بعد شطا وحمو بيكا.. هل الهروب من الواقع سبب محو الأغنية الشعبية الأصيلة

الاحد 02 ديسمبر 2018 | 01:27 مساءً
كتب : آية الجمال

اختلطت الكثير من المفاهيم فى الفترة الأخيرة، وأبرزها بشأن تعريف الأغنية الشعبية، فالأغنية الشعبية ترتبط دائمًا بمكان وبيئة مجموعة من البشر، وتختلف باختلاف المجتمع وثقافته، فهناك الأغنية النوبية والريفية والصحراوية، وتمثل الأغنية الشعبية عادات وتقاليد البيئة التى تغنى بها، كما تُغنى فى المناسبات كالزواج وغيره من التى تشهد تجمعا للمواطنين.

 

تاريخ الأغنية الشعبية وزمن العمالقة

وهناك نوع من الأغنية الشعبية يحكى قصصا ومواعظ السابقين، أو يعبر عن موقف معين عاشه المؤلف، وكان من أبرز المطربين فى اللون الشعبى "محمد عبد المطلب" الذى استطاع خلق كيان ووضع حجر الأساس للأغنية الشعبية المغناة بالموسيقى واللحن والكلمات، وكان يلقب بـ"جحش الإذاعة"؛ لجمال ومتانة صوته، وتشبيها له بفنان شهير وقتها يدعى صالح أفندى عبد الحى، وكان لقوة صوته يطلق عليه "حمار الإذاعة" فحرفوا الاسم بالنسبة لعبد المطلب، ولُقب كذلك بـ"ملك الأغنية الشعبية"، ومن أشهر أغانيه "ودع هواك"، "ساكن فى حى السيدة"، "ياحاسدين الناس"، "تسلم أيدين اللى اشترى".

 

ومن بين الفنانين البارعين أيضا فى هذا اللون، محمد رشدى الذى ابتعد عن فخ "الإسفاف" فى الأغانى الشعبية؛ فحرص على تأسيس كلمات ولحن يضاهى الأغانى الكلاسيكية، فانتشرت الأغنية الشعبيّة على يديه، ومن أشهر أغنياته "عالرملة"، "كعب الغزال"، "عرباوى"، عدوية"، و"طاير يا هوا"، ثم الفنان محمد العزبى الذى أحدث نقلة نوعية كبيرة بنقل الطرب الشعبى إلى حفلات الرئاسة، بعدما كانت الحفلات الرئاسية تقتصر على المطربين الكلاسيكيين فقط، ومن أشهر أغانيه، "عيون بهية"، "الأقصر بلدنا"، "رنة الخلخال".

 

وكان بالطبع الفنان أحمد عدوية من أبرز الفنانين الشعبين، الذى أحدث ثورة عندما وصل بأغانيه إلى كل البيوت المصرية، حيث اخترقت الكلمات والصوت حاجز الفوارق الطبقية، وامتدحه كبار المطربين فى ذلك الوقت أمثال "محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، وغنى عبد الحليم حافظ فى إحدى حفلاته، أغنية "السح الدح إمبو" لعدوية.

 

ومن بعد هؤلاء ظهر العديد من المغنيين الشعبيين إلى وقتنا هذا، ولكن مع تدرج القيمة الفنية للأغنية الشعبية التى اتخذت من الهبوط مسارًا لها بعد هذا الجيل العظيم؛ ظهرت المهرجانات والأغانى الشعبية المبتذلة، وبدأ عدد من المؤدين لها فى الظهور وكان آخرهم شطا وحمو بيكا.

حلمى بكر: الباحثون عن التفاهة وراء انتشارها

وعند السؤال عن سبب انحدار الأغنية الشعبية من عبد المطلب للحد الذى ظهرت فيه الآن ختاما بـ"حمو بيكا"؟، وعن ما إذا كان هؤلاء قد قضوا على مفهوم الأغنية الشعبية الحقيقى وتاريخ مؤسسيها؟؛ فكان رد الملحن حلمى بكر أن "هؤلاء قضوا على الأغنية المصرية بأكملها وليس فقط اللون الشعبى".

وعند سؤاله عن سبب نجاح وانتشار هذه الأغانى؛ قال: "السبب فى ذلك هو الـ12 مليون مشاهد الذين يبحثون عن التفاهه، والجمهور هو من سمح لهم بالتواجد والاستمرار".

 

 الوضع الحالى انحدار للفن القديم.. وإهمال «الحارة والمنطقة» ثقافيا أبرز الأسباب

أما عن رأى الناقد الفنى رامى عبد الرازق؛ فقال إن الأشياء لا تقضى على بعضها، ولا يمكن اعتبار أن الوضع الحالى هو تطور للأغنية الشعبية وإنما انحدار لها، وهناك بشر يساهمون فى هذا الانحدار عندما يستمعون لهؤلاء، فالأغنية الشعبية معروفة لأجيال وستظل موجودة، والدليل أن ظهور عبد الباسط حمودة لم يلغ عدوية، ظلت الأجيال تستمع للأخير، وكذلك شعبان عبد الرحيم لم يلغ عبد الباسط رغم أنه أقل فى الصوت والأداء منه ومن عدوية؛ لذلك "جيل حمو بيكا وشطا" لن يمحو تاريخ الأغنية الشعبية، وإنما يمثلون انحدارها.

وأرجع سبب ظهور وانتشار هذا اللون من الغناء لانحدار المستوى الثقافى، فأضاف أن السبب هو انحدار المستوى التعليمى والثقافى، وأن هناك من يتعامل مع نوعية تلك الأغانى وكأنها من أنواع الحشيش وعنصر من عناصر التغييب؛ لاحتواء الواقع على المشكلات، والأجيال التى تسمع هذه الأغانى ظهرت فى مناطق عشوائية، وليس لديهم أى نوع من أنواع الخدمات الثقافية، ولا يوجد أحد يهتم بتوصيل الثقافة لهم.

وأشار إلى أن سكان هذه المناطق العشوائية منغلقون على حالهم، وبالنسبة لهم "الحارة والمنطقة" هو كل عالمهم، فبالتالى هذه الأغانى هى نوع من أنواع التسالى الذى يتفق مع أذواقهم، وليس أمامهم شىء آخر، ولا يعرفون غيرها، وهذا بالنسبة لهم نوع من التمرد؛ لأنهم يرون أن حمو بيكا وغيره يعبرون عنهم وعن مشكلاتهم وعن أحزانهم وآمالهم فى الحياة.

وأوضح أن هناك مشكلة مهمة تُعتبر من أسباب ظهور هذا النوع من الأغانى هى الزيادة السكانية؛ لأنه بزيادة السكان تقل الموارد وكذلك الخدمات الثقافية حتى وإن كانت فى القاهرة؛ فيصبح تعليمهم محدودا.

 

شاهد أيضًا..

-« مغني الجاز ».. فيلم نقل السينما من الظلام إلى النور

-قصص السندريلا المفقودة.. خادمة مصرية نُسج من حذائها أساطير