إنتشرت في الفترة الأخيرة الإعلانات الترويجية للعديد من الأدوية، التي تُباع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا تخضع للرقابة من وزارة الصحة، وهو ما يجعلها تمثل خطرًا حقيقيًا يهدد حياة المواطنين المرضى، فبالرغم من كون هذه الآفة غير جديدة، إلا أنها زادت في الفترات الماضية بشكل مدهش، حتي بات من الصعب السيطرة عليها، وهو ما دفع العديد من أعضاء مجلس النواب للمطالبة بوقف هذا السيل الجارف من الإعلانات الطبية، وخضوعها للرقابة من جانب الجهات المختصة.
من جانبه قال الدكتور أيمن أبو العلا، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن الأدوية التي يتم الترويج له إلكترونيًا خطرة على حياة المرضى والمستهلكين لها، مشيرًا إلى أن هذه الأدوية لا تخضع للرقابة، ولا يُعرف مصدرها.
وأضاف أبو العلا لـ"بلدنا اليوم"، أنه صدر قانون 206 لعام 2017 يجرم الدعاية للأدوية الغير معترف بها على الخدمات الطبية أو المستلزمات الطبية بشكل عام، موضحًا أن القانون لم يتم تطبيقه حتى الآن، حيث لم تقم الحكومة بتفعيل القانون من وقت صدوره تحت قبة البرلمان في العام قبل الماضي.
وأضاف عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أن ما ينقص هو تفعيل القانون، بحيث تنشر كافة الإعلانات المتعلقة بالأدوية عن طريق لجنة هي من يكون لها الحق في التصريح للمعلن بنشر منتجه من عدمه، والقيام بتجريم المعلن المخالف والمكتب العلمي للأعلان.
واستطرد، أن الشق التشريعي مفروغ منه والقانون موجود بالفعل ولا يحتاج سوى التطبيق للأنتهاء من الإعلانات والترويج للأدوية التي قد تمثل خطرًا على حياة المستهلك.
فيما قال الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية، إن الأدوية التي يتم الترويج لها عبر الوسائل الإلكترونية المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي هي في الأساس ظاهرة عالمية ولا تقتصر على السوق المحلي فقط.
وأضاف عوف في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن هذه الأدوية غير خاضعة للرقابة، ولا يتم إخضاعها للضريبة أو للجمارك، مؤكدًا أن هذه الأدوية ضارة بصحة المواطنين، وهي عبارة عن مصل يُعطى للمريض.
وأشار إلى أن عمليات بيع هذه الأدوية تأتي تحت اسم عمليات النصب والتحايل على المواطنين، مضيفًا أنه حتى عمليات تسليم هذه الأدوية تتم بطرق مريبة، ولا تتم عبر منفذ الشركة الرئيسي.
وأضاف رئيس شعبة الأدوية، أن من الأدوية التي تُباع عبر شبكة الإنترنت لها أضرار كبيرة على الكلي والكبد، مشيرًا إلى أن الأثار الجانبية لهذه الأدوية تمثل خطرًا حقيقيًا على صحة المرضى.
وواصل، أن صعوبة السيطرة على تدفق هذه الأدوية يكمن في بثها عبر أكثر من وسيلة، فهناك القنوات التلفزيونية التي يتم بثها من خارج حدود مصر، إلى جانب القنوات الفضائية المصرية والتي تخضع في الأساس لرقابة وزارة الاستثمار وليس لوزارة الصحة، متابعًا:"وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة ولا يمكن السيطرة عليها، والرقابة عليها من أكثر من جهة، ولكن لا يمكنهم الوصول إلى هذه التجاوزات إلا عن طريق التخطيط السليم ".
وتابع:"هذه الأدوية تُصنع تحت بير السلم وتمثل مصدر ربح كبير لمن يقوم بها، ومن يبيعها يقول إنها مستوردة من الخارج، ودا الي بيخلي الناس تدفع اعتقادًا منهم أنها مستوردة فعلاً من الخارج".
واستكمل رئيس شعبة الأدوية، أن القضاء على هذه الظاهرة سيكون بنسبة محددة وليس بشكل كلي، فعلى سبيل المثال يمكن إيقاف 50% من بائعي ومروجي هذه الأدوية، ولكن النسبة المتبقية يصعب لإيقافهم لأن ذلك يعد مصدر دخل لهم، لافتًا إلى أن وسائل التواصل الإجتماعي وشبكة الإنترنت كبيرة بشكل كبير ولا يمكن السيطرة عليها كلها.
وأكد النائب حسن سيد خليل، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، على ضرورة وجود ترخيص للشركات التي تقوم بنشر إعلانات لأدويتها عبر الصفحات الإلكترونية، مشيرًا إلى أن الأمر ليس هينًا فهو يؤثر على حياة المواطنين، فهذه أدوية وليست مستحضرات تجميل حتى نتعامل معها بهذا التهاون.
وقال خليل في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، إن التصدي لهذه الظاهرة أمر واجب وينبغي الإسراع فيه، موضحًا أن هذا التصدي يمكن أن بتم من خلال الإعلانات التلفزيونية أو من خلال الإعلانات المضادة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجيه المجتمع إلى أضرار هذه الأدوية.
ولفت خليل إلى أن هناك العديد من الجهات التي يمكن ان تتبنى هذه القضية مثل وزارة الصحة أو جلسات البرلمان وإصدار تشريع يجرم ذلك، مضيفًا أن العقوبة يجب أن تكون عن طريق الحبس الوجوبي وتوقيع غرامة مجزية على المخالف، فالتشديد في العقوبة أمر واجب الوقوع.
وأضاف عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أن التصدي التشريعي والتجريم لهذه الوقائع يجب أن يكون سريعًا ويحمل طابع الجدية في التنفيذ، مؤكدًا أنه سيتم فتح الملف مرة أخرى في البرلمان خلال الفترة المقبلة.