أكد الدكتور نجاح الريس، أستاذ العلوم السياسية، أن الضربة التي تلقاها تنظيم "داعش" الإرهابي والخسائر الفادحة التي تعرض لها في العراق وسوريا، جعل قيادات التنظيم الحالي تتطلع إلى ليبيا وتحديداً درنة لعودة نشاط التنظيم الإرهابي والمتطرف، مما آثار القلق المصري على الأمن القومي وجعلها طرف محوريا لحل الأزمة الليبية.
وأوضح الريس، أنه ليس بغريب على جماعة الإخوان الاصرار على التدخل في التركي في ليبيا، فالجماعة الارهابية تسعى جاهدة للبقاء في السلطة التي وصلت إليها بعد دعمها للتدخل الغربي في الأراضي الليبية منذ عام 2011، فالجماعة المتطرفة التي تزعم أنها تبحث عن دولة مدنية ديمقراطية انقلبت على نتائج الانتخابات في عام 2014، ناهيك عن الاستعانة بالميليشيات المسلحة للسيطرة على مؤسسات الدولة، ما تسبب في نشر الفوضى والفساد بجانب أعمال النهب والسرقة للثروات الليبية.
وأكد أن وقوف الإخوان ضد تحركات الجيش الليبي، لإنهاء الجماعات الإرهابية داخل ليبيا كشف نوايا الجماعة المشبوهة وأصبحت كل مخططات المجموعات المنتمية إلى الإسلام السياسي في ليبيا وعلى رأسها جماعة الإخوان مكشوفة لدى الشعب الليبي الذي أدرك أن هذه التنظيمات لا تحاول إلا السيطرة على الحكم وتنفيذ مشروعها التخريبي في المنطقة عبر تسليم ليبيا إلى تركيا التي تسعى لنهب ثراوتها وتمرير أجندتها في المنطقة.
مؤكداً أن التدخل التركي في ليبيا لم يكن خافيا منذ انطلاق المعارك في العاصمة الليبية طرابلس، فشحنات السلاح التركية والطائرات المسيرة التي تعول عليها قوات حكومة الوفاق مثلت دليلا واضحا على انخراط أنقرة في الصراع الليبي، مضيفاً أن توالي الهزائم لحلفاء تركيا في طرابلس أفقد أردوغان اتزانه حيث تحول الرجل الى خطوات تصعيدية خطيرة كشفت عن نواياه المشبوهة مستعينا في ذلك بجماعة الإخوان الإرهابية التي تسعى لبيع ليبيا للفاشي العثماني.
وأوضح الريس، أن مخططات أردوغان للسيطرة على ليبيا لا تعتمد فقط على دعم أذرعه التخريبية بالسلاح وإنما دعمها أيضاً بالتنظيمات الإرهابية التييسعى النظام التركي لنقل عناصرها إلى ليبيا لمنع سقوط آخر معاقل حلفائه، مدللاً على ما قاله بشار الجعفري مندوب سوريا في الأمم المتحدة، خلال الجلسة النهائية للقاء أستانا، الذي أكد أن السلطات التركية تقوم بنقل الإرهابيين من محافظة إدلب السورية إلى ليبيا بهدف القتال ضد الجيش الوطني الليبي.
يذكر أن الناطق باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، قد أكد أكتوبر الماضي أن أعداداً كبيرة من الإرهابيين أطلق سراحهم من سجون قوات سوريا الديمقراطية "قسد" باتو في أيدي الأتراك، وحذر من أن الرئيس التركي أردوغان قد يعمل على إرسال الإرهابيين الموجودين في سوريا إلى ليبيا عبر موانئ ومطارات العاصمة طرابلس ومصراتة وزوارة، ما يمثل خطراً على الأمن والسلام في المنطقة، لاسيما في ظل وجود عائلات إرهابية ليبية تسكن في تركيا ستساهم في نقل الإرهابيين من سوريا إلى الغرب الليبي ولعل أبرزها عائلة علي الصلابي عضو التنظيمالدولي لجماعة الإخوان الإرهابية.
وكشفت العديد من التقارير الليبية والعربية، أن السلطات التركية كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا خاصةً أفراد تنظيم جبهة النصرة وتنظيم داعش، حيث بدأت تركيا في نقل هذه العناصر الارهابية إلى ليبيا لدعم الميليشيات المسلحة داخل العاصمة طرابلس.
وعبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في يوليو الماضي خلال مؤتمر صحفي في روما بعد أن أجرى محادثات مع رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي،عن قلقه من تدفق المتشددين على ليبيا من محافظة إدلب السورية، وحذر من أن الوضع في ليبيا يتدهور، في الوقت الذي كشفت فيه تقاريرأن نقل المقاتلين الإرهابيين من إدلب السورية إلى ليبيا يتم عبر الأراضي التركية بواسطة طائرات شركة الأجنحة المملوكة لعبد الحكيم بلحاج المقيم في إسطنبول.
وتطرق أستاذ العلوم السياسية للحديث عن مصر حيث أكد أنها تعد دولة عضو في الأمم المتحدة بجانب تمسكها بالمعاهدات والمواثيق الدولية مما يجعلها حجر الزاوية في الملف الليبي، مدللاً بذلك على لاتصال بين السيسي وميركل، حيث أكدت المستشارة الألمانية حرصها على تبادل وجهات النظر والرؤى مع الرئيس المصري فيما يخص التطورات الأخيرة على الساحة الليبية.
مخططات "أنقرة" برعاية قطرية
وحول المؤامرة التركية، أكد أستاذ العلوم السياسية أنها تجري برعاية قطرية وبالتعاون مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، وتمثل تلك المؤامرة تخطيطاً خبيثاً من أردوغان لتحقيق عدة أهداف لعل أهمها أن يجد فرصة للتخلص من الدواعش الموجودين داخل سوريا عبر تصديرهم إلى الأراضي الليبية، للقتال بجانب ميليشيات حكومة الوفاق لعلها تساند السراج وتنقذه من الخسائر المتتالية التي يتلقاها على أيدي قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، موضحاً أنه رهان خاسر لن يؤتي بثماره في ظل تكاتف الجهود الدولية لمحارب التطرف والإرهاب.
وتابع قائلا: الهدف الآخر للعثماني هو تصدير كميات كبييرة من الأسلحة لحكومة الوفاق ويقوم رئيسها السراج بدفع فاتورتها من ثروات الليبيين زاعماً أنه يساند الحكومة المعترف بها دولياً بجانب تقوية الميليشيات المتطرفة المسلحة الموالية له ولحليفه حتى تتدافع عن أطماعه في المنطقة وكذلك في المتوسط إذا لزم الأمر.
وأكد أن مؤتمر برلين يمثل بالفعل فرصة مواتية لإنهاء الأزمة التي تعصف بليبيا في الوقت الراهن، في الوقت ذاته حذر أستاذ العلوم السياسية من خطورة الصراع الدولي الذي يدور في الخفاء بين القوى الراغبة في استعادة نفوذها المفقود بالمنطقة عن طريق التدخل في الملف الليبي، موضحاً أن هذا الصراع الدولي يمكن أن يؤدي إلى تواطؤ مع تركيا وحكومة الوفاق كفاتورة تدفعها الدول الراغبة في البقاء داخل ليبيا ولو بالنفوذ.
مشيراً ألى أن زيارة وزير الخارجية الإيطالي داخل ليبيا ولقاءه مع ممثلي الطرفين يمثل نموذجاً لمحاولة روما كقوة بدأت تغيب عن ليبيا لاستعادة نفوذها ومكانتها، حتى لا تنفرد الدول التي تتولى أمر الترتيب لمؤتمر برلين بالحل لوحدها دون ثائر الدول الآخرى وخاصةً إيطاليا، لاسيما في ظل القمة المرتقبة التي ستجمع الرئيس الروسي ونظيره التركي والتي من الصعب التكهن بنتائجها، لافتاً إلى أن التحرك الإيطالي لن يكون ذا جدوى في إيقاف الحرب ولن يعيد لها ثقلها السياسي داخل أرض المختار، محذراً من أنه من الممكن أن يمثل تلك التحرك ثغرة تؤدي إلى فشل مؤتمر برلين المقرر انعقاده حال لم ينتهي بالحلول المرضية للجاني الإيطالي والتي من شأنها أن تبقي على مكانتها ونفوذها داخل ليبيا.