"على غرار راجح والطفلة جنة".. هل يغيير التريند مسار قضايا الرأي العام في مصر؟

الثلاثاء 22 أكتوبر 2019 | 11:25 مساءً
كتب : محمود صلاح

شهدت مصر خلال الأونة الأخيرة، حالة من الجدل الواسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد تفاقم ظاهرة القتل بين صفوف الشباب والمراهقين بطريقة بشعة وسط الشوراع بشتى المناطق، الأمر الذي دفع العديد من رواد المنصات الاجتماعية بتدشين هاشتاجات وتريندات تطالب بتطبيق أقصى العقوبات والضغط على المسئولين في تحقيق العقوبة التي يرونها صحيحة من وجهة نظرهم، الأمر الذي دفع البعض من أعضاء مجلس النواب بتقديم تعديلات واقتراحات بأحد القوانين، بعد إثارة الجدل على منصات التواصل الاجتماعي لتهدأت الأوضاع.

مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، باتت في الأونة الأخيرة منصة لمناقشة القضايا المثيرة للجدل، ومكانًا لتقديم الاقتراحات والضغط على المسئولين من خلال الهاشتاجات التي تتصدر التريند، حيث حدث ذلك في قضية الطفلة "جنة" التي راحت ضحية التعذيب على يد جدتها هي وشقيقتها التي نالت قسطًا من التعذيب أيضًا، في محافظة الدقهلية شمال البلاد، إذ تداول الرواد القضية على صفحاتهم بشد حتى تصدرت التريند لأيام، مطالبين بتشديد العقوبة على الجدة التي أحالها النائب العام إلى المحاكمة العاجلة، وأيضًا المطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي تقدم على خليفة هذا المطالب عددًا من نواب البرلمان باقتراحات للتعديل.

قضية الطفلة جنة

لم تكن قضية الطفلة جنة هي الفريدة من نوعها، حيث انتشر على مواقع التواصل، وتصدرت التريند حتى هذه الأيام، القضية التي عرفت إعلاميًا بـ"شهيد الشهامة" التي راح ضحيتها الشاب محمود البنا، البالغ من العمر 18 عامًا، حيث قتل على يد المتهم الرئيسي "محمد راجح" وثلاثة آخرين، الأمر الذي بات حديث الإعلاميين والعامة، على مواقع التواصل داخل مصر وخارجها، إذ يطالب المصريين بتحقيق العقوبات الرادعة على المتهمين في هذه القضية، الأمر الذي أصدر على خليفته النائب العام المصري، حماده الصاوي، بيانًا مساء الأحد، يؤكد متابعة القضية بدقة ويطالب بهدوء الرواد عبر المنصات الاجتماعية.

"الشهاوي": التريند لا يؤثر على القضايا والنيابة لا تنظر إلا للإثبات

هذه القضايا المثيرة للجدل، وغيرها من الجرائم الأخرى تقع محل اهتمام العديد من الرواد عبر منصات التواصل الاجتماعي، إذ تتطرق التساؤلات إلى أذهان الكثيرين، حول هل تؤثر انتفاضت التريند الكبيرة التي حدثت في الأيام الماضية، على التحقيقات التي تجريها النيابة في مثل هذه القضايا، وهل تعكس مسار القضايا إلى ما يراه الرواد هو الصحيح، هذا ما يجب عليه الخبراء خلال السطور التالية:

التريند لا يؤثر على القضاء

وفي هذا الصدد قال اللواء أركان حرب، محمد الشهاوي، مستشار كلية القادة العسكرية والخبير الأمني، إن القضاء المصري نزية وحر ولا تؤثر على قراراته مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه يعتمد في كل القضايا سواء المثيرة للجدل أو غيرها، على الشهود العيان والأوراق والإثباتات والدليل، وبالتالي لا ينظر إلى التريندات التي تحدث على المنصات الاجتماعية، لأنها في الواقع تستغل من قبل جهات آخرى.

وأكد الشهاوي في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن التريندات التي تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي وتتحدث حول القضايا المثيرة للجدل، في الغالب يتم استغلالها من دول إقليمية تحاول النيل من الأمن القومي المصري، وخاصة جماعة الإخوان الإرهابية التي تسعى لبث الفتين بين المصريين، مضيفًا أن القضية المثيرة للجدل المعروفة بـ"شهيد الشهامة" في المنوفية تتطالب بعض الصفحات على الفيس بتظاهرات لتحقيق العدالة والضغط على القضاء، وهذا غير صحيح ولن يؤثر على القضاء المصري، وخاصة أنه يعلم أن هذه حملات تشنها دول إقليمية وجماعات تريد النيل من الأمن المصري.

وأضاف الشهاوي أن التفاعلات التي تحدث على منصات التواصل لها أثار سلبية كبيرة على المجتمع المصري، ومن الممكن أن تتسبب في نشر الفوضى في الشوراع بسبب القضايا التي تناقش على الفيس بوك، وبالتالي فإن تناول هذه القضايا على منصات التواصل علنًا ليس له أي أثار ايجابية، ولكنه يحتوي على فوضى كبيرة، خاصة أنه يفتح مجالًا لبث الشائعة وتحريف الحقائق التي من الممكن أن تتسبب في خلافات كبيرة بين المواطنين.

التريندات تؤثر بشكل ملحوظ

ومن جانبه قال الدكتور جمال فرويز، استاذ الطب النفسي المصري، إن مواقع التواصل الاجتماعي، والإثارة التي تحدث عليها تؤثر تأثيرًا قويًا على الأشخاص، وخاصة الشباب في مقتبل العمر، الأمر الذي يدفعهم لارتكاب الجرائم المتهورة دون التدقيق في عقباها.

واكد فرويز في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم" أن السبب في ارتفاع هذه الجرائم المنتشرة، وتأثيرها السلبي على مواقع التواصل الاجتماعي هي الحكومة ذاتها، التي تتأخر في إصدار البيانات التي توضح الصورة الكاملة اتجاه الأمر المثار على مواقع التواصل بين الرواد.

واضاف فرويز، أنه يجب الرد على الشائعات والقضايا المثارة على المنصات الاجتماعية، على الفور وقت ظهورها، ولا يجب الانتظار لمعرفة صداها سيكون قويًا او ضعيفًا، وبالتالي لا بد من إصدار البيانات العاجلة من الجهات المعنية، حول القضايا التي تتداول، لتسيطر على الموقف منذ بدايته.

ليس لها قيمة و"كلام فاضي"

ومن جانبه قال المحامي، الدكتور أحمد مهران، أن التريندات والهاشتاجات التي يشنها الرواد عبر منصات التواصل الاجتماعي ليس لها قيمة في التحقيقات المصرية، ولن يكون لها أي تأثير بمثال ذرة في التحقيقات التي تجرى في القضايا المثيرة للجدل، مؤكدًا أن العدالة في مصر عمياء.

وأكد مهران في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن القضاء المصري، عمله أن يفصل بين خصمين في أحد القضايا، وبالتالي لا ينظر إلى أي حد من الأطراف في القضايا ومن يكون، ولكنه يسعى وراء الأوراق والفيديوهات التي توثق الحادث، مضيفًا: أنه في العديد من القضايا المثيرة للجدل في مصر، يكون هناك داعمين للطرفان في القضية، وأحدهم يدعم القاتل والأخر يؤدي المقتول، وكل على حسب رؤيته للقضية، وبالتالي لن ينظر القضاء المصري لأي من الطرفين لأنه لن يحصل على المعلومات الصحيحة والموثقة من خلال مواقغ التواصل الاجتماعي.

خبير نفسي: "السوشيال ميديا" تؤثر على الشباب وتدفعهم لارتكاب الجرائم

ووصف مهران ما يحدث على مواقع التواصل بـ"أنها أشياء ليس لها قيمة على الإطلاق" مشيرًا إلى أن الكثير من مستخدمي المنصات الاجتماعية يريدون الحصول على ليكات وتفاعلات وبالتالي يكتبون التدوينات التي يحاولون من خلالها التاثير على عاطفة المتابعين الذين يتفاعلون معهم ويزودن من تفاعل صفحاتهم، وأن هناك جهات وجماعات تستغل هذه الفوضى على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل بث الفتن والإثارة بين المواطنين.

وأشار مهران، أن التريندات التي تظهر في مصر ما بين الحين والأخر مطالبة بتغيير قانون ما، وخاصة قانون الأحوال الشخصية الخاص بالطفل، بعد واقعة الطفلة جنة التي راحت ضحية التعذيب على يد جدتها، لن يأتي بجدوى، ولا الحكومة وبرلمانها قادرين على تغير مثل هذا القانون لأنهم ملتزمين باتفاقيات دولية، وبالتالي ليس له تأثير، وأصف النواب الذين تقدموا بتعدلات في القانون سالف الذكر بـ"غير فاهمين للقانون من الأساس ولا يدركون ما يفعلون" والدليل على ذلك أن المجلس لم يتطرق غليهم حتى الآن.

اقرأ أيضا