علقت الدكتورة رانيا فوزي، المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي على الصمت الإسرائيلي تجاه الأفعال التركية في ليبيا، قائلة :"بالطبع لا ، فإسرائيل تعي الأهداف الكامنة وراء التدخل التركي في الشأن الليبي باعتباره ورقة ضغط حتى يكون لها أي موضع في خارطة غاز المتوسط، حيث يحظى التنسيق المصري والقبرصي واليوناني بتأييد من الحكومة الإسرائيلية ، فأردوغان الذي يتعامل في تصريحاته بصورة متشددة مع إسرائيل بوصفها أنها عدو، قد سعى مؤخرًا للتودد لها بهدف التعاون معها في نقل إمدادات الغاز الإسرائيلية إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، فقد نقل مصدرا تركيا رفيع المستوى في مجال الطاقة رسالة بهذا الخصوص إلى إسرائيل، وهو ما يتناقض جملة وتفصيلا مع تصريحات سابقة لأردوغان مفادها أن بلاده لن تسمح بمد أنابيب غاز إسرائيلية إلى أوروبا عبر المياه التي تزعم أنقرة أنها تتبع لها، فالرد الإسرائيلي الأبلغ على رسالة المصدر التركي كان سريعًا مع مطلع عام 2020 ، حيث وقع بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لتصريف الأعمال مع قبرص واليونان في العاصمة اليونانية أثينا على اتفاق خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد" لمد أوروبا بالغاز، وهو ما أضاع الفرصة على تركيا".
وفيما يخص إنجرار إسرائيل لدخول المشهد الليبي، فقالت المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم":"باعتقادي أن التدخل الإسرائيلي الصريح في المشهد الليبي أمر مستبعد خاصة في ظل المأزق السياسي والأمني الحاصل الآن في إسرائيل فحكومة تصريف الأعمال بزعامة بنيامين نتنياهو لن يكون بمقدورها فتح جبهة جديدة فجبهتها الشمالية مهددة الآن بالاستهداف من إيران وتابعيوها بعد اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس".
وأضافت "فوزي" :"بالرغم من ذلك لا استبعد تدخل إسرائيل في الخفاء، حيث تعد ليبيا قطعة عقارية اقتصادية واستراتيجية مهمة في العالم ، فهي كعكة مغرية للاعبين الدوليين بما فيهم إسرائيل، خاصة بعد ما مرت به البلاد من أحداث مرورا منذ عام 2011 وحتى الآن جعل منها فريسة للتدخل الأجنبي نظرًا لتدهور وضعها المركزي، فاللاعبون الرئيسيون فيها تركيا وقطر لأسباب سياسية واقتصادية هدفها الرئيسي تصدير الإرهاب الداعشي لمصر لممارسة مزيد من الضغط السياسي عليها بما يدفعها للقبول بموائمة سياسية مع مصدري الإرهاب للمنطقة وهما الرئيس التركي رجب اردوغان وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد".
أما عن موقف إسرائيل من اتفاق تركيا ، فقالت "فوزي" لـ "بلدنا اليوم":"سادت حالة من القلق بين الأوساط السياسية في إسرائيل، حيث تتحسب لاندلاع أزمة أخرى مع تركيا بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، حيث تدعم اليونان وقبرص ومصر بل انضمت معهم مما جعلها في قائمة الدول المُتضررة من هذا الاتفاق، وقد ردت الخارجية الإسرائيلية بنفسها على هذا الخطوة ، حيث أكدت أن إسرائيل تتابع بقلق، الخطوات الأخيرة التي اتخذتها تركيا في البحر المتوسط، محذرة من أن تجاهل القوانين الدولية العرفية للبحار، يمكن أن يعرض السلام والاستقرار في المنطقة للخطر".
أما عن حقل لفيتان الإسرائيلي للغاز الطبيعي، فقالت رانيا فوزي:"يمثل حقل لفيتان الإسرائيلي مسألة حياة أو موت بالنسبة لها بأن تكون مصدر تصدير للطاقة لأوروبا، ولكن أن تتخذ إسرائيل خطوة عسكرية أحادية الجانب كما تفعل على حدودها الشمالية والجنوبية مع حزب الله أو حركة حماس أمر مستبعد فالرد الإسرائيلي المتوقع على المسؤولين الأتراك لن يتم منفردا لأنه ليس مُتعلقا فقط بإسرائيل وحدها، فالأخيرة حتى الآن لا يوجد بها حكومة من جهة، وهي جزء من حلف ومعسكر كامل من جهة أخرى. ولكنني أعتقد أن مشكلة كهذه، يمكن حلها بوساطة دولية واقليمية وهو ما لا نراه حتى الآن، ما سيؤدي إلى ازدياد التوتر فالتقارب الإسرائيلي-اليوناني، الذي جاء من منطلق دفاعي، يمكن لتركيا أن تفسره على أنه عدوان عليها، وكذلك فالتحالف التركيا الليبي دفاعيا، يمكن أن تفسره الأطراف جميعا باعتباره عدوانا عليها، وهو ما يصعب بدوره من الأزمة".
وعند سؤال المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي عما إذا كانت تل أبيب ستقف مع حفتر أم السراج، فقالت :"على إثر التغيرات الحاصلة على تشكيل البحر المتوسط والعدائية الحاصلة الآن بين تركيا وإسرائيل لمحاولتها جر تشكيل البحر الأبيض المُتوسط كمنطقة نزاع جديدة، باعتقادي أنه لا مفر من أن تجد تل أبيب نفسها جزءا من الأزمة الليبية، وفي تقديري ليس مستبعدا أن يكون الدعم الإسرائيلي لطرف ما بالأزمة الليبية يتم بشكل غير مباشر وفي ترجيحي أن تأخذ صف حفتر عبر وساطة طرف ثالث من الدول المعادية للتدخل التركي بالمنطقة، ويكون دعمها على شكل مُساعدات أو تقديم استشارات استخباراتية على أقصى تقدير".