المشهد مزر للغاية، ومخيف لدرجة الموت.. أب يمسك بسكين وينقض على ابنته فلذة كبده، ويمررها على رقبتها بكل عنف، ثم يطعنها في صدرها عدة طعنات، متخيلًا أن هذا سيشفي غليله ويجرده من العار الذي لحق به، وعلى الجانب الآخر شاب في مقتبل العمر، تدمرت حياته بسبب أخته التي كُتبت السطور الأخيرة في حياتها على يده، بعدما ضبطها في أحضان حبيب القلب يمارسان الرذيلة.
اللقطات السابقة، أصبحت بمثابة حقيقة واقعة تحدث في معظم الأيام بشتى محافظات الجمهورية، تتسبب فيها فتاة في عمر المراهقة، حينما تصبح "لقمة سهلة" في يد شاب يتلاعب بمشاعرها يمينًا ويسارًا، لينتهي بهما الحال بأن تجمعهما علاقة غير شرعية، ويكون الضحية في هذه المأساة، إما الأب الذى انتابته حالة من الدهشة والذهول فيقتل ابنته، أو الأخ الذي أصبحت شقيقته عارا في حياته.
نهايته القتل
شهدت المحروسة الآونة الأخيرة الكثير من الجرائم الأسرية من هذا النوع، الذي سيطر فيها "الحب الحرام" أو العلاقة غير الشرعية، والتي تنتهي في معظم الأوقات بالقتل، وقضاء أعوام خلف قضبان السجن، وآخرها القضية التس أثارت جدلًا على الساحة الأيام الماضية.
المكان زاوية غزال بمركز دمنهور في محافظة البحيرة.. الزمان ثالث أيام العيد وتحديدًا وقت الفجر.. الواقعة كانت غريبة من نوعها، موظف أقدم على ذبح نجلته طالبة الثانوي، وسائق توكتوك بعد ضبطه معها في وضع مخل داخل غرفة نومها، لدى عودته فجرًا من المقهى.
الطالبة التي لقيت مصرعها على يد والدها تبلغ من العمر 16 عامًا، ضبطها في أحضان سائق توكتوك عمره 24 سنة، في الطابق العلوى من منزله، وعلى الفور أحضر سكينا من المطبخ وباغتهما، وشل حركتهما بمساعدة نجله وذبحهما.
لم تكن هذه الجريمة فريدة من نوعها، ولكن حدث الكثير، حيث كانت منطقة كفر الزيات بمحافظة الغربية، شاهدة على مقتل فتاة على يد شقيقها، بعدما شاهدهما، في وضع مخل داخل منزل شقيقته، وتبين أن الجثة لـ"ع.ع"، 37 سنة مقيمة حديثًا بكفر الزيات وبها طعنات في الصدر والجنب، وأيضًا جثة الشاب "م.ع" 23 سنة مقيم بكفر الزيات وبه طعنة بالصدر.
كثرة هذه الجرائم، وفقًا لتقرير خبراء علم النفس الاجتماعي، فإنها تستهدف غالبًا الشباب من الجنسين في سن المراهقة، وذلك لعدم القدرة على التفكير الصحيح والتأهيل الجيد المواكب لنوائب الدهر، وأمَّا السيدات التي تلجأ للعلاقات غير الشرعية، وتقع في مثل هذه الجرائم، تكون بسبب الخلافات الأسرية التي تحدث بين الزوجين، حيث تلجأ المرأة لاستخراج طاقة الغل التي بداخلها، ولا تجد سوى الخيانة كي تثير غضب الرجل.
العقاب على القانون
أمَّا من الناحية الدينية، فيقول الشيخ علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء إنه لا يجوز للأب قتل ابنته حال تلبسها في وضع مخل للآداب "زنا"؛ لأن العقاب يقع على عاتق ولي الأمر المتمثل حاليًا في القانون والدولة، موضحًا: "ما يحدث في هذه الجرائم، حينما يرى أحد ابنته في وضع مثل هذا، على الفور يعتبرها دفاعًا عن الشرف ويصاب بحالة من الذهول مما شاهده فينقض على الجناة ويقتلهم وهو لا يدري".
وبالنسبة لقضية فتاة البحيرة المثيرة للجدل فيرى "فخر"، أن ما فعله الأب وابنه حرام شرعًا، ولا يجب فعله؛ لأن الأب وأولاده خرجوا في حالة من الذهول، وتعمدوا القتل والتعذيب للمجني عليهما، وبالتالي فإن الشريعة الإسلامية رتبت الأحكام على الأفعال وكل فعل له حكم، والأحكام الشرعية لا يوجد بها إباحة القتل في هذه الحالة، مضيفًا: "وهذا ينطبق تمامًا على الشقيق الذي قتل أخته في نفس هذه الحالة".
جناية قتل عمد بسيط
اللواء دكتور شوقي صلاح الخبير الأمني، قال إن القانون المصري لا يوجد به نص لتخفيف العقوبة عن الأب القاتل لابنته حال ضبطها متلبسة بجريمة الزنا، بعكس الزوج، ولكن من الممكن أن يستخدم القاضي المادة 17 من قانون العقوبات والتي تنص على النزول بالعقوبة درجة أو درجتين.
وأضاف أن الأب الذى يقتل نجلته يعتبر ارتكب جناية قتل عمد بسيط، العقوبة المقررة وفقًا للمادة 234 من قانون العقوبات وعقوبتها السجن المؤبد أو السجن المشدد ويحق للقاضي النزول بالحكم للسجن أو الحبس إذا كان السبب مبررا.
وأوضح أن القاضى يحق له أن يلجأ إلى التخفيف العقابي، حيث يتم استخدام المادة 17 السالف ذكرها، وتكون العقوبة التى توقع على الأب ما بين الحبس من سنة لـ 3 سنوات، مضيفًا: أن الحال فيما تم ذكره على الأب ينطبق على الأخ أيضًا الذي يقتل أخته حال تلبسها بالزنا.
لا يستفيد
يرى أحمد محمد البنديري المحامي، أن الأب لا يستفيد من العذر المخفف المنصوص عليه بالمادة ٢٣٧ من قانون العقوبات لا هو ولا أشقاء المجني عليها لانتفاء صفة الفاعل المنصوص عليها بالمادة، ولكن يجوز للمحكمة وضع تلك الأمور فى الاعتبار وأن تستعمل سلطتها بإنزال العقوبة إلى الحدود المنصوص عليها بالمادة 17 عقوبات الخاصة بالظروف المخففة والنزول من العقوبة الأشد إلى العقوبة الأخف.
وكشف أن المادة ٢٣٧من قانون العقوبات تنص على: "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها فى الحال هى ومن يزنى بها يعاقب بالحبس بدلا من العقوبات المقررة فى المادتين ٢٣٤ و٢٣٦ الخاصتين بالقتل العمد وعقوبته الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، والضرب المفضي إلى موت وعقوبته الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن من ثلاث إلى سبع سنوات".