تعد منطقة شرق المتوسط من المناطق الجيوستراتيجية الهامة التي تشكل نقطة تقاطع لثلاث قارات، وبالتالي من يتمكن من السيطرة عليها يمكنه التأثير في مجريات الأحداث الإقليمية والدولية، حيث تتقاطع العديد من الامتيازات في تلك المنطقة بين السياسي والاقتصادي والعسكري. ومؤخرا شهدت هذه المنطقة العديد من التزاحم الإقليمي والدولي للحصول على الامتيازات تلك، خاصة بعدما تم اكتشاف العديد من الثروات النفطية هناك.
وعلى ضوء ذلك قال مصطفى صلاح، الباحث في العلاقات الدولية، أن تركيا أحد أهم الدول التي تحاول أن تخلق لها موطئ قدم في المعادلة السياسية والعسكرية والاقتصادية هناك، الأمر الذي ظهر جليا بعد حالة التصعيد المتبادل بين العديد من دول هذه المنطقة أو من خلال الدول الكبرى المنخرطة هناك.
وأنه على الرغم من المحاولات التركية الهادفة إلى الحصول على الامتيازات الاقتصادية في هذه المنطقه إلا أن هناك العديد من العقبات التي تقف أمام تحقيق ذلك خاصة من جانب قبرص واليونان عوضا عن الاتحاد الأوروبي الرافض لهذه التدخلات التركية، وفي تقديري أن هذه الأزمات ما هي إلا امتداد لسلسة من الأزمات القديمة مثل الاحتلال التركي لجزيرة قبرص عام 1974، بالإضافة إلى وجود العديد من القوى الدولية التي ترى في التدخل التركي تهديدا حقيقياً لمصالحها ومن ثم يجب ابعادها.
سياسة أنقرة لتحقيق مصالحها.
وأشار " مصطفى صلاح" إن حالة الرفض تلك يمكن أن تنعكس بصورة سلبية على مسار حركة أنقرة خاصة أنها تتجه نحو تصعيد المواقف التي ترى فيها تكريسا لمصالحها، وبالتالي فإن سياسة أنقرة التصعيدية التي تستخدمها في تحقيق مصالحها من خلال التحرش بالسفن التجارية التي تعمل في المناطق الاقتصادية الخاصة بدول المنطقة، الأمر الذي قد يدفع بعض القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو روسيا إلى فرض عقوبات اقتصادية او التلويح باستخدام القوى العسكرية في هذا الأمر، ولعل هذا الأمر يمثل أحد أهم السيناريوهات المحتملة بصورة كبيرة على أرض الواقع.
وأضاف" مصطفى صلاح"، أنه ووفق ما سبق فإن هذه المنطقة مرشحة لأن تكون بؤرة صراعية جديدة وفق العديد من المؤشرات أهمها وجود قوى دولية كبرى عازمة على تحقيق مصالحها مثل روسيا التي أبرمت اتفاقية مع سوريا منذ عام 2014، تتمكن من خلالها تحقيق نجاحات كبيرة في عمليات البحث والتنقيب على الغاز، بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي فإن هذه المنطقة تمثل ضمانة استراتيجية لتلبية احتياجاتها من الغاز والموارد النفطية خاصة مع اشتعال الأزمة الأمريكية الإيرانية، ومن زاوية أكثر شمولا انخرطت الولايات المتحدة الأمريكية في الأزمة للضغط على تركيا خاصة في ظل التباينات الواضحة بينهما تجاه العديد من القضايا أهمها قضية التسلح العسكري التركي من روسيا.