خطر يهدد حياتنا.. مصر الأولى عالميًا في ”السمنة”

الاربعاء 26 ديسمبر 2018 | 01:03 مساءً
كتب : مصطفى عبدالفتاح

كشفت مبادرة "100مليون صحة" التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي عن معدلات مخيفة لانتشار السمنة بين المصريين، حيث كشف المسح الطبي الذي أجري على 17 مليون مصري حتى الآن - الحملة لا زالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور -  أن 75% من المصريين يعانون من زيادة الوزن بدرجات مختلفة منهم 35% وزنهم فوق الطبيعي و33% يعانون من السمنة و6% يعانون من السمنة المفرطة.

 

وكشفت دراسة أجريت في معهد "مقاييس وتقييم الصحة" بجامعة واشنطن بسياتل عن أن مصر المركز الأول فى انتشار السمنة بين البالغين، إذ تصل نسبة من يعانون منها من السكان إلى 35%، ما سبق دفع الرئيس السيسي إلى المطالبة بضرورة عودة الرياضة إلى المدارس والجامعات وتدريس مادة التربية الرياضية وعودة حصة الألعاب لمواجهة التقزم والسمنة وضعف العضلات وزيادة الوزن.

 

الأطباء أكدوا أن السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات السمنة في مصر هو العادات الخاطئة في الغذاء وعدم انتشار الثقافة الرياضية بين المواطنين والاكتفاء بمشاهدة الرياضة فقط دون ممارستها، مؤكدين أن هذه الزيادة المرتفعة في معدلات الأوزان قد ينتج عنها أمراض جسدية كبيرة على رأسها أمراض القلب، فضلًا عن الأمراض النفسية المختلفة وعلى رأسها الاكتئاب الذي ينتج عنه في نهاية المطاف الانتحار.

 

الوجبات السريعة

الدكتور كريم جمال إستشاري جراحة السمنة و المناظير قال إن السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات السمنة في مصر خلال الفترة الأخير سواء في المجتمعات الفقيرة أو المجتمعات الغنية طبقا لدراسات أجرتها وزارة الصحة  هو انتشار الوجبات السريعة بشكل مبالغ فيه، والتي تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة وفي نفس الوقت تفتقد إلى القيمة الغذائية الحقيقية للجسم، موضحًا أن الناس تقبل عليها لأنها سريعة التحضير وطعمها جذاب بشكل كبير.

 

وأضاف الدكتور جمال لـ "بلدنا اليوم" أن السبب الثاني ينبع من انتشار وسائل الراحة بشكل مبالغ فيه ولافت للنظر على كافة المستويات كالأجهزة الكهربائية وغيرها من الوسائل، فضلًا عن أن معظم المهن أصبحت مكتبية والراحة التي لازمت وسائل المواصلات ضاربًا المثل بالمترو الذي يلجىء فيه المواطنين إلى  السلالم المتحركة بدلا من استخدام السلالم العادية، مضيفًا أن انتشار وسائل الترفيه كالتلفزيون والكمبيوتر وغيرها سبب في زيادة هذا المعدل.

 

75% من المصريات سمينات

وتابع استشاري السمنة أن 75% من المصريات مصابات بالسمنة، الأمر الذي ينم عن مدى استفحال الأمر، مشيرًا إلى أن عمليات انقاص الوزن لها طرق عدة فهناك من يلجأ إلى إنقاص الوزن بسرعة وهذه طريقة خاطئة لأن من يلجأ إلى إنقاص وزنه بدون أي مجهود وفي فترة قصيرة أمر سيء ولن يؤدي إلى نتائج دائمة سواءً عن طريق الأعشاب أو غيرها.

 

وتابع أن الطريقة الصحيح مرتبطة بالبدء في تغيير عاداتنا الغذائية التي تسببت في زيادة الوزن بطريقة مبالغ فيها مثل الحركة بشكل كبير والعودة إلى الاعتماد على الخضروات والفواكه في غذائنا بشكل كبير، وتخصيص وقت للطعام وأن يكون هناك مواعيد ثابتة للطعام وألا نأكل أمام التلفزيون وألا نأكل ونحن نعمل، مؤكدًا أن هذه العادات البسيطة لو بدأنا في تغييرها ستنتج عنها إنقاص حقيقي للوزن.

 

وأكمل كمال أن مراكز التخسيس الموجودة في مصر بعضها مراكز حقيقة فعلا وتسير بطريقة علمية ومدروسة، في حين أن هناك مراكز أخرى تعمل بطريقة خاطئة الأمر الذي ينتج عنه مضاعفات صحية وخطيرة ، موضحًا أن عمليات شفط الدهون هي عمليات تجميلية وليست علاج للسمنة ونتائجها خطيرة، وعمليات تكبيس المعدة وتحويل المسار لها اشتراطات معينة،ونلجأ إليها في حالدة محدودة فقط.

 

مشاكل المفاصل والسكر

وقال الدكتور رامي صلاح الدين ، استشاري العلاج الطبيعي والتغذية العلاجية إن الزيادة المفرطة في الوزن والسمنة تسبب للإنسان أمراض عدة أمراض خشونة المفاصل و آلام أسفل الظهر وآلام الرقبة ومشاكل في الأنكل وعدم القدرة على المشي، موضحًا أن السبب الرئيسي في ذلك هو اختلال القوة الموجودة على مفاصل الجسم.

 

وأضاف الدكتور صلاح الدين لـ "بلدنا اليوم" أن السمنة تسبب أيضًا مشاكل في الجهاز الهضمي للجسم من أول مرحلة وهي البلع وحتى أخر مرحلة وهي الإخراج، فضلًا عن زيادة كروسترول الدم بسبب زيادة نسبة الدهون الموجودة في الدم، وأمراض القلب والشرايين والضغط العالي وأمراض السكر والحصاوي ومشاكل الكلى ووظائفها.

 

وتابع استشاري العلاج الطبيعي أن السمنة مرض لابد من تشخيصها بطريقة صحيحة حتى تعالج منها بطريقة صحيحة، وإلا ستدخل في مشكلة انخفاض الوزن ثم الزيادة ثم الانخفاض من جديد والزيادة وهنا تكون الخطورة ويصبح الموضوع اصعب بكثير من أي وقت، مؤكدًا أن الحل الرئيسي لمرض السمنة يتخلص في جزئين الطعام والرياضة فبسببها من الممكن أن تغير حياتك كلها.   

 

وأكمل أن مخزن الحرق الموجود داخل جسم الإنسان هما الهرمونات والعضلات الهرمونات لن نتدخل فيها لأنها مرتبط بالأدوية، موضحَا أن هناك بعض الأطباء الذين يعطون المرضى أدوية لرفع معدل حرق الجسم وهذا مضر جدًا بصحة المريض في نهاية المطاف ، أما الجزء الثاني وهو العضلات فطوال عملها طوال استمرار عمليات الحرق، مبينًا أن الحل الرئيسي يكمن في وضع أيدينا على سبب المرض وبناء عليه سيتم حل المشكلة.  

 

وأكد أننا لا نمتلك إحصائيات فعليه بعدد المرضى بالسمنة في مصر خلال الفترة الماضية، موضحًا أن حملة "100 مليون صحة" كشفت عن أن 25% من المصريين أوزانهم طبيعية والـ 75% لديهم زيادة في الوزن تتدرج من بسيطة إلى سمنة ثم سمنة مفرطة، مركدًا أن هذا الرقم ضخم للغاية ويجب أن تتم مواجهته بأسرع وقت ممكن.  

 

السمنة وأمراض القلب

أما الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب والصدر، فقال إن السمنة من أهم العوامل التي تؤدي إلى أمراض الشرايين التاجية والجلطات القلبية وفشل عضلة القلب، كلها عوامل تزيد خطورتها مع زيادة وزن الجسم، لأن الله خلق عضلة القلب لضخ الدم لجسم يبلغ من الوزن 70 كيلو وهو الوزن المناسب فعليا.

 

وأضاف أستاذ جراحة القلب لـ "بلدنا اليوم" أنه كلما زاد وزن الجسم كلما ازداد عمل القلب وبالتالي استنزافه بشكل كبير، مشيرًا إلى أن لاعبي كمال الأجسام وإن كانوا لايعانون من السمنة فأثبت الدراسات أنه أكثر الفئات تعرضًا لفشل القلب في العمل لأن ما يبذلونه من مجهود يستهلك القلب في نهاية المطاف.

 

وتابع الدكتور سمير أن أي زيادة في حجم الجسم حتى ولو عضلية تؤثر على القلب بشكل كبير، موضحًا أن الوزن الأمثل للجسد في ما بين الـ 70 إلى ما قبل الـ 80 كيلو وهو ما يطلق عليها الوزن العياري، مشيرًا إلى أن مصر تصنف من الدول التي ترتفع بها معدلات السمنة بشكل كبير لأن الشعب يعتمد على أكلات معينة مثل العيش والرز والمكرونة لأنها الأرخص ثمنًا لكنها تتسبب في زيادة الوزن بشكل مبالغ فيه في نهاية الأمر، في حين أن الشعوب الأخر تعتمد على الخضر والفواكه لكنها هنا في مصر أغلى ثمنًا.

 

وواصل أن الأسر المصرية تعتمد في غذائها على الكربوهيدرات حتى تحقق الشبع، لكنها  ينتج عنها زيادة معدلات السمنة، فضلًا عن غياب ثقافة النشاط الرياضي فنحن لدينا الرياضة مشاهدة فقط ككرة القدم  التي نشاهده فقط ولا نمارسها لأسباب كثيرة من التكدس السكاني في مناطق معينة عن مناطق أخرى، وارتفاع الاشتراكات في الأندية الرياضية الأمر الذي ينتج عنه عدم إقبال من الجمهور.

 

وأكمل استاذ جراحة القلب أنه رغم كل العوائق السابق فيمكن لنا كمصريين التغلب على مرض السمنة عبر نشر ثقافة التغذية الجيدة، وممارسة الرياضة بأي شكل من الأشكال، ونشر ثقافة الرياضة في المدارس بشتى الطرق ، والبدء في نشر ثقافة الوعي الرياضي في الإعلام والتعليم لنشر فكرة ممارسة الرياضة بشكل كبير.  

 

إحصائيات عالمية

وقال الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء إنه طبقا لاحصائيات عالمية وعلى رأسها الاحصائية العالمية للسمنة فإن مصر أصبحت من  الدول الأولى والأكثر إصابة بمرض السمنة، كما أن وزارة الصحة قامت بدراسة أخرى في يوليو 2017 ضمت 11 ألف أسرة من 22 محافظة على الأعمار من 15 إلى 69 عام وكانت نتائجها أن نسبة السمنة في الإناث 49% مقابل 25 من الذكور لديهم سمنة، موضحًا أن مصر أصبحت في الخرائط الصحية العالمية من الدول المصابة بالسمنة مثل دول أمريكا الشمالية وأستراليا.

 

وأضاف الدكتور عزالعرب لـ "بلدنا اليوم" أن معظم مراكز التخسيس الموجودة في مصر لا تستوفي معايير الجودة العلمية، ولا تخضع لإشراف مباشر من الدولة، موضحًا أن مرض السمنة لديه أسباب كثيرة مثل وجود اضطراب هرموني كنقص إفراز الغدة الدرقية أو زيادة بعض هرمونات الغدة الفوق كظرية، إضافة إلى طبيعة الغذاء وقلة المجهود البدني.   

 

عشوائية مراكز التخسيس

وتابع أننا نحكم على مراكز التخسيس إذا كانت تعمل بشكل علمي أم لا عبر عدة أمور منها هل أنها تحتوي على أطباء متخصصين أم مجرد أطباء علاج طبيعي فقط، مبينًا أن معظم المراكز في مصر تعتمد على أشخاص أخذوا فقط كورسات معينة في التخسيس أو خريجي العلاج الطبيعي الذي من المفترض أن يعمل تحت إشراف الطبيب، كاشفًا أن هناك عشوائية كبيرة في مراكز التخسيس الموجودة في مصر.

 

وأكمل المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء أن هناك حالة من الفوضى في الإعلانات التي تقدم عبر وسائل الإعلام والمرتبطة بالأدوية التي تساهم في خفض الوزن ، يث طالب المركز منذ وقت طويل أن أي إعلان يقدم في التلفزيون يجب أن توافق وزارة الصحة عليه بالمعايير الطبية الصحيحة، لكن حتى الآن نشاهد إعلانات خارج عن المألوف.

 

هرمونات النحافة

وكشف  دكتور الكبد أن بعض المراكز تعطي للمريض هرمونات للنحافة مثل هرمون السايدوكسين الذي يؤدي إلى زيادة عمليات التمثيل الغذائي في الجسم ومن الخطورة أن أعطي هذا الهرمون باستمرار ودون إشراف من متخصص.   

 

وتابع أن وزارة الصحة بها إدارة العلاج الحر ولكنها للأسف ذات إمكانيات بشرية ضعيفة وغير قادرة على الإشراف الدوري على كل المستشفيات والمراكز الموجودة في مصر، موضحًا أن المركز طالب بضرورة إعادة صياغة هذه الإدارة وإعطائهم الصفة الضبطية، مطالبًا بوضع معايير محددة للموافقة على تشغيل مراكز التخسيس مع الإشراف الدوري عليهم.

 

وشدد أستاذ الكبد على ضرورة نشر الثقافة الغذائية الصحية  حتى نستطيع التغلب على هذا المرض، قائلًا: "عشان تخس 70% غذاء و 30% رياضة"، مؤكدًا أن أي دواء للتخسيس  لم يمر عبر الإدارة المركزية للصيدلة فهو في عرف القانون دواء مغشوش ويقطع تحت طائلة القانون.

 

وطالب الدكتور عز العرب بضرورة زيادة أفرع المعهد القومي للتغذية المتخصص في محاربة هذه السمنة لما يحتوي عليه من دكاترة من أصحاب الخبرات الكبيرة، ونشره عبر مستوى المحافظات المختلفة في مصر.

 

السمنة تسبب الاكتئاب

أما الدكتور أحمد الفخراني، طبيب مقيم بمستشفى العباسية للأمراض النفسية، فقال إن السمنة مرتبط بالشق النفسي بشكل كبير، قائلًا إن عاملي الأكل والنوم يحكمان على الحالة النفسية والمزاجية للشخص، ضاربًا المثل بمن يتناول أكثر من ثلاث وجبات في اليوم فهذا مصاب باضطراب في السلوك الأمر الذي ينتج عنه الزيادة في الوزن بشكل مبالغ فيه.

 

وأضاف الفخراني لـ "بلدنا اليوم" أن الزيادة المفرطة في الوزن وما يتبعها  من سمنة قد ينتج عنها الإصابة بمرض الاكتئاب، مشيرًا إلى أن مرض الاكتئاب أحد العوامل المسببة إلى الانتحار في نهاية المطاف، موضحًا أن هناك بعض الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على التصالح مع وزنهم الزائد، لكن هنالك البعض الأخر الذي يفشلون في ذلك وتكون النتيجة هي الاكتئاب وما يتبعها من انتحار.

 

وأكد أن مرض السمنة قد يكون له شق نفسي إيجابي بمعنى أن الفرد إذا كان يعاني من الزيادة المفرطة في الوزن، وقرر أن يضع لنفسه هدف معين بإنقاص وزنه خلال مدة معينة وبالفعل نجح في تحقيق هذا، فالنتيجة الطبيعية لهذا الأمر أنه يشعر بإنجاز حقيقي في حياته وهذا ما نطلق عليه علميًا "علم النفس الإيجابي".

 

وواصل طبيب الأمراض النفسية أن ارتفاع نسبة السمنة في مصر لست مؤشر على ارتفاع نسبة الأمراض النفسية في مصر، لأن السمنة في الأساس سببها العادات الغذائية الخاطئة، وعدم تناول الأكل الصحي والبعد عن الرياضة، مبينًا أن السمنة المفرطة قد تكون سببًا في بداية في الاختلال النفسي لما يحدث للشخص المريض بالسمنة عندما يقارن بين نفسه دائمًا وبين غيره من الأشخاص، وما يصاحبه من شعور بالفشل في محاولة تغيير ما هو فيه،هنا تكون بداية للدخول في مراحل من مرض الاكتئاب وما يترتب عليه في نهاية المطاف من أمراض نفسية قد تصل إلى الانتحار.

 

إعلانات الأدوية

وعلى مستوى مجلس النواب وما يطرحه من قوانينة تحافظ على صحة المصريين من كافة الأمراض المختلفة، قال النائب سامي المشد أمين سر لجنة الصحة بمجلس النواب إن الإعلانات التي تغطي وسائل الإعلام والمرتبطة بالكثير من أدوية التخسيس، نجح مجلس النواب في التغلب عليها خلال الانعقادات السابقة عبر إقراره قانون يجرم الإعلانات المتربطة بالأدوية ولم تحصل على تصريح من وزارة الصحة ببيع هذه الأدوية إلى الجمهور.

 

وأضاف أمين سر لجنة الصحة لـ "بلدنا اليوم" أن الهيئة الوطنية للإعلام بدأت في تشديد الرقابة على إعلانات الأدوية التي تقدم عبر الفضائيات، وما ينشر من هذه الأدوية عبر بعض القنوات يكون سببه الرئيسي أن هذه القنوات تبث من خارج مصر الأمر الذي ينتج عنه صعوبة السيطرة عليها.

 

وتابع النائب البرلماني أنه فيما يتعلق بشق مراكز التخسيس التي غزت إعلاناتها وسائل الإعلام فالأمر في هذا الجانب يقع عاتقه على وزارة الصحة  التي يجب عليها أن تشدد الرقابة عليها وتعرف من يشرف على هذه المراكز ومن يديرها وهل فعلا تقدم خدمة حقيقية في التخسيس أم مجرد وسيلة لربح المال.

 

وأكمل المشد أن من يسير بشكل شرعي من هذه المراكز فلا حرج عليه لأنه يكون خاض للقانون في نهاية الأمر، لكن الخطر يكمن في المراكز التي تقع خارج إطار القانون، مطالبًا وزارة الصحة بضرورة تشديد الرقابة على هذه المراكز جميعها وحصرها بطريقة شريعة، حتى لا تكون وسيلة لاستنزاف أموال المصريين عبر طرق مختلفة.

اقرأ أيضا