الوحدة الصحية المهجورة..
الأهالى: أكبر صرح طبى بمركز أشمون تحول إلى خرابة
عبد الواحد: «عايزين نعرف الأجهزة اللى كانت فى المستشفى راحت فين؟»
خيرى: «أبويا مات قدامى عشان ملقاش حد يقيسله الضغط»
أصبحت كالخرابة بعدما أهملتها الحكومة والجهات المعنية، الممثلة فى "وزارة الصحة" فلا يسكنها سوى الحشرات والثعابين، ولا يملؤها إلا المخلفات والقمامة تلك الأشياء التى تضر بحياة المواطنين.
"السور اللى بينا وبينها هو اللى رحمنا".. هكذا قال الأهالى المقيمون بجوارها بعد فقدانهم الأمل فى نوابهم الذين يقفون عائقا أمامهم.
ما نتحدث عنه هنا هى "الوحدة الصحية بالغنامية" التى تخدم ما يقرب من 13 بلدا، وتعمل بطبيب واحد، ومع الأسف لا تحتوى على أجهزة أو إسعاف للطوارئ، الأمر الذى أثار غضب الأهالى بعد وفاة أكثر من شخص.
تأسست منذ ما يقرب من 50 عاما فى قرية الغنامية وتعد أكبر مستشفى بمركز أشمون بمحافظة المنوفية من حيث المساحة والكفاءة والخبرة التى كانت تحظى بها، حيث تبلغ مساحتها 3 أفدنة كما تخدم أكثر من 13 قرية تابعة لمركز أشمون من أبرزها "الغنامية، أبو العلا، الرمل، سيدى إبراهيم، محمد أحمد، بطة، التفتيش، القوادى، مانى عروس، وكفر منصور،".
تنقسم الوحدة إلى جزأين "قديم" أنشئ فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والآخر حديث أنشئ فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وكان هذا الجزء "القديم" يحظى ويتمتع بالكثير من المميزات التى تخدم الأهالى أحياء وأموات، حيث كان يوجد به جميع التخصصات من جراحة وحميات وغير ذلك، وأيضا كان به مكان مخصص لغسل الأموات، بالمختصر المفيد هذا الجزء كان لا ينقصه شىء ويحيط به الزرع والشجر من كل جانب إضافة إلى النافورة التى كان يطل عليها، فالأهالى يقولون: "زمان كان بنتسلق سور الوحدة الصحية لنتمتع بما فيها".
ومع مرور الوقت وزيادة السكان، تدهورت حالة هذا المبنى القديم ولم يعد صالحا لاستقبال المرضى، حيث أصبح مليئا بالمخلفات والحشرات والزواحف السامة كالثعابين؛ تلك الأمور التى ترهب الأهالى وتجعل حالتهم الصحية تتدهور، وبناء على ما حدث فى هذا المبنى؛ شيدت الحكومة والجهات المعنية- آنذاك- مبنى جديد بديلا له، على أن يضم كافة التخصصات بأحدث الأجهزة، وغرف عمليات مجهزة على أعلى مستوى.
عم الفرح أرجاء المركز فى هذا التوقيت، ولاسيما القرى المجاورة، حيث رأى الأهالى التطور الذى لحق بالمبنى الجديد، وقال أحد الأهالى: "أنا كنت بشوف بعينى العربيات وهى جايبة الأجهزة على المستشفى".
وبرغم كل التطور الذى شهده المبنى الجديد، إلا أنه لم يمر عليه وقت طويل وصار خاليا من كل شىء، وخاصة الأجهزة، فلا يوجد به سوى طبيب واحد وغير متخصص، يقوم بالكشف على قرى مركز بأكمله، ثم يتم إغلاقه بعد الساعة 12 ظهرا، فإذا حدثت أزمة لأحد الأهالى بعد هذه الساعة؛ لا يكون أمامهم سوى الذهاب إلى مستشفى أشمون العام، التى تبعد كثيرا، الأمر الذى أسفر عن وفاة عدد من الأهالى وعرض حياة الكثيرين للخطر.
أحمد خيرى، أحد الأهالى المقيمين بجوار الوحدة الصحية، قال: "أنا أبويا مات قدام عينى بسبب إن مافيش دكاترة فى المستشفى تقيس له الضغط".
لم تكن هذه المرة الأولى التى ينتج عنها وفاة شخص بل تكرر الأمر أكثر من مرة بسبب أن الوحدة لا يوجد بها أطباء، مع العلم أن مستشفى أشمون العام به 80 طبيبا، فلماذا لم يتم دعم الوحدة من خلال هذا العدد لإنقاذ الأهالى؟".
"بلدنا اليوم" أجرت زيارة لهذه الوحدة الصحية، لرصد كيف أهملت وزارة الصحة مرضاها، وجعلتهم عندما يمرضون؛ يذهبون إلى مكان شبه مهجور، أو "خرابة"- كما وصفها الأهالى-.
بدأنا بسؤال الأهالى عن دور نواب الدائرة؛ إلا أن إجاباتهم كانت صادمة: "النواب بيعطلوا مصالحنا بدل ما يمشوها، وحتى الآن لم يحركوا ساكنا حتى الآن فى هذا الشأن".
"أحمد عبد الواحد"، أحد الأهالى المقيمين بجوار الوحدة، أوضح أن المبنى القديم والمهجور الآن كان هو الأساسى منذ 50 سنة، وعندما أرادت الصحة تطويره شيدت مبنى جديدا على اعتبار أن يكون بمثابة المستشفى المركزى ويضم غرف عمليات، تكون مفتوحة 24 ساعة للطوارئ".
وواصل "عبد الواحد": "الدور الثانى من المبنى الجديد كان مكيفا ومجهزا بأحدث الأجهزة مثل التنفس الصناعى ومركزا للأشعة ومعملا كاملا للتحاليل، والآن بعد اختفاء الأجهزة منه؛ أصبح هذا الدور مهجورا لا يوجد به سوى موظفات لتنظيم الأسرة، وبالنسبة للدور الأول لا توجد به إلا غرفة واحدة تستخدمها طبيبة للكشف على المرضى فى كل التخصصات، كما توجد صيدلية صغيرة لا تصرف إلا العلاج الردىء كـ"شريط برشام، وزجاجة دواء".
ومن جانبه قال "أحمد شحات على" أحد الأهالى: "زمان كانت الوحدة الصحية دى فيها دكتور اسمه "مراد" حاليا هو مفتش فى الصحة، الدكتور ده كان بييجيله مرضى من كل قرى مركز أشمون للكشف عنده؛ لأنه كان متمكنا من عمله، أما الآن فبيجيبولنا دكتور لسه متخرج وغير متمكن".
وتابع: "إحنا طلبنا كتير واشتكينا أكتر أيام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، لكن للأسف محدش سأل فينا، وإحنا دلوقتى عايزين نعرف الأجهزة اللى كانت فى المستشفى راحت فين؟، كمان كان فى مكان مجهزا لسيارتى إسعاف، لكن مع مرور الوقت تدهور وتم إهماله ولا توجد به أى سيارة".
وأشار إلى أن "المبنى القديم اللى مهجور دلوقتى كان أفضل وأحسن من المستشفى الأميرى بأشمون، لكن الآن أصبح كالخرابة مليئة بالحشرات والثعابين، فضلا عن القمامة والمخلفات التى من شأنها أن تدمر صحتنا".
وناشد الأهالى، الحكومة والجهات المعنية، سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة والحاسمة تجاه هذا الأمر، وإجراء زيارات من جانب المسئولين بوزارة الصحة؛ للنظر بشأن تلك الوحدة الصحية التى يفترض أن تخدم الآلاف من المواطنين.