كتاب المونديال.. ما بين حلم البطولة وتحقيقها أرض الملعب هي الفيصل

اقترب إسدال الستار وحان موعد حسم  ملف كأس العالم 2018 حيث أن الجميع على أحر من الجمر  يترقب من سيضع اسمه وبصمته على وجهة هذا الملف هل الديوك الفرنسية التي يراودها الحلم منذ عشرين عامًا أم أصحاب الرداء الأحمر كرواتيا الذين يطمحون في تحقيق اللقب الأول لهم، وفي أثناء تلك المعركة الطاحنة سوف ننتهز تلك الفرصة ونحن على أعقاب نهائي مثير من بطولة كانت المفاجآت هي عنوانها لنكمل لكم الجزء الثالث والأخير من كتاب المونديال حكاية (كأس العالم).

قد توقفنا في الجزء السابق عند عام 1986 فمنها ننتقل إلى مونديال 1990 وهو المفضل لدى المصرين على الأخص حيث كان المونديال الثاني لدى المنتخب المصري، وقد حظيت إيطاليا بشرف تنظيم كأس العالم هذا الموسم حيث بدأت بتزيين مدنها وإقامة احتفالية كبيرة لقدوم هذا الضيف الذي يدق جرس باب كل بلد ليعلن عن قدومه. 

ونسلط الضوء هنا على مباراتين من العيار الثقيل أولهما مباراة المنتخب المصري أمام نظيره الهولندي والثاني نهائي هذه البطولة التي جمعت بين ألمانيا والأرجنتين.

مباراة مصر وهولندا

تلك المباراة وما أروعها من مباراة حيث أقيمت على ملعب رينزو باربيرا، باليرمو، ومنذ بداية المباراة تفاجأ المنتخب الهولندي بلعب الفراعنة وطريقة تنقلهم بالكرة في وقت اعتقد الشعب المصري أن المنتخب سوف يلقى هزيمة مدوية ليقف القدر في صف الفراعنة بتقديم هدية ثمينه لتماسيح النيل وهي التعادل الإيجابي بهدف لكل فريق.

بدأت هولندا بافتتاح أهداف المباراة بقدم ويم كيف في الدقيقة ال58 من عمر المباراة وفي الدقائق الأخيرة تمكن مجدي عبدالغني من خطف هدف التعادل من خلال ضربة الجزاء الذي إشتهر بها إلى وقتنا الحالي ليستمر مشوار المنتخب في البطولة.

الأرجنتين وألمانيا

ومن معركة الفراعنة إلى معركة أكثر عنفاً من حيث المهارة واللعب حيث اصطدمت الماكينات الألمانية براقصي التانجو على ملعب ألمبيكو في العاصمة روما.

وشهدت المباراة 90 دقيقة من المهارة والمراوغة والدفاع وكان نجم المباراة هو ديغو مارادونا ولكن حين يشاء القدر لا أحد يقدر أن يوقفه فقد عاقب القدر راقصي التانجو بضربة جزاء للماكينات الألمانية حيث تمكن نجم الألمان حينها أندرياس بريمه من خطف هدف الفوز في الدقيقة 85 من عمر المباراة ليححق الألمان لقبهم الثالث عبر بوابة إيطاليا واستطاعوا تحقيق اللقب الرابع لهم عام 2014 في سيناريو يكاد يكون أكثر تشابهاً لسيناريو نهائي مونديال 90.

ومن إيطاليا مروراً بالأراضي الفرنسية حيث مونديال 1998، والذي بدأت فيه الإثارة بثوبها الجديد، ومنها نلقي الأنظار على نهائي تلك البطولة التي جمعت عمالقة كرة القدم في العالم على رأسهم مدرب الديوك الفرنسية الحالي ديديه دي شامب وزين الدين زيدان ورونالدو وبوتيتو وربرتو كارلوس وغيرهم ولكن أي من نجوم الفريقين حقق المكسب لفريقه، كانت هذه مباراة من العيار الثقيل على راقصي السامبا حيث تلقت شباكهم ثلاثة أهداف وهزمو في موقعة سان دينس هزيمة ساحقه ليتمكن الديوك الفرنسية من إحراز لقبهم الأول في تاريخهم.

ومن مونديال 98 إلى مونديال 2006، حيث كانت هي النسخة  الثامنة عشر التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكانت ألمانيا قد استضافت هذه البطولة للمرة الثانية في تاريخها بعد استضافتها مونديال 1974، وأقيمت هذه البطولة في 9 يونيو 2006 واستمرت إلى 9 يوليو 2006 بمشاركة 32 منتخبًا وطنيًا من بينهم دولتين عربيتين وهما تونس والسعودية وكان هناك دول قد وصلت لأول مرة في تاريخها إلى نهائيات هذه البطولة وهي: أنجولا، ساحل العاج، غانا، توجو، ترينيداد وتوباجو، أوكرانيا، الجمهورية التشيكية وصربيا والجبل الأسود.

وقد نجحت 4 منتخبات أوروبية في هذه البطولة تخطي الحواجز الصعبة و الوصول للمربع الذهبي، وفي التاسع من يوليو  وبعد معركة النهائي المثيرة والتي أحدثت ضجة كبيرة في أحداثه ونتيجته، توج المنتخب الإيطالي بطلًا للمونديال 2006 للمرة الرابعة في تاريخه الكروي بعد سحقه الديوك الفرنسية على ملعب برلين بركلات حيث شهدت تلك المباراة  نهاية مؤسفة للنجم زين الدين زيدان حيث دفع برأسه في صدر المدافع الإيطالي ماركو ماتيراتسي قبل انتهاء المباراة بأربعة دقائق ليخرج الحكم البطاقة الحمراء في وجه "زيدان".

وأخيرًا نختم صفحات كتابنا بمونديال 2010 هي النسخة التاسعة عشرة من عمر البطولة كما أنها هي أول بطولة تقام في القارة الأفريقية، وتحديدًا في جنوب أفريقيا حيث  أقيمت البطولة من 11 يونيو إلى 11 يوليو 2010، بعد أن وقع الاختيار عليها بعد منافسة عنيفه بينها وبين  مصر والمغرب كي يصبح أحدهم أول بلد أفريقي يستضيف النهائيات، ووقع الاختيار على جنوب أفريقيا.

ونسلط الضوء هنا على المباراة النهائية والتي جمعت بين الماتدور الإسباني ونظيره الهولندي على ستاد البنك الوطني الأول، بقيادة الحكم الإنجليزي هاوارد ويب، وكانت هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تصل بها إسبانيا للمباراة النهائية لكأس العالم، وكما أن هولندا لم تبلغ المباراة النهائية منذ 32 سنة وتحديدًا منذ أن لعبت في نهائي مونديال 78.

وكان هذا النهائي  نهائيًا أوروبيًا خالصًا للمرة الثانية على التوالي بعد نهائي كأس العالم لكرة القدم 2006 بين إيطاليا وفرنسا، وكان من عجائب هذا المونديال كانت في نهايته، حيث أشهر الحكم هاوارد ويب عددًا كبيرًا من البطاقات طوال المباراة حيث كان عدد البطاقات المكتسبة أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق وهو 6 بطاقات في نهائي كأس العالم 1986 بين الأرجنتين و ألمانيا وكانت تقسيمة تلك البطاقات كالأتي:

عدد البطاقات المكتسبة في المباراة 14 بطاقة صفراء منها 9 لمنتخب هولندا، و5 من نصيب منتخب إسبانيا وبطاقة حمراء وحيده كانت من نصيب جون هيتينغا لاعب المنتخب الهولندي بعد تلقيه بطاقتين صفراء، وكانت البطاقة الصفراء الموجهة للاعب الهولندي نايجل دي يونغ، بعد ركله تشابي ألونسو، لاعب الإسبان في صدره في الشوط الأول، قد أثارت غضب الكثير، منهم روب هيوز والذي اعتقد بأنه كان يجب إعطاءه بطاقة حمراء.

وبعد هذا الصراع العنيف من نوعه الذي دام لأكثر من ساعتين تمكن الرسام الإسباني أندريس إنيستا من خطف هدف الفوز  في الدقيقة 116، وبذالك تمكنت إسبانيا من تحقيق لقبها العالمي الأول، وقد كانت هذه المرة الأولى التي تفوز دولة أوروبية بالمسابقة خارج القارة العجوز.

وبعد أن أغلقنا الصفحة الأخيرة من كتابنا (كتاب المونديال) رأينا كم كانت هذه البطولة هي الأعرق على مر التاريخ وكيف كانت هي منال جميع منتخبات العالم  فهي بطولة لا تعرف طعم الملل أو اللهو وتأتي دائمًا خلاف التوقعات، ولكن إنما تعرف شيئًا واحدًا وهو لغة الفوز فقط، كم مر عليها أجيال وأجيال يورثو بعضهم البعض مهارة وسحر كرة القدم، وإلى يومنا هذا مازال الصراع قائم عليها فمن هو البطل القادم الذي يحمل نسختها في روسيا.