تولى المملوك قنصوة الغوري حكم مصر بعد إكتشاف رأس الرجاء الصالح والذي أثر بشكل كبير على الإقتصاد المصري، وأدى إلى تدهوره مما أدخل مصر في دوامة من نقص الموارد ونفاذ الخزائن، ففررض الحاكم على الشعب المصري ضرائب باهظة أثارت سخط الجميع وبنت العداوة والبغضاء بين الشعب المصري والحاكم الجديد شأنه شأن أسلافه من المماليك الذين حكموا مصر بالظلم والإستبداد.
كان لدى قنصوة الغوري هوس بالمعمار فبنى الكثير من المساجد والمدارس في سوريا وتحديدًا حلب التي كانت مقر لحكمة، وعندما بلغ مراده وتولى حكم مصر أراد أن يضع بصمته في مدينة القاهرة ولأن المساجد في عصر المماليك كانت تشبه الأهرامات عند الفراعنة فالمسجد هو الذي يخلد أسم بانيه ويجعله دائمًا موجود، أصر قنصوة على بناء مسجد مثل أسلافه كي لا يكون أقل منهم وعندما عرض الأمر على وزراءه قالوا له أن ذلك مستحيل وأن المال الذي في خزانة الدولة بالكاد يكفي لتسيير أمور الدولة.
جن جنون قنصوة و ظل يسألهم سبيل الحل للوصول لمبتغاه حتى جاءت له فكرة بناء المسجد بالإستيلاء والسرقة، فوضع يده على مدرسة قيد الإنشاء حولها أرض مساحتها مناسبة، وهي موجودة في قلب العاصمة تحديدًا في ملتقى شارع المعز مع شارع الأزهر في بداية منطقة الغورية التي سميت بهذا الأسم نسبة له، وطرد العمال منها ومنع إستكمال بناء المدرسة، ثم أمر عماله بجمع الحجارة وسرقتها من أسوار المساجد القديمة وكذلك المصابيح و الرخام وقد إستغرق بناء المسجد عامين من عام 909 هجريًا إلى عام 910 شهدت فيهم مساجد القاهرة أكبر عملية سرقة حدثت في تاريخ المعمار الإسلامي.
وقد تم بناؤه على الطريقة العثمانية الفخمة أرضيته من رخام و له مأذنة كبيرة يعلوها عدة أهلة وتم إلحاق المسجد بكتاب يحمل نفس أسمه، والجدار مشرف على شارع المعز وله مأذنة مربعه تتكون من 3 شرفات وتبلغ مساحته 132 متر مربع ، وقد تزين صحن المسجد بالكتابة بالخط المملوكي والأندلسي بماء الذهب.
وانتهى الغوري من بناء المسجد والكتاب الذي يحمل أسمه وإفتتحه في إحتفال كبير لم يخلوا من نجوى المصريين وهمهماتهم حول أن هذا المسجد الذي طار به لُب صاحبة ما هو إلا مجموعة من المسروقات التي تم الإستيلاء عليها وجمعها بطرق مبتذلة أمام الجميع، وكعادة المصريين لم يتركوا حاكم ظلمهم إلا وصبوا عليه لعنة السخرية فأطلقوا على مسجده أسم "المسجد الحرام" على سبيل السخرية، كناية عن أنه بُني من الحرام.