لم تمر الأحداث بسلمية في سوريا بعد قيام الثورة الشعبية، بل انقلبت الموازين رأسًا على عقب، عندما ظهرت الجماعات المسلحة، فتحولت البلد إلى ساحة حرب داخلية، بجانب معارك بالوكالة بين القوى الدولية التي تدخلت في الشأن الداخلي لسوريا.
وزير الخارجية الروسي، سيرخي لافروف، أكد اليوم، أن موسكو لا تبرر أعمال الديكتاتوريين، إلا أنها تدعم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لتجنب تكرار مصير العراق وليبيا في سوريا.
وقال لافروف، خلال مقابلة مع شبكة «روسيا اليوم»، ردًا على سؤال دعم روسيا للرئيس السوري، بشار الأسد: «أعتقد أنه يجب أن نكون واقعيين وأن نبدي المسؤولية، وخاصة في مجال الأمن في العالم وفي بلداننا والتعاون الذي يخلق ظروفًا ملائمة لذلك والتي يشعر فيها شعبنا بأنه في مأمن».
تصريحات الوزير الروسي، ألقت بالضوء على ما تشهده سوريا حاليًا، في معركة الخاسر الوحيد فيها هو الشعب نفسه، نتيجة لأطماع دولية عملت على تمزيق أطرافها.
الولايات المتحدة عام 2014، أعلنت تواجدها في سوريا بدعوى محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، وبدأت تسليح وتدريب عدد من الفصائل هناك، لتزداد وطأة الحرب والانقسامات في البلاد.
يبدو أن الأسد شعر بميل ميزان القوى الدولي تجاه واشنطن، ما سيؤدي بدوره إلى انفراد الولايات المتحدة بدور الوصي في سوريا، ما سيهدد بقاءه على كرسي الحكم.
لتلك الأسباب، طلب الأسد في 2015 من روسيا الوقوف إلى جانبه في مواجهة الأزمات الداخلية، والحفاظ على مقاليد الحكم وعدم تمزيق البلاد.
وجد بوتن الفرصة مواتية لاستعادة نفوذ وقوة الاتحاد السوفيتي التي تشتت على يد الولايات المتحدة، بعد سيادة الهيمنة الأمريكية عقب الحرب العالمية الثانية.
ودارت رحى الحرب الأمريكية-الروسية بشكل غير مباشر، ليقف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في الشمال، وتستمد قوات بوتن قوتها من شرعية تواجدها بأمر النظام.
تدخلت في الأونة الأخيرة تركيا، ووجدت لها يدًا في سوريا، وبالتحديد على المدن الحدودية في الشمال، فأطلقت يناير الماضي، عملية «غصن الزيتون» لاحتلال المدينة.
بين الحفاظ على الدولة والنظام
استطاعت روسيا الإبقاء على نظام الأسد في سدة الحكم، لكنها لم تتمكن من منع التدخلات الدولية وبخاصة أمريكا.
كما لم تنجح في فرض الاستقرار الداخلي الذي أدعت أنها تسعى إليه في المنطقة، إلا أنها أدت الدور الأهم في لعب «رمانة الميزان» للقوى الدولية في المنطقة، وعدم هيمنة واشنطن على الأوضاع هناك مثلمًا حدث في العراق.
لم تمر سوى 4 سنوات فقط، حتى سعى «ترامب» إلى تكرار سيناريو العراق في سوريا، بعدما أدعى مسئولية النظام السوري عن القصف الكيماوي في الغوطة الشرقية، منذ ما يقرب من 3 شهور مضت.
اختلفت الظروف، ولكن تشابهت الإدعاءات، فبالعودة إلى الوراء قليلًا، حاكت الولايات المتحدة وبريطانيا رواية ضعيفة الأركان، تمثلت في إدعاء وجود أسلحة دمار شامل في بغداد.
ساعدت القوى الاستعمارية، تصريحات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين التي لم ينكر فيها خلو بلاده من أسحلة الدمار الشامل، إضافة إلى أنه لم يلجأ إلى المجتمع الدولي، وظل متحديًا لجميع قرارات الغرب.
محاولة تكرار السيناريو في سوريا، لم يتم بفضل روسيا، التي وقفت في وجه القوى الغربية لمنع ما حدث في العراق.
المحلل الروسي تيمور دويدار قال في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم»، إن روسيا تأخذ الأمور بجدية تامة فيما يحدث من تصعيد تجاه سوريا، وأن إفشال مشروع الغرب في تقسيم الدول العربية إلى إمارات حرب، أو بمعنى أدق الشرق الأوسط الكبير هو السبب الرئيسي لغضب الغرب حاليًا.
ويصرح الأسد كثيرًا بمحاربته للإرهاب والحفاظ على سوريا من التقسيم والخراب، بالرغم من وجود مزاعم كثيرة تدور حول استخدام قوات النظام المدعومة من القوات الروسية، للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين.
وأدت هذه المزاعم إلى التدخل الثلاثي على سوريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا وبريطانيا، حيث تم تفجير عدد من المواقع سورية، من بينها مركز جمرايا للبحثو العلمية شمال غرب دمشق و الحرس الجمهوري السوري والفرقة الرابعة.
وبسؤال المحلل السياسي الروسي دويدار عن توجهات ونوايا روسيا الحقيقية في سوريا، أكد « أن موسكو تؤيد بكل قوة الدولة السورية وجميع مؤسساتها الشرعية، وأن بشار الأسد هو رمز للدولة السورية».