«تشويه الحضارة».. تمثال الخديوي إسماعيل يثير جدلاً واسعًا.. وخبراء: ماحدث «عيب» في حق مصر 

الاربعاء 08 اغسطس 2018 | 04:38 مساءً
كتب : بلدنا اليوم

أصبحت طريقة التعامل مع كل ما يتعلق  بالتماثيل الأثرية فى مصر، تثير الجدل والسخرية، حيث يصر المسئولون دومًا على التعامل مع التماثيل بعقلية الموظف، البعيد عن الفن والإبداع والابتكار، فى حين أن الأمر كله إبداع فني يجب الحفاظ عليه. 

"جه يكحلها عماها"، هذا هو المثل الذي يصف ما قامت به محافظة الإسماعيلية أثناء ترميمها لتمثال الخديوي "إسماعيل"، الذي يجسد شخص أحد أبرز حكام مصر فى الحقبة العلوية وفى التاريخ المعاصر، فبعد أن كان هذا التمثال يمتاز بجمال هيئته وألوانه وفخامتها، أصبح بعد ترميمه غريبًا، حتى وصفه البعض أنه "مسخًا"، وذلك لقيام المحافظة من تلقاء نفسها بإسناد الأمر لغير المتخصصين الذين أساؤا تنفيذ عملية ترميمه.

 

وقد أثار مظهر التمثال الشعب غضب واستياء العديد من المواطنين، وهو ما عبرو عنه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؛ رغبة في إرجاع هذا التمثال العريق إلى صورته الأولى، ولم يتوقف الأمر عند المواطنين العاديين، حيث تقدم نواب البرلمان اليوم بطلب إحاطة للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، والدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ووزيرة الثقافة، ووزير التنمية المحلية، بشأن تشويه عدد من التماثيل التاريخية بحجة ترميمها، أخرها تمثال الخديوى إسماعيل بمحافظة الإسماعيلية.

 

”الراهب”: يجب محاسبة المسئولين عن ترميم تمثال الخديوي إسماعيل

قال ماجد الراهب، رئيس جمعية المحافظة على التراث المصري إن مع ماحدث في ترميم تمثال الخديوي إسماعيل هو أمر منافي لمعاير الذوق والجمال والتراث، مشيرًا إلى ما يمثله الخديوي من أهمية بالنسبة لمصر.

 

وأضاف رئيس جمعية المحافظة على التراث المصري في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أنه لم يتم استخدام متخصصين في عملية الترميم، واصفًا ما حدث أنه "عيب" في حق مصر والخديوي وتاريخ هذه البلاد، ونقابات الفنانين، والفنانين أنفسهم.

 

وتساءل "راهب" كيف تنعدم الرؤية لدى القائمين على عملية الترميم؟، حيث إن هذا التمثال تم ترميمه من جانب المحافظة، مشيرًا إلى وجود العديد من خبراء الآثار، الذين كان من الممكن أن يتم الاستعانه بهم في وزارة الآثار، ووزارة الثقافة، ومكتبة الإسكندرية، أو حتى المتاحف الكبرى في البلاد، ولكن ما حدث أنه تم عمل هذا الأمر بدون الرجوع للخبراء.

 

وأوضح أنه يوجد في كل محافظة إدارة للوزارات كالآثار، والثقافة وغيرهم، ويجب على المحليات أن يلجؤوا إليهم في عمليات الترميم، مضيفًا أنه يجب اللجوء للمتخصصين في هذا الشأن.

 

وأكد أنه سيتم إزالة الك الطبقة الموجودة على التمثال، وإعادته إلى شكله الأصلي بعد ماحدث، لافتًأ إلى أنه لا يجب التحرك فقط بعد أن تقع المشكلة، فلم يكن هذا هو التمثال الأول الذي يحدث له هذا التشويه، فقدوقع أيضًا أمر مماثل لتمثال كليوبترا، وتمثال سعد زغلول، وطه حسين، ونجيب محفوظ.

 

وتابع: أن هذا الاستهتار لم يعد من الممكن السكوت عليه، فيجب أن يتم محاكمة هؤلاء الأشخاص، فما يحدث ليس خطأ مهني أو سهو من جانبهم، بل تعمد لتشويه التاريخ المصري، والحضارة المصرية، ويجب أن تتم محاسبتهم.

 

خبير آثار: ما حدث لتمثال ”الخديوي إسماعيل” جعله ”مسخًا”

من جانبه أوضح الدكتور أحمد بدران، خبير الآثار أن تمثال الخديوي إسماعيل، والكائن في محافظة الإسماعيلية، مصنوع من مادة معدنية، وكان لونها مائل إلى الأخضر، ثم قامت المحافظة من تلقاء نفسها بطلاء التمثال بلون أسود، وباللون الفضي على منطقة الصدر، والعينين باللون الفضي، مما جعل التمثال يتحول إلى «مسخ».

 

وأضاف بدران في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن ما حدث يتنافى تمامًا مع عملية الترميم، وذلك لأنه أنه تم إسناد الأمر إلى غير المتخصصين، مما جعل النتيجة مخزية للغاية، منوهًا إلى أن وزارة الثقافة شكلت لجنة لإعادة تنظيف التمثال مرة أخرى، وهذه العملية ستؤثر بالتالي على تكوين التمثال نفسه، وسيخرج التمثال في نهاية الأمر مشوهًا، وذلك لافتقاد اللجنة لوجود خبير متخصص في الترميم.

 

وأكمل الدكتور بدران حديثه موضحًا أن ما يحدث الآن مشابه لما حدث من قبل مع قناع "توت عنخ آمون"، حيث أسند المتحف المصري عملية ترميمه إلى شخص غير متخصص فاستخدم مادة تدعى "الأيبوكس"، المحرمة في ترميم الآثار، للصق ذقن القناع، ولكنها لم تصمد ووقعت بعد فترة، مما جعلهم يستعينون بعد ذلك بأحد المتخصصين الألمانيين، والذي رمم القناع مرة أخرى بمواد مباح استخدامها عالميًا دون الإضرار بالآثار، وكذلك تماثيل قصر النيل، والتي تم ترميمها بشكل خاطئ، مما جعل مظرها سئ للغاية، ثم تم اللجوء إلى المتخصصين في الآثار، وإعادة هذه التماثيل إلى طبيعتها مرة أخرى.

وأوضح أن هذا التمثال يطلق عليه تمثال تاريخي ميداني وليس أثري، مثله في هذا كتمثال طه حسين وأحمد شوقي ومحمد فريد وعمر مكرم، أي أنها لم تندرج بعد تحت مقتنيات وزارة الآثار، ولكن هذا لا ينقص من أهميته، ويجب أن يتم استخدام المواد الصحيحة في ترميمها، وإسناد الأمر إلى المتخصيين فقط.

 

خبير أثري: التغيير الذي طرأ على تمثال ”إسماعيل” يرجع إلى ”نظافته”

وقال الدكتور مختار كسباني، خبير الآثار، إن أي تمثايل يتم بنائها يدخل فيها نوع من المعادن، وعند ترميمها تكتسب لمعة، وذلك لأنه يتم عمل حساب لنوع العرض، الذي هو عرض مكشوف، مشيرًا إلى أن هذه اللمعه ستنطفئ، وتتكون الطبقة التي تعطي اللون الأصلي للتمثال.

 

وأضاف خبير الآثار في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم»، أن هذا التغيير الذي طرأ على التمثال بعد ترميمه يرجع إلى أنه أصبح نظيفًا، ورجع  إلى شكله الطبيعي، هذا بالإضافة إلى إزالة التراكمات التي أصبحت عليه بفعل العوامل الجوية، والأتربة.

 

وأوضح أن جميع التماثيل تتعرض لعوامل جوية من أمطار وأتربة وغيرها، بالإضافة إلى عوادم السيارات، ولذلك يتم وضع مواد عازلة عليها للمحاظة عليها من كل هذه العوامل، ولكنها تستمر لفترة محددة، ولذلك يتم تنظيفها كل فترة، ووضع هذه المادة عليها مرة أخرى.

 

وأوضح أنه طبقًا للقانون والدستور، الأثر هو ما مر عليه مائة عام فأكثر، ولذلك لا تخضع التماثيل والمباني التي لم يمر عليها هذه الفترة إلى وزارة الآثار، ويشرف عليها قطاع الفنون التشكيلية، وإدارات المحلية بالمحافظات، منوهًا إلى أنه لا يمكن لأحد التدخل في عمل هذه المؤسسات إلا عند طلبها هي أن تستعين بهم.

 

وأشار إلى أن التماثيل الموجودة في الشوارع هي عبارة عن نحت ميداني، وليس نحت متحفي، موضحًا أن المتاحف يتواجد بها فقط القطع الصغيرة، أما التماثيل الكبيرة كتمثال طلعت حرب، والخديوي إسماعيل لا تصلح أن تكون في المتاحف، ولذلك يجب أن يعرض مكشوفًا، كما يحدث في جميع دول العالم، ولكن المشكلة في مصر أن هناك بعض الأشخاص الذين ليس لديهم ثقافة الجمال.

اقرأ أيضا