مبنى أبيض مكون من ثلاثة طوابق في منطقة شعبية، حيث يرفرف على شرفته علم مصر، منقوشًا على حوائطه حكم وأمثلة تحكي تاريخ العلم، وتشدد على أهميته بين الشعوب، وفي مدخله بوابة سوداء لا بد من التوقف عندها أثناء الدخول والخروج.
وعلى غرار المعتاد من الثانوية العامة، في الأعوام الماضية، التي مثلت "البعبع" لدى الطلاب المصريين، وتتسبب في حالات نفسية لديهم، يحرص العديد من أولياء الأمور، على الذهاب لمساندة أبنائهم، للتغلب على الخوف والتوتر الذي يمتلكهم قبل الامتحان.
أمام هذا المبنى اجتمع العديد من النساء التي تتراوح أعمارهن ما بين الخمسين والستين عامًا، يجلسن على جانب الطريق، في حرارة الشمس الحارقة، بينما يتلاعب بهم الخوف والتوتر، من بينهن سيدة تتساقط دموعها خوفًا على فلذة كبدها الذي بالداخل، تتحسس خطواتها أمام البوابة من الخلف للأمام في مساحة لا تتخطى بضع مترات، وتنظر بعيناها الدامعتان، من الثقوب الموجودة عبر البوابة، على نجلها تتمنى أن تراه وأن يبشرها بسهولة الامتحانات.
وبعد مرور ساعات من الامتحان، بدأ الطلاب في الخروج من المدرسة، منهم الباكي ومنهم المبتسم، وما زالت السيدة عيناها شاردة صوب المبني الكبير تنتظر خروج الفتى العشريني، حتى رأت خطواته من بعيد، خارجًا بزيه الأصفر فاقع اللون، وابتسامته مرسومة على وجهه، فانهمرت دموع الفرح من عينها، ونقضت في أحضانه، فقبلها بين عينها، ورفعت عيناها صوب السماء شاكرةً الله على سهولة الامتحان.