الموت في حبة السيلفوس.. البرلمان يتحرك لمنع دخولها مصر.. ونقيب الفلاحين: يجب توفير بدائل آمنة

الاحد 16 سبتمبر 2018 | 01:08 مساءً
كتب : أميرة زنباع

 يمر الإنسان في حياته بمراحل صعبه كثيرة من مشكلات اقتصادية وحالات ضيق أو الحزن على مفقود، لكنه يواجهها ويتغلب عليها بإيمانه بربه، ولكن في السنوات الأخيرة انتشرت حالات الانتحار بشكل كبير على أتفه الأسباب بل أصبح ظاهرة متفشية وجديدة على المجتمع المصري وبات أسهل طريقة للهروب من المشكلات اليومية التي يواجهها الإنسان في حياته.

 

حالة من الجدل الواسع أثارها استخدام أقراص "السيلفوس" أو ما يسمى بـ "حبة الغلة القاتلة" المستخدمة في حماية القمح من التسوس، لأنها أصبحت وسيلة سريعة تستخدم في عمليات الانتحار بالأخص في المناطق الريفية لاحتوائها علي مادة عالية السمية وتنهي حياة الإنسان في دقائق، وتدخل هذه الأقراص البلاد بطريقة شرعية لأنه يتم ادراجها تحت أدوية المبيدات الزراعية.

 

وتعتبر محافظة البحيرة من أكثر الأقاليم التي ينتشر بها حالات الانتحار من هذا النوع، لذلك ذهبت "بلدنا اليوم" إلى القرى والمناطق الريفية بالمحافظة لرصد بعض الحالات المنتحرة والوقوف أكثر على الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك.

 

البداية كانت في قرية جنبواي التابعة لمركز ايتاي البارود بمحافظة البحيرة، كانت "علياء" البالغة من العمر 24 عامًا تعيش في سعادة مع زوجها منذ زواجهما قبل 8 سنوات، وخاصة بعد أن رُزقت بطفلين الأكبر يدعى "كريم" في الصف الأول الإبتدائي والصغرى "هنا" في الخامسة من عمرها، تحكي جدة الأطفال أن زوجة ابنها كانت غاية في الجمال والأدب إضافة إلى إيمانها الشديد وتأديتها كل فروض الصلاة، ولكن قبل سنوات قليلة طرأت عليها أفعال غير مألوفة ولم يفهمها الأهل.

 

 وتقول الجدة، أن "علياء" كانت تسافر لمناطق بعيدة بصحبة ابنتها الصغيرة ولا تعلم إلى أين هي ذاهبة ولماذا؟ ولم يستطع أحد إيقافها عما تفعله، وعندما تعود "علياء" إلى المنزل مرة أخرى تبكي وتقول أنها كانت تحاول الانتحار تحت عجلات القطار ولكنها كانت تخاف علي ابنتها من  الموت، وأقدمت على  تكرار هذه المحاولة عدة مرات، كما حاولت الانتحار مرة أخرى بتناول "مبيد حشري"، ولكن تم إنقاذها في اللحظات الأخيرة.

 

 ويوم انتحارها، الموافق منتصف شهر رمضان، شاهدها أحد الجيران في القرية وهي تشتري أقراص تسوس القمح من محل المبيدات الزراعية وتناولت قرصين قبل الفطار بنصف ساعة، ثم ذهبت بعد ذلك إلي مدينة إيتاي البارود ولا تعلم لماذا؟، وهناك رآها أحد الأقارب صدفة وهي تتجول في أحد شوارع المدينة كالتائهة وكانت بحالة سيئة نتيحة مفعول "حبة الغلة"، وتستنجد بطلب المساعدة من المارة لرؤية ابنائها قبل أن يتوفاها الله، فسارع هذا الرجل بإحضارها للمنزل وذهب بها أهل زوجها للمشفى وهناك لفظت أنفاسها الأخيرة.  

 

ومن قرية "جنبواي" إلى قرية "دنشال" التابعة لمركز دمنهور بمحافظة البحيرة، والتي بها حالات انتحار عديدة جاءت وراء بعضها البعض، بعض أسر المنتحرين لم يقدروا على الحديث نظرًا للألم الذي يعيشونه وكان رد الأغلب منهم "متقلبيش علينا المواجع، الحمد لله على كل حال"، ولكن تعاون البعض الآخر.

 

وأقدمت سيدة متزوجة على الانتحار في قرية "دنشال" بسبب خلافات زوجية ، وسرد جيران المنتحرة القصة بعد أن رفض أهلها الحديث، فقالوا أن زوجها كان يعمل خارج البلاد حتى يستطيع توفير متطلبات الأسرة والإنفاق على زوجته، وكان يرسل لها كل فترة حوالات بريدية وصل قدرها إلى مائة ألف جنيهًا.

 

وحسب ما قاله أحد الجيران أنه قبل عودة الزوج من السفر أخذت الزوجة المائة ألف جنيه وذهبت بهم إلى منزل والدها وعند عودة زوجها ولم يجدها هي والمال اتهمها بسرقة أمواله بالتعاون مع أهلها، ونشبت خلافات كثيرة بين أهل الزوج والزوجة أدت إلى انتحار الزوجة بتناول أقراص تسوس القمح حتى تتخلص من هذه المشكلات.

 

وبعد انتحارها تقدم الزوج ببلاغ إلى قسم شرطة دمنهور يتهم فيه أهل زوجته بقتلها، لذلك أمرت النيابة بتشريح الجثة وتبين أنها تناولت "حبة غلة" وتوفيت في الحال.

 

مُوصى باستخدامها

وفي هذا الإطار قال الدكتور حامد عبد الدايم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، إن أقراص تسوس القمح ليس لها أي ضرر على صحة الإنسان سواء على المدى القريب أو البعيد، مشيرًا إلى أن هذه الحبوب مُوصي باستخدامها.

 

وأضاف "عبد الدايم"، أنه بمجرد تهوية الأوعية المخزن بها القمح يزول المفعول السام للقرص، وبالتالي لا يمثل أي خطر على القمح، لافتًا إلى أن كل المجففات التي يتم استخدامها لحفظ المحصول من التسوس لها نفس التأثير القوي.

 

منافذ البيع

وأشار المتحدث باسم وزارة الزراعة، إلى أنه لا يوجد منافذ لبيع أقراص تسوس القمح إلا من خلال المتخصصين الزراعيين في بيع المبيدات، موضحًا أنه في حالة الاستخدام الجيد لـ"حبوب الغلة" حسب التعليمات المُوصى بها من وزارة الزراعة لا يكون لها تأثير ضار، مؤكدًا أن المزارعين يستخدموا هذه الأقراص بصورة خاطئة، الأمر الذي من شأنه التأثير السلبي على صحتهم.

 

أمراض سرطانية

من جانبه، أكد حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، أنه يوجد طرق أخرى لتخزين القمح آمنة على صحة الإنسان، مشيرًا إلى أن المجففات التي يستخدمها الفلاح في حفظ محاصيله تسبب أمراض سرطانية خطيرة.

 

انعدام التوعية

وأضاف "أبو صدام"، أنه من المفترض على الدولة توفير صوامع لتخزين المحاصيل بطرق صحية وسليمة حفاظًا على صحة المواطنين، لافتًا إلى أن الفلاح مُرشد نفسه ويقوم بتخزين محاصيله بطرق بدائية  لعدم وعيه الكافي بخطورة أقراص تسوس القمح على صحته، علاوة علي إنعدام دور المرشدين الزراعيين في التوعية.

 

وطالب نقيب الفلاحين، وزارة الزراعة بتوعية المزارعين بخطورة "حبة الغلة" وتوفير بدائل أخرى آمنة للتخزين، مضيفًا أنه لابد من وجود رقابة شديدة على بيع هذه الأقراص السامة، منوهًا بضرورة عدم بيعها إلا بمعرفة أخصائيين زراعيين.

 

خطوات حاسمة من البرلمان

وفي هذا السياق، أكد النائب محمد تمراز، عضو لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، على تزايد حالات الانتحار بتناول أقراص تسوس القمح، مشيرًا إلى خطر "حبة الغلة" على صحة الإنسان.

 

وأضاف "تمراز"، أن هذا الموضوع أثير في لجنة الزراعة بشكل كبير، موضحًا أن البرلمان سيتخذ خطوات حاسمة في هذا الموضوع والمطالبة بمنع أقراص تسوس القمح من مصر في دور الانعقاد الرابع المقرر عقده في شهر أكتوبر القادم.

 

تقصير الوزارة

وأكد عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، على تقصير وزارة الزراعة في هذا الشأن، متسائلًا "من الجهة المسئولة عن إستيراد "حبة الغلة السامة" مبديًا استيائه من عدم استجابة وزارة الزراعة لطلبات الإحاطة المقدمة من لجنة الزراعة بالبرلمان في دور الانعقاد الثالث بشأن تزايد حالات الانتحار بتناول جبوب تسوس القمح.

 

 وتابع أن "حبة الغلة" المميتة تؤثر على اقتصاد الدولة نظرًا لما قد تسببه من ضرر على صحة الفلاحين وبالتالي يدفع الفلاح أموالًا طائلة لعلاج الأمراض التي تسببها حبوب السيلفوس، فضلًا عن عدم قدرة الفلاح على زراعة الأرض وتركها بورًا.

 

رقابة التموين

كما قال النائب إبراهيم خليف، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، إنه لابد من وجود رقابة من وزارة التموين علي المحال التي تقوم ببيع أقراص السيلفوس، مشيرًا إلى أن المشكلة لا تكمن في أقراص تسوس القمح وإنما يجب معرفة المشكلات التي تدفع الإنسان إلى الانتحار لأنه من الممكن أن يتناول مادة أخرى للانتجار بدلًا من الأقراص.

 

وأوضح خليف، أن هذه الأقراص وسيلة لأمان المحاصيل الزراعية وحفظها من التلف، وإذا ثبت ضررها على الانسان فلابد على وزارة الزراعة منع استيرادها.

 

برغش يرفض التعليق

ورفض حسين برغش الفلاح الفصيح، التعليق علي تأثير أقراص "حبة الغلة" السامة، واستطرد قائلًا: "الفلاح ميقدرش يستغتى عن الحباية دي لأنها بتحفظ حاصيله من التسوس حتى لو ليها أضرار على صحته".

 

موضوعات متعلقة..

”تمراز” يتقدم بطلب إحاطة لوزارة الزراعة بسبب حبوب القمح

”الزراعة“: لا ضرر في حبوب تسوس القمح إلا أن الفلاح يُسئ استخدامها

نقيب الفلاحين يهاجم وزارة الزراعة بشأن حبوب تسوس القمح: ”قاتلة”

 

 

 

 

 

 

 

اقرأ أيضا