تنشر بلدنا اليوم، كلمة جمهورية مصر العربية أمام الجلسة الافتتاحية لمنتدى المنظمات غير الحكومية على هامش الدورة 46 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
ـــــــــــ
السادة الحضور
يطيب لي أن أرحب بكم في قطعة غالية من أرض مصر، استعادتها بدماء شهدائها الأبرار بعد حروب مريرة، حيث يحل علينا بعد خمسة أيام فقط ذكرى تحرير هذه الأرض المباركة التى تعاقب عليها الأنبياء، بدءاً بإبراهيم ثم يوسف ويعقوب، وتحدث فيها الله إلى موسى وأعطاه الوصايا العشر، ومر بها عيسى وأمه مريم باحثين عن الأمن من بطش هيرودس ملك إسرائيل. واليوم تحتضن هذه الأرض المباركة خيرة الأفراد والكيانات التى تعمل على تعزيز واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فى أفريقيا.
إنه لمن دواعى اعتزازى أن يتم اختيارى ممثلاً للحكومة المصرية في منتدى المنظمات غير الحكومية الذى يسبق الدورة 64 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وأن أنقل إليكم ترحيب مصر، حكومة وشعباً، بجميع ممثلي منظمات المجتمع المدني المشاركين، وتطلعها إلى أن تتيح النقاشات في إطار المنتدى فرصة لتبادل الرؤى والخبرات والدروس المستفادة، وأن تسفر عن بلورة أفكار وخطوات عملية تساهم فى تعزيز أوضاع حقوق الإنسان في قارتنا الحبيبة أفريقيا.
لقد تعددت تجارب الشعوب الأفريقية بعد التحرر من الاستعمار تحت مظلة أنظمة سياسية مختلفة، ولازالت، إلا أنها لم تحقق آمال شعوبها فى التنمية والرخاء وتعزيز كرامة الإنسان. ولقد أثبتت ثورتى 2011 و2013 في مصر، وفى عدد من الدول الأفريقية، في شمال وشرق وجنوب القارة، أن الشعوب لها كلمة مسموعة، وأن تحقيق الاستقرار والتقدم يتطلب التحرك بخطى متوازية على مسارى الديمقراطية والتنمية. فتشابك الحقوق المدنية والسياسية في أفريقيا مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ربما يكون أكثر وضوحاً عنه فى مناطق أخرى من العالم، فحقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة وتعزز بعضها بعضاً.
إن امتلاك قارتنا الأفريقية لثروات بشرية وطبيعية هائلة يخلق فرصاً ضخمة وفى ذات الوقت تحديات جمة. وليس بالإمكان استغلال تلك الفرص والتغلب على التحديات إلا بتكاتف جهود الحكومات والمجتمع المدنى لتمكين أبناء القارة من التمتع بجميع حقوق الإنسان، فلم يعد دور المجتمع المدنى ينحصر فى التدريب وتوفير الخدمات، وإنما صار يساهم فى نشر المعلومات الصحيحة ورفع الوعى السياسى وفضح الفساد الذى يعوق تقدم الشعوب. فبدون الحرص على تحقيق الشفافية لن تكون هناك مساءلة أو محاسبة، ولن يتسنى توجيه توجيه طاقات المواطنين نحو التنمية الشاملة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا من خلال مجتمع مدنى نشط وواع يفهم احتياجات المجتمع ويدرك ما يواجهه من مشكلات وتحديات ويطرح الحلول لها.
السادة الحضور،
إن الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان فى قارتنا الحبيبة يستلزم رؤية واضحة من جانب الحكومات والمجتمع المدني على السواء لمسئوليات وواجبات كل طرف. فعلى الحكومات بصفة خاصة مسئولية تهيئة المناخ المناسب لعمل المجتمع المدني بحرية، بما في ذلك من خلال وضع الضوابط لتنظيم وتيسير أنشطته. وعلى منظمات المجتمع المدني بالمثل مساعدة الحكومات على الاضطلاع بمسؤولياتها بموجب دساتيرها والقانون الدولى تجاه شعوبها فى تعزيز وحماية حقوق الإنسان لجميع الأفراد، ورصد مواطن القصور وطرح الحلول، والمساعدة فى تمكين الأفراد من التمتع بتلك الحقوق دون تمييز، وذلك فى مقاربة تقوم على تكامل الجهود فى إطار عمل جماعى متناغم يهدف إلى الارتقاء بالمجتمعات. ويتطلب هذا بناء علاقة صحية بين الطرفين، تقوم على الاتفاق فى الأهداف الكلية المتمثلة فى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما فى ذلك الحق فى التنمية، والاستفادة من اختلاف الأدوات والآليات المتاحة لدى كل طرف للوصول إلى تلك الأهداف.
أعلم أن البعض لم يتمكن من التواجد معنا اليوم. وربما يكون ذلك راجعاً فى جزء منه إلى التأخر فى إصدار تأشيرات الدخول نظراً لانشغال البعثات المصرية فى الخارج بعملية إدلاء المواطنين المصريين بأصواتهم فى الاستفتاء الجارى على التعديلات الدستورية التى طرحها مجلس النواب، ولكننى أتطلع إلى انضمامهم إلينا خلال الأيام القادمة والمشاركة بفاعلية فى الدورة 64 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. وأود أن أؤكد أنه تم إصدار تعليمات لجميع البعثات بمنح تأشيرات فورية لجميع ممثلى المجتمع المدنى الذين وردت بياناتهم من خلال سكرتارية اللجنة، وسوف يتم منح تأشيرات دخول فى المطار لكل من لم يتمكن من الحصول على تأشيرات مسبقة من ممثلى المجتمع المدنى الأفريقى.
ختاماً، أرحب بكافة الحضور مجدداً، ويشرفنى أن أنقل إليكم أطيب تمنيات الحكومة المصرية بنجاح منتداكم الهام، راجياً لكم إقامة طيبة فى شرم الشيخ والتمتع بجمالها وسحر شواطئها.