وانا كنت لا أزال في الصف الثالث الاعدادي وأتمنى الالتحاق بالجامعة، وأكمل دراستي"، وتتابع وكأن الدموع تريد أن تفر من عينها حتى صاحت بالبكاء، هدأت وأكملت حديثها "بسبب رفضي للزواج واجهت معاناة وقسوة ومنعت من الذهاب الي المدرسة، إلى أن أجبرت على الموافقة".
بالفعل قامت الفتاة بالزواج من "ا.ع" صاحب الـ 16 عام وقالت "بعد مرور ثلاثة شهور من الزواج وقع ما تخشاه ان تكون ام وهي مازلت تمارس فترة المراهقة، تقول اكتشفت اني حامل وحذرني الطبيب، بأخذ الحذر عند القيام باعمال المنزل، حيث أن أعضائي التناسلية ضعيفة لتحمل الحمل، وقالت بعد مرور فترة الحمل، قمت بعمل عملية قيصرية للولادة وانجبت طفلا"، ما زالت أحد ضحايا زواج القاصر تكمل حديثها والحزن يملا وجهها، تقول "بعد الولادة، كنت أعامل علي اني جارية البيت، وتحدث مشادة كلامية بيني وبين والدة زوجي، الي ان تأمر بضربي فيلبي طلبها، إلى أن تركت لهم البيت وطلبت الانفصال وطلقت".
الزوج لم يكتف بهذه التجربة أيضا رغم صغر سنه قامت والدته، بتزويجه مرة ثانية، لكن بفتاة اكبر منه بما يقرب من سبع سنوات، وكأنها تجرب لابنها من هم أصغر و أكبر منه لتكتشف من يصلح له.
بينما نرى حالات أخرى في هذا السياق، مقبلين بشدة على هذا النوع من الزواج، نظرا لقلة وعيهم وعلمهم بالمسئولية التي سيكون ملزمين بها، مبررين، خوفهم من العنوسة، والتخفيف من كهل أسرتهم قليلا قائلين "كفاية عليم اخواتي"، والذي يندرج تحت هذا الرأي هم من تركوا التعليم منذ المرحلة الابتدائية، أو من لم يلتحقوا بالتعليم، حيث تقول "ا.ل"، " انا موافقة تمام على الزواج رغم صغر سني لان في النهاية سوف اتجوز فلما التأخير" وتقول "ي.ب" انا لم أفلح في في التعليم سأجرب النجاح في الزواج".
طالبة: نلجأ للزواج القاصر بسبب الفقر والخوف من العنوسة.
من جانب آخر، علق بعض الأهالي عن زواج القاصرات، حيث قالت، سها عرفة، طالبة، أن هناك نوع من الفتيات يلجأ إلى هذا النوع من الزواج، "هم غير المتعلمين، وهذا ناتج عن فقر في مستوى المعيشة، وكفيل الى ان يكون دافع للأسرة للموافقة على زواج ابنتهم رغم صغر سنها للتخفيف من أعباء المعيشة، ونوع أخر يوافق خوفا من الوقوع تحت طائلة "العنوسة"، وهناك نوع مُتحضر من المتعلمين هو من يرفض ويواجه هذا الامر الي ان تكمل دراستها.
وتقول نهى أحمد، ربة منزل، الزواج سترة وسنة، لكن في الإطار الصحيح له بما حدده الشرع والقانون وعلقت بقولها "نعم نحن نزوج ابنائنا للتخفيف من أعباء المعيشة، لكن في السن المناسب لها بما لا يلحق بها أي ضرر، لا لأن نجعلها عرضة للأمراض او أن نعتبرها سلعة تباع وتشتري، نسلمها لمن يملك المال أكثر، سواء كبر سنه أو صغر".