في الثامن أغسطس هز انفجار غامض منشأة عسكرية روسية في منطقة القطب الشمالي وتحديدًا في مدينة سيفيرودفينسك، راح ضحيته بعض العلماء والجنود الذين تواجدوا بالمنطقة أثناء حدوث التفجير، الحكومة الروسية أعلنت بأنّ الحادث نتج أثناء تجربة نووية لأسلحة جديدة، العالم بأكمله كان يترقب الأخبار المتعلقة بالكارثة التي حدثت لكن في مصر الوضع كان مختلفًا.
المسافة التي تبعد بين الدولتين تجعل مصر في محل آمن بعيدًا عن الإصابة بالغبار الإشعاعي، وفقًا لما أعلنته هيئة الأرصاد الجوية، لكن كان هناك قلقًا من نوع آخر آلا وهو الغذاء بالنسبة للمصريين، فمصر تحتل المرتبة الأولى في استيراد القمح الروسي، لذلك تملّك الخوف البعض من إصابة القمح القادم من روسيا إلى مصر بالإشعاع النووي الأمر الذي سيسبب خطرًا كبيرًا على حياة المصريين.
الأمان النووي: ما أثير حول التفجير مبالغ فيه
الدكتور كريم الأدهم، الرئيس السابق لهيئة الأمان النووي، كان له حديث معنا بشأن هذا الأمر، فوصف بأنّ ما أثير حول الانفجار النووي في روسيا بأنّه مبالغ فيه بدرجة كبيرة، فما حدث لا يمكن أن نطلق عليه انفجارًا نوويا كبيرًا، فحتى الآن المستويات التي تمّ قياسها وإعلانها مستويات متدنية جدًا لاتمثل خطورة كبيرة، بالرغم من إخلاء بعض القرى المجاورة للمحطة كزيادة تأمين لا أكثر، ودليل ذلك أنّ البلاد الأخرى التي تجاور المدينة لم يثبت لديها حتى الآن أي خلفية إشعاعية.
وبالنسبة لما تردد حول تأثر محصول القمح بروسيا بالتفجير الذي حدث، فبحسب ما أكّده الرئيس السابق لهيئة الأمان النووي، فإنّه لكي يتأثر المحصول ينبغي أن يتعرض لكمية كبيرة من المادة المشعة والتي بدورها ستنطلق من محل التفجير وتسقط على الحقول، كذلك فإنّ المسافة بين الأقاليم التي يزرع فيها القمح والمدينة التي حدث بها التفجير كبيرة تتجاوز آلاف الكيلو مترات.
حتى هذه اللحظة الآثار الناتجة عن التفجير لا يمكن مقارنتها أو أن يطلق عليها نتيجة تفجير نووي ، لذلك احتمال تلوث المحاصيل الزراعية هناك بعيدة كل البعد، وفقا لحديث كريم الدين، متابعًا أنّ الأحاديث التي خرجت تفيد بعدم امتلاك مصر أجهزة للكشف عن المواد الإشعاعية عار تمامًا عن الصحة، فلا يمكن دخول أي محصول غذائي إلى مصر دون خضوعه لأجهزة مختصة بالكشف عن المواد الإشعاعية، حسب حديث الدكتور كريم الأدهم، الرئيس السابق لهئية الأمان النووي.
الحجر الزراعي: ننتظر التقرير القادم من روسيا
الدكتور أحمد العطار، رئيس هيئة الحجر الزراعي التابعة لوزارة الزراعة، ذكر هو الآخر بأنّ ما أثير حول إصابة محصول القمح في روسيا والتي تعمل مصر على استيراده بالإشعاع النووي نتيجة التفجير الذي حدث قبل عدة أيام فهو عار تمامًا عن الصحة، فقبل دخول أي شحنة غذائية لمصر يتم فحصها في المطار من عدة جهات مختلفة من ضمنهم هيئة الطاقة الذرية، والحجر الزراعي، بالإضافة إلى وزارة الصحة، وتحديدًا شحنات القمح القادمة من روسيا والتي يتم فحصها إشعاعيا قبل دخولها سواء كان هناك إنفجار من عدمه، لضمان خلوها من تلوثات إشعاعية.
وتابع رئيس هيئة الحجر الزراعي في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، بأنّه حاليًا لا توجد أي شحنات متواجدة في الموانئ، لكن الشحنات القادمة بالتأكيد سيتم فحصها من كآفة الجهات المختصة والتي تمّ ذكرها من قبل، وحال تواجد أي تلوثات سواء إشعاعية أو غير إشعاعية سيتم رفض الشحنة وعودتها إلى بلادها، لأنّ هذا الأمر لا يمكن التهاون فيه.
وزارة الزراعة متمثلة في الحجر الزراعي تتواصل حاليًا مع الجانب الروسي عن طريق السفارة المصرية في موسكو، لمعرفة مدى تأثير الانفجار الذي حدث على المحاصيل الزراعية المتواجدة هناك، وهل هناك أي تأثير على الأقاليم التي تختص بالزراعة، من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الأمن والوقاية، لكن حتى الآن لم يتم التأكيد على إصابة تلك الأقاليم، وفقًا لما تحدّث به الدكتور أحمد العطار، رئيس هيئة الحجر الزراعي.
السفارة المصرية بموسكو: لم تثبت أي تقارير تفيد إصابة محاصيل
وبدورنا قمنا باالتواصل مع المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في موسكو، الدكتور أيمن موسى، والذي تحدّث عن أنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكّدت تراجع نسب الإشعاع والنطاق الجغرافي له، واقتصر فقط على المنطقة التي تمّ بها وهي مدينة سيفيرودفينسك، وبعض القرى المجاورة القريبة من محل التفجير، متابعًا أنّه بالنسبة لتأثر المحاصيل الزراعية، فإنّه حتى الآن لم تثبت أي تقارير صحة هذا الأمر، بالإضافة إلى أنّ الاشتراطات الصحية في روسيا مرتفعة بدرجة كبيرة وصارمة، كذلك فإن هناك عدد من المختصين المصريين المكلفين بدراسة وبحث الأمر والكشف عن الشحنات التي سيتم توريدها للوطن.
ووفقا لحديث المستشار الإعلامي للسفارة المصرية في موسكو، فإنّ غالبية الصادرات الروسية من الحبوب والتي من المفترض أن يتم تصديرها هذا العام ليست من المحصول الجديد، ولكنه من المخازن التي تزيد عن الحاجة المحلية، لذلك فلا يجب القلق بشأن هذا الأمر.
صحفية روسية: الأقاليم الزراعية بعيدة بدرجة كبيرة عن محل التفجير
أناستاسيا أليكسندرا، إحدى الصحفيات في روسيا والمعنية بهذا الشأن، تحدّثت بأنّه حتى الآن لم تصدر أي تقارير من الحكومة الروسية تفيد بإصابة محاصيل غذائية وتحديدًا القمح نتيجة التفجير الذي حدث في الثامن من أغسطس، كما أنّ الشركة الرائدة في تصدير القمح في البلاد تقع في منطقة روستوف، والتي تقوم بتصدير حوالي 18.7 مليون طن، وتمتلك ملايين من الأراضي الزراعية، هذه الشركة تابعة لرجل الأعمال بير خوديكين. المشترين الرئيسيين لهذه الشركة هم تركيا ومصر وجنوب شرق آسيا، والمنطقة التي تقع بها الشركة بعيدة كل البعد عن منطقة التفجير.
وتابعت أليكسندرا، بأنّ إقليم كراسنودار هو يعد أكبر الأقاليم إنتاجًا للقمح،في روسيا بالرغم من انخفاض الإنتاج به خلال السنوات الآخيرة، هذا الإقليم الذي يقع على البحر الأسود، بينما تقع مدينة سيفيرودفينسك محل التفجير على البحر الأبيض، هذه المسافة لا يمكن أن تؤثر على المحاصيل.
أماكن زراعة القمح في روسيا والمسافة بينها وبين محل التفجير
أكبر الأماكن التي يتم زراعة القمح بها في روسيا إقليم سيفاستوبول، والذي ينتج حوالي 22 %، هذا الإقليم الذي يبعد مسافة حوالي 2158 كم عن مدينة سيفردوفينيسك والتي وقع بها التفجير.
من الأقاليم الكبرى أيضًا التي تختص بزراعة القمح إقليم كراساندارا، والذي ينتج هو الآخر حوالي 22% من القمح الروسي، ويبلغ مسافة 2137 كم عن مدينة سيفردوفينيسك محل التفجير.
أيضًا إقليم ساراتوف والذي يبعد حوالي مسافة 1470 عن مدينة سيفردوفينيسك، والتي وقع بها التفدير.
إقليم فولجوجراد والذي يبعد حوالي 1075 كم، عن مدينة سيفردوفينيسك.
إقليم أومسك والذي يبعد حوالي 2160 عن مدينة سيفردوفينيسك.
إقليم كورسك والذي يبعد حوالي 1439 عن مدينة سيفردوفينيسك.
إقليم فورونيج والذي يبعد حوالي 1433 عن مدينة سيفردوفينيسك محل التفجير.
إقليم ألتاي والذي يبعد حوالي 2136 عن مدينة سيفردوفينيسك.
أمّا بالنسبة للإقليم الأقرب لمحل التفجير وهو إقليم روستوف والذي يبلغ مسافة حوالي 823 كم عن مدينة سيفردوفينيسك.
مصادر الأقاليم وفقا للسفارة المصرية في روسيا.
يذكر أنّه قد وقع انفجار بقاعدة عسكرية بمنطقة القطب الشمالي على سواحل البحر الأبيض، وأسفر عن مقتل 7 أشخاص، هم 5 علماء وجنديان، وبعد 4 أيام من الانفجار أعلنت الحكومة الروسية أن الانفجار "نوويا" وأنه وقع خلال اختبار صاروخ يعمل بالنووي في مدينة "سفرودفنسك"، والتي سجلت أجهزة الاستشعار لديها ارتفاعا للنشاط الإشعاعي 16 مرة، وتمّ إجلاء عدد من المدن المجاورة لمحل التفجير.