"دفنت طفولتي وسط تلك الحياة، فكنت أرمح بالدراجة وسط المقابر، وأتوقف حينما اسمع صراخ النسوة والأطفال، وهم ينادون بصوت عالي" يا بابا ويا زوجي تعالي.. هتسيبنا لمين"، ويجتمعون أمام المقبرة حتى يتم دفنه، ثم بعد ذلك يرحلون، ويتركوننا معه، ثم أسرع إلى السرير مرتجفًا خوفًا من ما شاهدته فقط"، بتلك العبارات كانت مأساة شاب لم يتجاوز الـ30عامًا.
طبقة مهمشة من المواطنين، تزداد يومًا بعد يوم، دفعهم الفقر إلى القبول بتلك العيشة، فما باليد حيلة، سوى القبول بهذا الذل والمهانة.
سكان المقابربين الحياة والموت، يعيشون وسط ضيافة الأموات، يتمتعون بالحياة على الأرض وتحتها، يكتمون أسرار الأموات بعد دفنهم.
الشاب عمر السيد، 30عاما، من سكان مقابر البساتين، يروي مأساته قائلا: "أنا أعيش هنا وأعمل في المقابر، وتزوجت بجوار أخي في الحوش، ولي ثلاثة من الأولاد، وتقدمت عدة مرات للمحافظة كى أحصل على شقة من شقق الإسكان المخصصة للشباب، وقد قمت بسحب المظروف الخاص بالمشروع من مكتب البريد، وسداد اشتراك القرعة، منذ عام 2011م، وحتى الآن، ولا أمل في أن يصيبنا الدور".
وتابع قائلا:" نسمع أصوات مرعبة، وأشباح مخيفة، بداية من الساعة الثالثة عصرًا، في الوقت اللي الأولاد بيصحوا فيه وعايزين يلعبوا زي باقي الأطفال، بنمنعهم من اللعب وبنحبسهم من البيت عشان ميخفوش وميترعبوش، وميتلبسوش من العفاريت، مضيفا" الدنيا هنا ملبشة أوي".
وناشد السيد، المسئولين والحكومة وخاصة وزير الإسكان بالنظر إليهم بعين الرحمة، وسرعة نقلهم من تلك المقابر، ووضعهم ضمن مبادرة الرئيس، واعتبارهم من الفئات المهمشة.