انتشر القلق لدى العديد من الدول في المنطقة العربية تجاه سباق الدول الأجنبية لإقامة القواعد العسكرية داخل الأراضي العربية، منهم من يرى أن هذه الدول تسعى للحفاظ على أمن المنطقة، وآراء آخرى تؤيد معارضة الوجود العسكري الأجنبي داخل أراضي العرب معللين السبب؛ بأن هذه الدول تحاول فرض نفوذها وهيمنتها على المنطقة لتحقيق أطماعها سواء اقتصادية أو عسكرية.
نقطة التحول هنا تكمن في الوضع الحالي لبعض الدول العربية داخل المنطقة، القلق السعودي الإماراتي من إيران وتتدخلاتها في اليمن واستخدام ميليشيات الحوثي لضرب الاستقرار، وكذلك الوضع المؤلم بسوريا والتواجد التركي الروسي والمشكلات التي فشلت الآستانا في وضع حل لها، وعلى الجانب الآخر تترقب واشنطن وتحاول تكوين تحالفات بالمنطقة لمساعدتها في حربها ضد روسيا وكذلك صراعها التجاري ضد الصين.
تهديد للأمن القومي العربي
أكد اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن هناك هجمة على القواعد العسكرية في المنطقة العربية، فبالنظر إلى تركيا نجد أن لها قوات عسكرية في 7 دول على رأسها سوريا والعراق والصومال وتحاول مع جيبوتي بالاضافة إلى قواتها في قطر وقاعدة في السودان وتحاول مع تونس، مضيفاً أنه سباق بين الدول، وأن هذا السباق الرهيب في بناء القواعد العسكرية بدأته منطقة الخليج بعد أحداث صدام حسين، واعتبروا القواعد العسكرية للدول الغربية هى الحامية لهم.
أوضح الخبير الأستراتيجي، أن المشكلة تكمن في الدول التي تسمح بإقامة تلك القواعد، مؤكداً على أن تلك القواعد الأجنبية تهديد للأمن القومي العربي، ولكن هناك بعض الدول تأخذها على اعتبار انها مصدر للدخل.
وأشار مظلوم إلى أن أهداف هذه الدول متعددة الأهداف بطبيعة الحال لكل دولة، فهناك بعض الدول تسعى للهيمنة وفرض نفوذها، والبعض الآخر لمصالحها، ضارباً المثل بالقواعد الأمريكية، حيث أكد أنها تعمل على تحقيق مصالح الولايات المتحدة، فهى تسعى للحد من نفوذ دول آخرى في المنطقة مثل الصين وروسيا.
وتابع مظلوم، أن هناك بعض الدول تعتبر القواعد تهديد لدول آخرى بجوارها، فحينما اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية القواعد في قطر كان الهدف منها استخدامها لضرب العراق، ولازالت حتى الآن تضرب أفغانستان من خلال قواعدها في قطر.
وتطرق الخبير العسكري في الحديث عن منطقة الخليج العربي، قال مظلوم إن بالنظر إلى لدول الخليج، نلاحظ أن هذه الدول اتخذت تلك القواعد وسمحت بوجودها على أراضيها لحماية نظم الخليج كدولة مثل الإمارات وسلطنة عمان ودول الخليج بشكل عام بعد أحداث العراق، واتخذوا تلك القاعد للدفاع كنوع من الحماية لا للدفاع عنها، ويمكن القول أنها الفترة الأولى لوضع وتثبيت أقدامهم وبناء قواتهم المسلحة ولكن القواعد الأجنبية استمرت بتلك الدول.
وأكد على وجود قاعدة إنجليزية في البحرين يتواجد بها الأسطول الخامس البريطاني، وأن البحرين ربطت أمنها بالولايات المتحدة المريكية بمواجهة ما تعتبره تهديدات الخارج فاستضافت القيادة المركزية للولايات المتحدة والسطول الخامس الذي أعيد بناءه في يونيو عام 1995، موضحاً أن التحالف يسمح بين الدولتيم باستخدام امريكا لقواعد البحرين الجوية وبتخزين مواد استراتيجية وذخائر جوية لتدريب القوات البحرينية، مضيفاً أن البحرين سمحت لواشنطن باستخدام قواعدها لطلعات جوية قتالية خلال غزو العراق، علماً بأن البحرين أرسلت قواتها للمشاركة في الغزو.
وحول القواعد الأمريكية التي تتواجد في البحرين، أكد الخبير العسكري على وجود 4 قواعد أمريكية، وهما قاعدة الجفير في المنامة التي تشتمل على مكاتب السطول الخامس الأمريكي وأطقم العمليات الخاصة بجانب قاعدة جوية أمريكية وبطاريات باتريوت وحاملات طائرات ومدمرات وسفن السطح المتمركزة في الخليج، وهناك قاعدة الشيخ عيسي التي تقع على السواحل الشرقية للمملكة العربية السعودية، وتمتلأ هذه القاعدة بالطائرات العسكرية وخلال عمليات درع الصحراء و عاصفة الصحراء عامي 1990و1991، وكذلك تم استخدام تلك القاعدة في طلعات جوية للطائرات الأمريكية في سماء العراق عام 2003، بالاضافة إلى قاعدة ميناء سلمان التي تقوم بتنسيق الدعم اللوجستي لسفن وغواصات الأسطول الخامس الأمريكي، بجانب مطار المحرق الذي يعد الموقع اللوجستي الرئيسي ومقر القيادة المركزية لتوزيع الجنود القادمون من الولايات المتحدة ويشمل على قيادة النقل الجوي وأسطول استطلاع جوي أمريكي.
وحول جيبوتي التي يتواجد بها قواعد أمريكية، أكد أنها سمحت بذلك لأن أمريكا تمنحها 100 مليون دولار سنوياً تستخدم لمصالحها والدفاع عنها، ولكن بشكل عام هذه القواعد ضرر كبير سواء للدولة المقيمة عليها لإنها تضعف القوة العسكرية لها وكذلك ضرر للمنطقة العربية بأكملها.
مشيراً إلى أن عملية الدخول والخروج في هذه القواعد مغلق على أصحاب الأرض دون علم ما بداخل القاعدة، وهو ما كان واضح في حلقة لبرنامج على التلفزيون عندما منعوا الرئيس السوري بشار الأسد من دخول القاعدة الروسية بسوريا وقت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هناك.
صاروخ "أرامكو" يشعل الحرب بالمنطقة
وتطرق للحديث عن صاروخ أرامكو، وأكد أن الولايات المتحدة اتفقت على انتشار قوات أمريكية في المملكة العربية السعودية منذ شهر، مشيراً أن المسألة في البداية كانت عبارة عن تدريب قوات أمريكية لقوات عسكرية سعودية وليست بناء قاعدة داخل المملكة.
في ظل التهديدات الإيرانية لمنطقة الخليج العربي، ربما صاروخ أرامكو يكون الدافع لإشعال شرارة الحرب بجانب تبادل الاتهامات والتصريحات هذه المرة قد تندلع حرب عسكرية داخل منطقة الخليج.
وحول زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، للمملكة لحضور مؤتمر وزارة الدفاع السعودية وأكد أنه الهجوم على معملي أرامكو اعتداء رسمي وصريح من إيران، ليست كحادثة الناقلات التي تعدت ودخلت مياه ليست لها، إيران أشعلت الحرب باعتداء رسمي بقتال ليس بالوكالة مباشرةً، ووصف بومبيو هجوم أرامكو بأنه "هجوم إيراني"، واعتبره "عمل حربي غير مسبوق"، مضيفاً أنه إذا كان "ادعاء الحوثيين الاحتيالي" دقيقاً، فإن ذلك لا يغير من حقيقة أن "بصمات آية الله واضحة في تعريض إمدادات الطاقة العالمية للخطر".
وحول الاجتماع الثلاثي بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا، أكد مظلوم على ضرورة تحقيق الاستقرار في السورية عبر الجهود المشتركة، وانخفاض مستوى العنف في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب، مضيفاً أن مسار آستانا بضمانة روسيا وتركيا وإيران، يعد الآلية الأكثر فاعلية تساهم في عملية إيجاد حل بسوريا.
وأضاف أن وجود القوات الأمريكية في بلد مستقل وعضو في الأمم المتحدة مثل سوريا يهدد سلامة إيران أيضاً، وأن القمة الثلاثية تهدف إلى إكمال الجهود التي تقودها المم المتحدة لتسوية النزاع في ظل سعي موسكو للضغط من أجل تحقيق اختراق في مسألة تشكيل لجنة دستورية تعمل الأمم المتحدة على تأليفها للإشراف على المرحلة المقبلة للتسوية السياسية، في الوقت الذي أكد فيه الرئيس الروسي خلال الاجتماع على ضرورة اتخاذ قرار لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا، وإنه "يجب على هذه اللجنة أن تبدأ أعمالها بشكل فوري في جنيف".
وأكد أن الموقف في سوريا معقد للغاية ولن يسهل عليهم حل الأزمة داخل سوريا دون شعب سوريا لن يكون هناك اتفاق للخروج من تلك الأزمة.