لا تزال جرائم القتل تنقش سطورها الملخطة بدماء الأبرياء، بسبب الإدمان وتأثير المخدرات الذي امتد ليشمل مناطق المحروسة، وها نحن اليوم أمام واقعة مُفجعة تقشعر لها الأبدان، قد لا يتبادر إلى الأذهان حتى مجرد حدوثها، ولكن في بعض الأحيان يكون الإنسان أشبه بالشياطين، لحظات من الصمت تعم الأرجاء، مُلبدة بالحزن والدموع التي تنهمر فور دخول تلك المنطقة العشوائية بمنشأة ناصر التي شهت واقعة مقتل ربة منزل علي يد زوجها مبررًا جريمته لشكه في سلوكها.
محرر «بلدنا اليوم» انتقل إلى موقع الجريمة التي ذاع صيتها الخميس الماضي، داخل شارع الشيخ إبراهيم الدسوقي، بمنطقة منشأة ناصر بمحافظة القاهرة، الإضاءة بتت خافتة، أمام منزل سكني صغير يخيم عليه الحزن، وأحبال ضوئية تنير موقع الجالسين أسفالها بالرداء الأسود، غارقين في دموعهم، لفراق شقيقتهم بعدما تعدى عليها زوجها بعدة طعنات في أنحاء الجسد لخلافات أسرية بينهما.
«آثار بقعة دم» أمام منزل «خديجة» بشارع الشيخ إبراهيم الدسوقي، هي كل ما تبقى شاهدًا على الجريمة التي وقعت صباح الخميس الماضي، فيما تحولت المنطقة المحيطة بالشارع إلى مكان مأتم والوجوه يكسوها الحزن والصدمة بعدما شاهدوا الجريمة، مرددين: «حسبي الله ونعم الوكيل دة لا يمكن يكون إنسان».
القصة تعود إلى تزوج صاحبة الـ 19عامًا، من شاب يكبرها بأعوام قليلة داخل شقة بمنزل مجاور لأسرتها في منشأة ناصر، ورُزقا بطفلين الأول 12 سنة، وفتاة 17 سنة.
طوال 20 عامًا، حرصت عاملة المستشفى على إخفاء حزنها عن شقيقها «صابر» الذي يصغرها ببضع سنوات، خوفا من التدخل في المشاحنات بينها وبين زوجها، وقبل عدة أشهر أثناء تواجده في منزلها شاهد أفعال زوجها الشنيعة ما أجبره على التدخل والمشاجرة معه ولقنه وقتها «علقة ساخنة» ما دفع «عبد الحميد» لتحرير محضرًا بقسم شرطة منشأة وناصر وهناك وقع شقيق الزوجة بعدم التعرض له مرة ثانية، بحسب ما جاء على لسان «صابر».
وبالقرب من منزل الضحية، جلس الحاج «محمد» أحد جيران الشارع، ناظرًا إلى المنزل محل الواقعة، وهو يتمتم «كان مفتري وصاحب مزاج ودائم التعدي على زوجته بالضرب والسب، بجانب تعاطيه للمواد المخدرة».
«كانت عاملة جمعية معايا، والفلوس اللي بتقبضها بتجهز بيها بنتها»، جملة قالها الرجل العجوز قبل أن يشير إلى يوم الواقعة، مردفًا: «كانت الساعة 7 الصبح والخناقة حدثت بينهم بسبب إنه عايز منها 50 جنيه عشان يشتري مخدرات، وهو قال قدام النيابة إنه بيشك في سلوكها عشان يبرر جريمته، كانت ست محترمة وماحدش كان في أدبها».
وروى مصطفى عبد الرحمن، 23 سنة، أحد شهود العيان، الواقعة، قائلًا إن الزوج كان كثير الشجار مع المجني عليها بسبب الخلافات المادية، لافتًا إلى أن المتهم كان سئ السمعة ويتعاطى المواد المخدرة، وأنه سمع صوت صراخ من شقة المجني عليها يوم ارتكاب الحادث.
واستطرد: «قبل الواقعة بيوم في منتصف الليل حدثت مشاجرة بين المتهم وزوجته وكان يسبها بأبشع الألفاظ، وفي السادسة من صباح يوم الثلاثاء، استيقظت المجني عليها وخرجت من المنزل كعادتها ذاهبة إلى عملها، بعد فشلها في التوصل إلى حل معه، وهرع المتهم خلفها في الشارع، قائلاً: «هاتي الفلوس اللي معاكي»، وحدثت مشاجرة بينهما، وعلى إثرها طعنها عدة طعنات أمام المنزل، وأولادها والمارة يشاهدون الواقعة».
أما «صابر» الرجل الثلاثيني، وشقيق المجني عليها، فقال إنه قبل الحادث ببضع أيام حدث مشاجرة بينه وبين المجني والتي توجهت لعمل محضر له بقسم منشأة ناصر بسبب تعرضه للمتهم قائلاً إنه كان يعتدي عليها بالضرب دائمًا.
ونفى شقيق المجني عليها ما يردده المتهم حول مقتلها بسبب شكه في سلوكها، قائلًا إن هذ الأمر ليس له أساس من الصحة لتبرئة جريمته قائلًا: «يوم الواقعة انا كنت واقف فوق وهما ببيتخانقوا وسامعوا بيقولها موتك علي أيديا يا خيرية».
«خاينة وكان لازم تموت، خلت سمعتي في الطين» هكذا صاح المتهم «عاطف» 51 سنة، أمام نيابة منشأة ناصر برئاسة المستشار مصطفي سلطان، مدير النيابة، وهو يغالب دموعه قبل أن تأمر بحبسه، 4 أيام على ذمة التحقيقات التي تجرى معه، ووجهت له تهمة قتل زوجته «خديجة» 39 سنة، بسبب شكه فى سلوكها وعلمه فى الآونة الأخيرة بأنها على علاقة غير شرعية بشخص آخر بمنشأة ناصر.
وقال المتهم إن مشادة كلامية نشبت بينهما فى حضور أبنائهما بسبب شكه في سلوكها وعلمه في الآونه الأخيرة بأنها على علاقة غير شرعية بأحد الأشخاص، تطورت إلى مشاجرة تعدى خلالها على المجني عليها بسلاح أبيض «مطواة» كانت بحوزته محدثًا إصابتها.
كانت مستشفى الشيخ زايد إلى قسم شرطة منشأة ناصر، تلقت بلاغ باستقبالها «خديجة. م»، 39 سنة، عاملة بمستشفى السعودي الألماني، ومصابة بجرح طعني نافذ بالصدر من الجهة اليسرى وآخر قطعي عميق بالوجه من الجهة اليسرى وتوفيت متأثرةً بإصابتها.