تعيش الكثير من النسوة فى مصر حياة زوجية بائسة فُقدت فيها كل أنواع المودة والرحمة، اللذين هما أساس الزواج كما وصفهما الله -سبحانه وتعالى- ولعل محاكم الأسرة خير شاهد ودليل على تلك المآسى التى تتعرض لها السيدات يوميًا، بسبب تسلط الكثير من الرجال عليهن، وشعورهم بأنهم قد ملكوهن بالعقد والوثيقة، وأنه من حقهم أن يمارسوا تسلطهم وعنفهم على زوجاتهم بتلك الورقة، ثم يتبعون ذلك برفض تطليقهن كنوع من الإذلال والتضييق عليهن؛ لتجد ساحات تلك المحاكم بجميع أنحاء الدولة يقف على أعتابها المئات من النساء اللاتى تردن «خلعًا»، ولكل منهن حكايتها ومأساتها المختلفة.
«بسمة».. تلك السيدة العشرينية التى جمعنا بها القدر داخل محكمة الأسرة بمصر الجديدة، وهى فى حالة يرثى لها، فقد كسر ذراعها وضيعت الجروح معالم وجهها الجميل، فقد تعرضت «لعلقة ساخنة» على يد زوجها «الحشاش»، كما وصفته.
تقول بسمة: تزوجته وأنا فى السابعة عشرة من عمرى بعد إلحاح من أمى على الرغم من رفضى له، وذلك لثرائه الفاحش وكذلك صلة القرابة بيننا، مضيفة هو كان يعلم بأننى لا أريده ولكنه تمسك بى، وفى خطوبتنا كان يسىء إلى ويتعمد إهانتى، وعندما كنت أخبر والدتى كانت لا تصدقنى وتقول بأننى أكذب لكى أفسخ الخطبة، مرددة «عايزة الناس تشمت فيكى».
وتتابع بسمة: مرت الأيام، وتزوجنا فى «فيلا»، أعدها العريس الثرى «ابن عمى».
وتضيف: فى بداية زواجنا لا أنكر أنه كان يعاملنى معاملة طيبة، ولكنه بعد فترة خاصة بعد أن حملى بطفلتى الأولى تغير كثيرًا وصار شخصًا شرسًا فظًا لا يعرف لغة سوى «الضرب»، فقد اعتاد أن يضربنى بشكل مبرح غير مبالٍ بصرخاتى ولا توسلاتى له بأن يدعنى وغير عابئ ببطنى المنتفخ أمامى ولا اقتراب موعد ولادتى فكان يجرجرنى من شعرى على الدرج ويمسك برأسى ليرطمها بالحائط.
وتضيف الزوجة ودموعها تنهمر من عينيها: كان بعد كل «علقة» يأخذنى للمستشفى لتلقى العلاج ويتصل بأهلى ليأتوا لزيارتى، ثم يرسلنى لبيت أبى لكى يضمدوا جروحى ويتابعوا حالتى الصحية حتى تستقر، وبعد شفائى يعود لكى يأخذنى.
وتواصل الزوجة حديثها بأسى: فى كل مرة كان والدى يعيدنى له بحجة: «ماينفعش تطلقى»، «الناس هتشمت فينا»، «مين هيربى بنتك ويصرف عليها»، مستكملة: «فى ظل جلسة صلح بيننا كانت أمى تصر على أننى المخطئة وأننى لا أعطيه الحب والحنان اللازمين؛ لذلك يضطر هو لضربى ومعاقبتى».
وتتابع بسمة: أصبحت أشك فى نفسى وأحاول أن أصلح من حالى ولكن بلا جدوى فكلما هممت بأن أرضيه أجده لا يرضى وكلما حاولت تدليله يزيد فى إهانتى بالضرب والسباب بأفظع الألفاظ، مضيفة: "فشلت كل محاولات الصلح بيننا فى أن تعيد الاستقرار والهدوء لعشنا الذى أصبح على صفيح ساخن نيرانه لا تخمد".
وتستطرد الزوجة بصوت متعب: "حياة بائسة، فقدت فيها كل معانى الرحمة، مع أم ترانى على خطأ رغم أنها كل فترة تأتى لكى تصحبنى من مستشفى غير الآخر وترى حالتى ولكن خوفها من أن أكون مطلقة قد طغى على حبها لى كابنة، فترى أنه يجب على أن أتحمل من أجل ابنتى وكى لا تشمت بنا العائلة والتى كانت تحلم جميع فتياتها بالفوز بزوجى «محمود»، لثرائه، والذى لم أتمتع به حتى يومًا واحدًا فقد كان بيته الواسع وفيلته الأنيقة خالية من الطعام والأموال فى محاولة منه للتضييق على ومعاقبتى على ذنوب لم أقترفها.
وتضيف الزوجة: ملامحه صارت تتغير ويبدو عليها الغلظة، وكنت أظن أن كرهى له هو السبب ولكننى اكتشفت أنه «حشاش» ويتناول مواد مخدرة تفقده القدرة على أن يصلب طوله، فسار يأتى كل ليلة للبيت مترنحًا مهتزًا وهو فى حالة تشبه فقدان الوعى، مشيرة إلى أنه رغم هذا كله ما زال أبواها يرفضان فكرة الانفصال تمامًا، مما دفعها للحضور إلى محكمة الأسرة لإقامة دعوى خلع ضد زوجها.
وقالت إنها ستبيع مصوغاتها فى سبيل ذلك، رغمًا عن أسرتها التى تصر على ظلمها وكبتها وإجبارها على أن تعيش فى كنف رجل لا يعتبرها إنسانة من لحم ودم.