ما وراء نظرة «الخطيب».. رحلة في عقل «بيبو» بعد ضياع الأميرة التاسعة

الثلاثاء 20 نوفمبر 2018 | 06:28 مساءً
كتب : محمد عماد

"موت عالكورة أفريقيا للكبار.. وأنت يا أهلي الأسطورة"، من هنا بدء الحلم بعد نتيجة إيجابية لم يكررها الأهلي منذ فترة كبيرة في مباراة الذهاب على أرضه في نهائيات القارة السمراء، فكانت الشعلة التي أيقنت بها جماهير الأهلي أن الحلم لن يضيع، الأميرة التاسعة في دولاب البطولات، التأهب بدء يتخلل جسدي، صافرات الغضب التونسية تُسيطر على أجواء النهائي وكأنها تقول هناك "يد انرامو" جديدة تلوح في الأفق، ولكن الأمير لا يُبالي.

 

طلب الفرنسي حظر إعلامي على اللاعبين، وهذا لا يُقلل من قيمة اللاعب فهو لا يسير على أوامر، ولكنه في حالة تأهب فعلية داخلية، لك أن تتخيل النهائي وحلم الـ١٠٠ مليون خلفك، "اللهم فرحة" كفيلة بأن تُعكر الحالة المزاجية السيئة للمصريين والصيام البطولي لنا، فمن الممكن أن تَصدف وتأتي فرحة غير مقصودة.

 

لم أتردد لحظة رغم مرضي، قررت أني أُضحي من أجلك يأ أهلي، فأنا لم يفوتني العمر ولا قطار السنين، فأنا في كامل صحتي، لم انتظر رحلة اصدقائي فقررت الرحيل لمؤازرة أبنائي قبل هذا اللقاء، في المدرج كنت حاضر ومع كل لمسة الكرة اتخيل ذكراياه في الملعب، مر اليوم الأول بصعوبة سفره وحضور المران، وجئت في الصباح على غير عادتي وأمسكت بهاتفي وتفاجئت بصورة عليها رقم ٢٢ بجانبي مُعلقة في المدرج وأمامي محمد هاني، هنا أدركت مقولة "أجيال بتعلم أجيال"، وزاد بداخلي الشعور بالبطولة فأنا الأسد في غابة لا يسير خلالها أحد دون إذنه، فأنا ملك القارة.

 

النبض في قلبي ازداد هل هو وجع مرضي ؟ أم وجع اشتياق، في كل شارع أطرقه أجد لافتة بأن هذه مكانة الأسد، الأميرة التاسعة، أفريقيا يا أهلي، فرحة غير عادية في قلبي كفيلة أني أعود طفل صغير، في كل مران للفريق بمني نفسي لو أحكي لهم ما أراه، وبالفعل ٤٨ ساعة على المباراة، الجميع في حالة ترقب والنبض في قلبي يزداد، هنا أدركت أن هذا الوقت المناسب للحكي والفضفضة، أنهيت حديثي الذي يخلو من الكلام الفني أو المهم، فكلامي هو الأهم من المهم لابد أن يعرف جميع اللاعبين أن هذه المسئولية لن تسقط مثلما حدث في ٢٠١٧.

 

وصلت الطائرة لتونس وسط حفاوة وتكريم كعادة الأخوة التوانسة، قررت البعد عن مران الفريق والتواصل معهم عن بعد حتى يستطيعوا أن يكونوا في كامل تركيزهم، ونفذت مطالب اللاعبين والجهاز، نظرة الأمل والقوة في عيونهم أعطتني أمل أن البطولة في يدنا، ٢٤ ساعة على المباراة، جماهير الأهلي تتوافد على فندق الإقامة وتهتف للاعبين، اتصالات من مسئولي الرياضة وغير الرياضة في مصر، الكل يُطالبني باللقب، ضغط لا يتحمله إلا أمير، بدءت الجماهير تهتف "بيبو بيبو الله يا خطيب"، شعرت وكأني لاعب في بطولة ٨٣، اقتربت عقارب الساعة على الانتهاء من اليوم الأخير، وسؤال في ذهني هل الأهلي يستحق ؟.

 

الثانية ظهرًا والأجواء التونسية مُشتعلة، تواجدت بجانب رئيس الاتحاد الدولي والكاف والتونسي، وعيني منذ دخول أرض الملعب على اللقب، لم أخجل فأنا سأكون الرجل الأول الذي يحقق لقب أفريقيا وهو لاعب وهو رئيس نادي، نظرة عيني فضحتني لكنها فرحتني بشغفي وتواجد عشقي للبطولة مثلما يحف النادي الأهلي بكافة الشغف الشرعي والغير من أجل اللقب.

 

ومع بداية المباراة وجميع الحضور في جانب واحد مُلقين عيناهم على ملعب المباراة التي انطلقت، حتى وزير الرياضة وكامل أعضاء مجلسي، وأنا لم أنظر للمباراة، فكنت عندما أدر وجهي أجد حلم التاسعة أمامي فأسرح به لدرجة رؤيته في أعين الحضور، ومع مرور الوقت عيني لمِعت من حلاوة الانتصار وقرب المغترب، وفجأة هدف، وفجأة مرة ثانية هدف، بدون مقدمات بدءت استيقظ من النظر إلى مدمنتي التاسعة، وركزت مع فريقي فأنا في خطر، ملك الغابة مُعرض للانهيار، وبدون شرح الثالث جاء، هنا شعرت وكأن عقلي ظهر فيه علامة "error"، والسواد غطى عيني، رفضت دموعي النزول لأنها لم تتعود فأنا في النادي الأهلي، ومن شيم الكبار عدم البكاء، لم أدري بنفسي عندما طالبوني باستلام ميدالية المركز الثاني، وهنا سقطة شيمة الكبير دموعي، لكن رفضت السقوط إلا بداخلي.

 

في حالة خارجه عن الوعي ودون احساس بمن يحيط بي، لا أُصدق كيف كان الكأس قريبًا، وكيف ذهب؟، كيف يذهب الكأس لبطل غير الأهلي، غادرت أرض تونس وهذه الحالة تسيطر علي، حتى نجحت في الحديث أخيرًا عن ما بداخلي منذ المُباراة الأولى، كان حديثي على قناة الأهلي أشبه بـ«الصاعقة فهذا ليس أنا»، ولكن بعد المكالمة قررت التفكير بشكلً هادئ حتى توصلت إلى عدة قرارات أهمها:

- تجميد تعيين هيثم عرابي كمدير للتعاقدات 

-  تعيين هشام حنفي نائب رئيس قطاع الناشئين

-  سيد عبد الحفيظ مديرًا لقطاع الكرة 

- عادل عبد الرحمن مدرب عام للفريق 

 

فهذه قراراتي من الممكن أن أكون أخطأت في الاختيار الأول، ومن الممكن أن أكون على صواب في اختياري، لكن هذه المجموعة لم يُحالفهم الحظ، ولم يكتُب التاريخ اسمي كأول شخص يحصل على البطولة لاعبًا ورئيسًا، ولكن الأهلي سيظل الأهلي بما سيُقابله من عثرات أو أزمات فحزني على اللقب ليس لإنجاز شخصي، بل لإنجاز جديد يُكتب في دولاب بطولات عملاق أفريقيا.