لم تكن نجلاء تتخيل أن طلب زوجها المتواضع بالحصول على خمسة أرغفة سيكون آخر ما ينطق به في حياته، بعدما خرج من منزله قاصدًا التوجه إلى عمله لتوصيل العمال، كونه يعمل سائقًا على أتوبيس تابع لإحدى الشركات، لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث التي كشفت عن العديد من التفاصيل المثيرة.
"جوزي راح الشغل مرجعش"
بعيون تملؤها الدموع وصوت مختنق بالحزن، تتحدث السيدة نجلاء لـ "بلدنا اليوم" عن الساعات الأخيرة التي سبقت مأساة شريك عمرها سعيد، السائق البسيط الذي خرج نحو عمله فعاد جثة هامدة.
تقول زوجة المجني عليه: "كان سعيد زوجي رجلًا بسيطًا، كل ذنبه أنه ذهب لشراء 5 أرغفة حتى يتناول فطوره خلال ذهابه إلى العمل. ذهب بعربة الأتوبيس الصغيرة التي يعمل عليها، وقف أمام الفرن هنا في منطقة القومية، كما يفعل يوميًا، لكنه لم يكن يعلم أن القدر يخبئ له نهاية مأساوية."
تابعت الزوجة المكلومة: "طلب منه صاحب الفرن أن يُبعد الأتوبيس عن واجهة المحل، لكنه رفض، فلم يكن هناك أي مكان آخر لركنه، ولم يكن يتوقع أن الأمر سيتحول إلى كارثة. حيث استعان صاحب الفرن بأبنائه الثلاثة، وبدأوا في الاعتداء عليه بالضرب، لم يرحموا شيبته، لم يتوقفوا حتى بدأ يصرخ مستغيثًا بابنه الأكبر، حيث قام بالاتصال به هاتفيًا."
وأوضحت الزوجة: "وصل الابن مسرعًا ليجد والده محاصرًا بين أربعة أشخاص ينهالون عليه ضربًا. لم يتردد في التدخل لإنقاذه، لكنه لم يكن يعلم أن تلك اللحظة ستغير حياته للأبد. ضربوه أيضًا، لم يكتفوا بوالده، بل طعنوا ابني بالأسلحة البيضاء، ليسقط على الأرض غارقًا في دمائه بجوار أبيه. وابني اليوم أصبح مصابًا بعاهة مستديمة بعد إصابته بقطع في وتر اليد."
تحاول نجلاء لملمة ذكرياتها، لكنها تعود للحظة التي سمعت فيها الخبر: "كنت في البيت أنتظر عودته، سمعت صراخ الجيران، ركضت لأجده ملقى على الأرض، لم أصدق أن زوجي الذي خرج منذ قليل أصبح جثة هامدة."
تسكت زوجة المجني عليه قليلًا، ثم تستجمع قواها لتقول: "هل أصبحنا في زمن يُقتل فيه الإنسان بسبب خمسة أرغفة أو ركنة أتوبيس؟ هل أصبح الدم رخيصًا إلى هذه الدرجة؟ لم يكن سعيد يطلب أكثر من شراء العيش لتناول وجبة الإفطار، لكنهم سلبوه حياته بدم بارد."
وأردفت الزوجة: "في الأيام التي تلت الجريمة، لم نكن نستطيع استيعاب ما حدث. ابني يرقد في المستشفى، وأنا بين أروقة النيابة أبحث عن العدالة لزوجي الذي قُتل غدرًا، ولا أطلب سوى حقه، لا أريد سوى أن ينال من قتلوه جزاءهم، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه إزهاق روح بريئة بهذه الوحشية."
واختتمت زوجة المجني عليه حديثها قائلة: "البيت أصبح موحشًا بغياب سعيد، زواياه تفتقد خطواته، والمائدة التي اعتاد الجلوس إليها أصبحت فارغة"، مستطردة: "لن يريح قلبي سوى إعدام المتهمين."