وقف على بابها يودع أحدهم ويبتسم للآخر، المارة عليه يتغنون بإسمه وكأنّه أسطورتهم وبطل قصتهم، فهو بالنسبة لهم الأب والمعلم والصديق، حكاية لم نعهد مثلها منذ زمن بعيد، نموذجًا لبطل جسد قصيدة الراحل أحمد شوقي على أرض الواقع" كاد المعلم أن يكون رسولا"، كيف لمعلم في هذا الزمن أن يثور أولياء الأمور من أجله، محاولين البحث عن طريقة لتكريمه وكأنّه حق بسيط من "رد الجميل".
الأستاذ عمر عثمان مدير مدرسة الجلاء، إحدى مدارس محافظة الجيزة، المدير الشاب الذي لم يتخطى حاجز الخامسة والثلاثون من عمره، ضرب المثل في النجاح، فكان بمثابة نموذج المعلم القدوة لطلابه أو كما يطلقون عليه القدوة لأبنائه، اجتهاد ومثابرة الأستاذ عمر دفع الكثير من أولياء أمور طلاب المدرسة بكآفة مراحلها رياض الأطفال والابتدائية والإعدادية والثانوية، أن يقدموا طلبًا لوزير التربية والتعليم لتكريم مدير مدرسة أبنائهم الأستاذ عمر، بسبب ما يفعله مع التلاميذ بالمدرسة، وما ينتهجه من منهج " التربية قبل التعليم، بالإضافة إلى تطويره للمدرسة والتي استطاعت الحصول على الجودة مرتين في عهده.
"لو فيه عشرة من الأستاذ عمر كان التعليم اختلف في بلدنا".. جملة خرجت قالتها إحدى أولياء الأمور، والتي تحدّثت أنّ الأستاذ عمر استطاع توفير كآفة سبل الأمن والأمان لأطفالهم بالمدرسة، فعلى حد قولها هناك فئة كبيرة من أطفال المدرسة ما بين أبناء لمطلقات أو أرامل، لكنّه استطاع أن يجعل الأطفال يشعرون وكأنّهم في حضرة أبائهم، فطريقة تعامله معهم ساهمت بشكل كبير في محاولة تعويض غياب الوالد.
ولي أمر آخر ذكر بأنّ الأستاذ عمر لا يكل ولا يمل يباشر عمله باجتهاد وتفاني، في أي وقت تذهب للمدرسة تجده يتجول بها دون توقف، ولو صادف بكاء طفل في مرحلة رياض الأطفال يحمله ويسير به حتى يكف عن البكاء، ويتعامل مع الأطفال الصغار بالمدرسة، وكأنّه بمثابة والدهم لايدخل إلى فصول رياض الأطفال إلًا وبيده بلالين وحلوى.
"اتأخرت على بنتي والمدرسة كلها روحت فضل وقف معاها لغاية لما جيت" إحدى أولياء الأمور أيضّا تحدّثت بأنّها تأخرت على موعد خروج ابنتها من المدرسة في إحدى الأيام حتى وصلت السابعة مساءًا، لظروف طارئة، ظلّ الأستاذ عمر برفقة ابنتها بالمدرسة حتى وصلت الأم، ولم يعنفها بسبب التأخير، ولم يكن هذا الموقف هو الوحيد بل ذكرت أيصَا بأنّ صديقتها وولية أمر طالب بالمدرسة أثناء خروج ابنها أصيب بإصابة في كتفه نقله على المستشفى مباشرة وتابع معه ولم يخبر والده إلّا بعد الاطمئنان على الطفل وخروجه من المستشفى.
"قدمنا طلب للوزير علشان نكرم الأستاذ عمر" اجتمع عدد من أولياء الأمور الذين امتلكوا مواقف مع مدير المدرسة، ووقفوا على باب الوزير مطالبين بتكريمه، بل وقدموا له شهادة تقدير اجتمعوا عليها، فنادرًا ما تجد هذا الكم الكبير من أولياء الأمور يجتمعون على حب شخص واحد، لكنّ الأستاذ عمر جمعهم،"هنتكلم من هنا لسنه قدام واحنا بنحكي عنه وبردو مش هنوفيه حقه" جملة لخصت العلاقة بين الأستاذ عمر مدير مدرسة الجلاء الخاصة وأولياء أمور طلاب المدرسة.