صندوق التكافل الاجتماعي حرامٌ أم حلال؟ سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية لمعرفة حكم التكافل الإجتماعي.
وأجابت دار الإفتاء المصرية، أن إنشاءُ مثل هذه الصناديق جائزٌ؛ لأنه من باب عقود التبرعات؛ فالمشترِك متبرعٌ للصندوق، والصندوق متبرِّعٌ بما يعطيه لمن توافرت فيه الشروط، وهذا من باب التكافل الاجتماعي الذي يدعو إليه الشرع الشريف.
وأشارت إلى أن استثمار أموال الصندوق في البنوك الحكومية وهي تعمل بعقودِ تمويلٍ معروفةٍ وجائزةٍ جائزٌ أيضًا؛ والأمر في الجواز مبنيٌّ على كون وضع الأموال في البنوك التقليدية للاستثمار من الأمور المختلف فيها بين العلماء، والقاعدة الشرعية في المُختلَفِ فيه أنه "يجوز تقليد مَن أجاز".
حكم التأمين على الحياة
قالت دار الإفتاء، إن التأمينَ بأنواعه المُختلِفة مِن المعاملات المُستَحدَثة التي لم يَرِد بشأنها نَصٌّ شرعيٌّ بِالحِلِّ أو بِالحُرمَة -شأنُه في ذلك شأنُ معاملاتِ البنوك- فقد خَضَعَ التعاملُ به لِاجتِهاداتِ العلماءِ وأبحاثِهم المُستَنبَطَةِ مِن بعض النصوص في عُمُومِها؛ كقول الله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» [المائدة: 2].
وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «ما حكم التأمين على الحياة؟»، أن التأمينَ على ثلاثة أنواع، الأول: التأمين التبادُلِي: وتَقومُ به مجموعةٌ مِن الأفراد أو الجمعيات لِتَعويض الأضرار التي تَلحَقُ بَعضَهم، والثاني: التأمين الاجتماعي: وهو تأمينُ مَن يَعتَمِدُون في حياتهم على كَسْبِ عَمَلِهم مِن الأخطار التي يَتعرَّضُون لها، ويقومُ على أساسِ فِكرةِ التكافُلِ الاجتماعي، والثالث: التأمين التجاري: وتقوم به شركاتُ مساهمة تنشأ لهذا الغرض.
وأوضحت أن النوع الأول والثاني يَكادُ الإجماعُ أن يكون مُنعَقِدًا على أنهما مُوَافِقَان لِمَبادئ الشريعة الإسلامية؛ لِكَونِهِما تَبَرُّعًا في الأصل، وتَعَاوُنًا على البِرِّ والتقوى، وتَحقِيقًا لِمَبدأ التكافُلِ الاجتماعيِّ والتعاوُنِ بين الناسِ دُونَ قَصدٍ لِلرِّبح، ولا تُفسِدُهُما الجَهَالةُ ولا الغَرَر، ولا تُعتَبَرُ زيادةُ مبلغِ التأمينِ فيهما عن الاشتراكاتِ المَدفوعةِ ربًا؛ لأنَّ هذه الأقساطَ ليست في مُقابِلِ الأَجَل، وإنما هي تَبَرُّعٌ لِتَعويضِ أضرارِ الخطر.
وتابعت: أما النوع الثالث: وهو التأمين التجاري: فقد اشتَدَّ الخِلافُ حَولَه واحْتَدّ: فبينما يرى فريقٌ مِن العلماء أنَّ هذا النوعَ مِن التعاملِ حرامٌ لِمَا يَكتَنِفُهُ مِن الغَرَرِ المَنهِيِّ عنه، ولِمَا يَتَضَمَّنُه مِن القِمَارِ والمُراهَنَةِ والربا، يرى فريقٌ آخر أنَّ التأمينَ التجاريَّ ما دامت بنوده في إطار الضوابطِ الشرعية للعُقُودِ وما دام محققًا لمقاصدِ الشريعةِ فإنه يكون جائزًا؛ لأنه قائمٌ أساسًا على التكافُلِ الاجتماعيِّ والتعاوُنِ على البِرِّ وأنه تَبَرُّعٌ في الأصل وليس مُعاوَضة.
واستكملت: واستَدَلَّ هؤلاء الأخيرون على ما ذَهَبوا إليه بعُمُوم النصوص في الكتاب والسُّنة وبأدِلَّةِ المعقول: أما الكتاب: فقول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» [المائدة: 1]؛ فقالوا: إنَّ لَفظَ العُقُودِ عامٌّ يَشمَلُ كُلَّ العُقُودِ ومنها التأمين وغيره، ولو كان هذا العَقدُ محظورًا لَبَيَّنَهُ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم، وحيث لم يُبَيِّنْهُ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فإنَّ العُمُومَ يَكونُ مُرادًا ويَدخلُ عَقدُ التأمينِ تحت هذا العُمُوم.