بدأ استخدام اللغة النوبية في حرب أكتوبر، كفكرة تراءت لمجند نوبي بقوات حرس الحدود يدعى "أحمد محمد أحمد إدريس"، والذي علم أن الرئيس السادات يبحث عن آلية للتغلب على أزمة فك الشفرات خلال الحروب، فعرض الصول "إدريس" الفكرة على أحد قاداته، حيث أن اللغة النوبية يتحدث بها أهل النوبة فقط ، كما أنها لا تكتب وغير موجودة في القواميس، و لهذا لم تعرف بها إسرائيل و لم تستطع التقاط أية إشارات أو رسائل لقادة الجيش المصري.
شفرة اللغة النوبية التي حيرت العدو في حرب أكتوبر 1973
في حديثه قال الصول إدريس: "أبلغ قادتي رئيس الأركان بالفكرة الذي بدوره عرضها على الرئيس أنور السادات ووافق على الفور وفوجئت باستدعاء الرئيس الراحل لي، وصلت لمقر أمني لمقابلة الرئيس السادات وانتظرت الرئيس بمكتبة حتى ينتهي من اجتماعه مع القادة، وعندما رأيته كنت أرتجف نظرا لأنها كانت المرة الأولى التي أرى بها رئيس مصر، وعندما قابلني وشعر بما ينتابني من خوف وقلق اتجه نحوي ووضع يده على كتفي ثم جلس على مكتبه وتبسم لي وقال: "فكرتك ممتازة ، لكن كيف ننفذها؟ فقلت له لابد من جنود يتحدثون النوبية وهؤلاء موجودون في النوبة وعليه أن يستعين بأبناء النوبة القديمة وليس بنوبيي 1964، و هم الذين نزحوا بعد البدء في بناء السد العالي لأنهم لا يجيدون اللغة، وأضاف الصول إدريس: "هم متوفرون بقوات حرس الحدود"، فابتسم السادات وقال : "بالفعل فقد كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود وأعرف أنهم كانوا جنوداً بهذا السلاح".
وبعد عودة "إدريس" إلى مقر خدمته العسكرية كان عدد المجندين 35 فردا، وعلم أنه تم الاتفاق على استخدام اللغة النوبية، كشفرة وأنهم قرروا الاستعانة بالمجندين النوبيين والذين بلغ عددهم حوالي 70 مجنداً من حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات، و تم تدريب الجميع، و ذهبوا جميعا وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 و حتى حرب 1973.
ماذا طلب الرئيس السادات من إدريس؟
طلب الرئيس السادات من إدريس، عدم الإفصاح عن هذا السر العسكري، كما هدده بالإعدام لو أخبر أحدا، وقد حفظ الصول إدريس هذا السر العسكري لمدة 40 عاما، واستمرت الشفرة متداولة حتى عام 1994، وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القيادات.
لقد كانت كلمة "أوشريا" هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر، ومعناها العربي "اضرب"، و جملة "ساع آوي" تعني "الساعة الثانية".
التكريم الذى حصل عليه "أحمد إدريس"
كرم الرئيس عبد الفتاح السيسي، المساعد أحمد إدريس في عام 2017 ، ومنحه وسام النجمة العسكرية لما قدمه من خدمات للوطن وقت حرب أكتوبر 1973، مما جعل المساعد أحمد إدريس ينغمر في البكاء قائلا: "كاتم سر الشفرة بقالي 40 سنة، فرد عليه الرئيس وقال له: "أنا عارف وهكافئك على دورك"، كما قام أبناء محافظة أسوان برسم جدار جرافيتي يحمل صورة لأحمد إدريس، ليكون بمثابة تقدير لابن المحافظة، ووسام شرف وعزة لكل نوبي وأسواني.