رحل عن عالمنا صباح يوم أمس الثلاثاء، الرئيس المصري الأسبق محمد حسني السيد مبارك، عن عمر يناهز الـ92 عام، بعد صراع طويل مع المرض، بمجمع الجلاء الطبي للقوات المسلحة.
هذا وقد نعت مؤسسة الرئاسة ومؤسسات الدولة وقادة الدول العربية الشقيقه والصديقة الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث أعلنت الدولة المصرية الحداد العام لمدة ثلاثة أيام تبدأ من اليوم الأربعاء، بينما نكست عدد من الدول العربية أعلامها حدادا على رحيل ثاني أكبر رئيس ولاية في الوطن العربي بعد السلطان الراحل قابوس بن سعيد، سلطان سلطنة عمان.
في يوم 5 يونيو عام 1967، كان محمد حسني مبارك قائد قاعدة دنديل الجوية شمال محافظة بني سويف ، ثم عُين مديراً للكلية الجوية فى نوفمبر 1967، وشهدت تلك الفترة حرب الاستنزاف، رُقى لرتبة العميد فى 22 يونيو 1969، وشغل منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائداً للقوات الجوية فى أبريل 1972، وفى العام نفسه عُين نائباً لوزير الحربية.
يحكي مبارك تجربته مع حرب 5 يونيو ،1967 من خلال فيديو سجله العام الماضي، في ذكرى إنتصارات حرب أكتوبر المجيده، وتم بثه عبر شبكة المعلومات الدولية، "الإنترنت"، كشاهد على تلك الفترة من تاريخ مصر الحديث، بقوله: " لم تكن حرب فقد ضربنا بدون سابق إنذار وبدون خطة، وكنت قبلها في طلعة عمليات، وعدت إلى قاعدة بني سويف في نصف شهر مايو 1967، وقد قالوا أن هناك حالة حرب واستعدادات، وتم تنفيذ مجموعة من الطلعات، حتى حضر مندوب من القيادة العامة للقوات المسلحة، وسألناه ماذا يحدث :" قال مجرد مظاهرة واستعراض بالقوات لأن إسرائيل أعلنت استدعاء الإحتياط لديها، ويمكن أن نعطي للقوات إجازات وتسير الأمور بشكل طبيعى."
ليستكمل حسني مبارك حديثه عن 5 يونيو قائلاً:" الطائرات لم تكن تنفذ طلعات منذ عدة أيام فاتخذنا القرار بتنفيذ مجموعة من الطلعات، ومع 3 طيارين حلقنا في السماء واخترقنا السحب، ثم فوجئت بالمطار يبلغني على الرادار أنهم يتعرضون للضرب الآن، وهناك حفر في الممرات ولن تتمكن الطائرات من الهبوط، وعلى الفور أجريت إتصالات مع الجيوش الميدانية حتى أتمكن من الهبوط في أي من مطاراتها، وقد اتصلت مع الوادي الجديد وكان الممر الخاص به قصير جدًا لا يتناسب مع المقاتلة التي يو 16، وكذلك مطار أسوان به صواريخ للدفاع الجوي، ولن تفرق بين الطائرات المصرية وطيران العدو وستطلق نيرانها مباشرة تجاهنا، فلم يكن أمامي ومن معي سوى مطار الأقصر، وبمجرد الهبوط فيه بدقائق معدودة تم تدمير طائراتنا بصورة فورية."
واستطرد مبارك خلال الفيديو:" عدنا من الأقصر إلى بني سويف في القطار بدلًا من الطائرات، وقد كان الحزن يخيم على القاعدة بالكامل، فالخسائر فادحة والطائرات تم ضربها على الأرض، وكان حزن رهيب داخل نفوس القوات، لدرجة أننا بقينا داخل المطار لمدة تقترب من شهرين دون الخروج إلى أي مكان، فقدت كانت الروح المعنوية منخفضة جداً، وقد كان هذا الوضع على مستوى كل الجيوش والمناطق شرق وغرب القناة".
بعد تلك الفترة من حياة مبارك العسكرية التي قضاها في بني سويف، تم انتدابه من قاعدة بنى سويف إلى الكلية الجوية، لتولي مسئولية إعداد جيل جديد من الطيارين المقاتلين، في نوفمبر 1967، ضمن خطة القيادة العامة للقوات المسلحة، لإعادة تشكيل الجيش من جديد، خاصة القوات الجوية، التي تحملت نصيب الأسد من التدمير خلال حرب الاستنزاف، ثم تمت ترقيته إلى العديد من المناصب القيادية حتى وصل إلى قيادة القوات الجوية فى أبريل 1972.
وقاد القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر 1973، ورقى اللواء محمد حسني مبارك إلى رتبة فريق طيار في فبراير 1974، وفي 15 أبريل 1975، اختاره محمد أنور السادات نائباً لرئيس الجمهورية، ليشغل هذا المنصب (1975 ـ 1981)، وفي 14 أكتوبر 1981 تولى محمد حسني مبارك رئاسة الجمهورية، ثم قامت ثورة 25 يناير من عام 2011 لتقصي مبارك عن حكم مصر الذي دام لقرابة 30 سنة، ليتنحى عن مقاليد الحكم ويسلم الدولة للقوات المسلحة درع الأمن والأمان للبلاد، ويرفض الخروج من مصر، مؤكدا أنه سيموت على أرضها، حتى رحل أمس الموافق 25 من فبراير للعام 2020.
هذا ومن المقرر أن يشيع جثمان الرئيس الأسبق حسني مبارك في جنازة عسكرية رسمية من مسجد المشير طنطاوي، عقب صلاة ظهر اليوم الأربعاء، إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة في مصر الجديدة.
ونعى عدد كبير من أهالي محافظة بني سويف الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، سواء عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أو الشارع السويفي، واصفينه بأنه كان بطل من أبطال حرب أكتوبر المجيدة ولم ينسى التاريخ ما فعله، حيث كان صاحب الضربة الجوية الأولى، فيما اعلن أحد أعضاء المجلس المحلي سابقًا ببني سويف، ويدعى محمد سيد عاصي، أنه سوف يقيم للرئيس الراحل سرادق عزاء يوم الجمعة القادم، أمام المواطنين لمن يقدم واجب العزاء تقديراً لما فعله خلال تاريخه العسكري.