بعد أن أنهى "معتز" الثانوية العامة بدأ يتطلع إلى مُستقبله بكل جموح، فالتحق بكلية السياحة والفنادق بالإسكندرية، نجح في عامه الأول ومع بداية عامه الثاني، طلبت منه إدارة الكلية الحصول على التأجيل المؤقت للخدمة العسكرية، توجه إلى منطقة التجنيد، فحدث هناك ما غيّر مسار حياته تمامًا، حيث اتجه مُستقبله إلى المجهول.
يسردُ الشاب، ذو الـ 27 عامًا، تفاصيل أزمته التي وصفها بـ "الغريبة"، فيقول: "عندما ذهبت لمنطقة التجنيد للحصول على التأجيل المؤقت فوجئت أنه لا يوجد قيد عائلي ليّ باسمي الذي أحمله في الأوراق الرسمية"معتز كمال الدين"، هنا كانت بداية التقلبات في حياتي حيث قال لي مسئول شئون الطلاب بالكلية "مُش هينفع تكمل غير لما تجيب لنا تأجيل".
وعلمتُ بعد ذلك أن ليّ قيدًا عائليًا باسم آخر، هو "معتز علاء الدين"، الاسم الحقيقي لأبي، ومنذٌ هذه اللحظة أصبح مُستقبلي في مهب الريح، فبعد خسارتي لمشواري التعليمي، أيضًا لا يُمكنني الالتحاق بأي عمل لعدم اكتمال أوراقي لأن شهادة الجيش من الأوراق الأساسية لمصوغات التعيين، ولا يمكن لي استخراجها إلا بعد تصحيح الاسم رسميًا في شهادة الميلاد.
يصمُت معتز لحظات قليلة، ثم تخرج من فمه الكلمات بأسًى: "حالي واقف، ولو فكرت في الزواج سأكون أمام القانون (مجرم)".
نفس المشكلة، تتشاركها معه أخته، "نهال" التي تصغره بعام واحد؛ فبعد أن تخرجت من كلية التربية، قدمّت أوراقها في أكثر من مدرسة، لكن الرفض المستمر والرد واحد "صححي اسمك وتعالي".
رفضت نهال الظهور في صورة أو فيديو أثناء التسجيل معها، لتعرضها للتنمر من زميلاتها اللاتي يُطلقن عليها "أم اسمين".
لكن ما الذي أدي بالأخوين، إلى هذا المستقبل الضبابيّ؟، تعود الأم، بذكرياتها إلى البداية: "طلب زوجي يدي من أخي الذي كان يزامله في أحد مصانع الملابس، وتم توثيق زواجي منه في الشهر العقاري، لأنه مواطن سوداني واستمرت الحياة بيننا، حتى كبر الأولاد، وأدخلهم مدارس خاصة، ولاحظت تهربه الدائم من حضور اجتماعات مجالس الآباء، فأثار الأمر دهشتي ومع ضغوطي عليه لحضور اجتماعات مجالس الآباء، فوجئت به ترك المنزل هاربًا في سنة 2007 بعد أن جمّع كل الأوراق المهمة.
ومن وقتها انقطعت أخباره عنها وعن إخوته، ولا يوجد مصدر إنفاق لها ولأولادها، فقامت بعدها بخمس سنوات "2012" برفع قضية طلاق، كي تتمكن من الدخول في معاش أبيها، وبعد عامان حكمت المحكمة لصالحها.
تستمر والدة الشابين في سردها: "عندما نشبت مشكلة استحالة حصول معتز على التأجيل المؤقت من الخدمة العسكرية توجهت إلى أحد أخوة زوجي الهارب، ليساعدني ففاجئني بوجود شهادة ميلاد لابني باسمه الصحيح "معتز علاء الدين"، وفوجئت أن زوجي مصري الجنسية، وليس سودانيًا، وأنه قام بهذا لتهربه من تأدية الخدمة العسكرية.
مع مرور السنين واحتدام مشكلة الأبناء، لجأت الأم لرفع الدعوى رقم 634 لسنة 2017، لتصحيح اسم زوجها في وثيقة الزواج وكسبت القضية وصححت بيانات وثيقة زواجها وبدأت في الخطوة التالية لتصحيح قيد معتز، ليتمكن من استخراج موقفه التجنيدي، فيستعيد معتز وأخته مسار الحياة الطبيعي.
لم تنته المشكلة بعد بل دخلت تطورًا جديدًا فالطلب الذي تقدم به "الابن" لإدارة الأحوال المدنية بالإسكندرية لتصحيح اسم أبيه في قيد ميلاده مُدعمًا بالحكم الذي تحصلت عليه والدته، تم رفضه.
جاء في سبب الرفض عدم تنفيذ المادة "12" من القانون 143 لسنة 1994.
تنص هذه المادة على: "يُرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج إلى قانون كل من الزوجين".
يشُد معتز وأمه الرحال إلى إدارة الشئون القانونية بقطاع الأحوال المدنية في القاهرة، فيأتي الرد في صالحهما إن: نص المادة (12) لا ينطبق على هذه الحالة، ولكن ينطبق عليها نصي المادتين (46)، و(47) وعليه فإنه يتم إعادة عرض الطلب على لجنة الأحوال المدنية بموجب حكم المحكمة الصادر بتصحيح اسم الزوج.
تنص المادة 46، المذكورة أنه تُشكل في دائرة كل محافظة لجنة، تختص بالفصل في طلبات تغيير أو تصحيح قيود الأحوال المدنية المدونة في سجلات المواليد والوفيات....إلخ.
وتنص المادة 47 أنه "يكون إجراء التغيير أو التصحيح في الجنسية أو الديانة أو المهنة أو في قيود الأحوال المدنية المتعلقة بالزواج. إلخ بناء على أحكام أو وثائق صادرة من جهة الإختصاص دون حاجة إلى استصدار قرار من اللجنة المشار إليها".
تشكو الأم من سوء المعاملة التي تتلقاها من أحد الموظفين: "يتعمد تعطيلي ويعاملني كأني مُجرمة" وأنا لا أريد شيئًا غير تصحيح أسماء أولادي "مش أكتر من كدة".