وجه الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين الحالي، كلمة إلى الجمعية العمومية للصحفيين، بمناسبة انتخابات النقابة بعنوان "كلمتي للجمعية العمومية" هذا نصه:
استهل البلشي كلمته، بأنه يكتب هذه الكلمات مع نهاية دورته النقابية، مؤكداً عودة معنى نقابة الصحفيين، وعظمتها، وعظمة جمعيتها العمومية ليتجسد في حضور كبير في قضايا المهنة والمجتمع، على حد تعبيره، بعد توقف استمر لسنوات.
النقابة مفتوحة لقضايا النقابة والمجتمع
وأضاف: أن ذلك ظهر بشكل واضح في فعاليات عدة، وأبواب صارت مفتوحة على قضايا المهنة والمجتمع، بعد أن عاد المبنى متسعًا لكل أبناء المهنة، وبيتًا للجميع، وبعد أن فُتحت أبوابه لمناقشة أزمات المهنة وقضايا الصحافة وحريتها، وكل قضايانا الوطنية، واستعاد دوره كمنصة للدفاع عن الحقوق والحريات، وظهر أثر كل ذلك جليًا في المؤتمر العام السادس للصحافة، الذي ناقش كل أزماتنا المهنية، وفي العديد من الفعاليات كالموقف من قضايا الأجور، والحريات، والقوانين المختلفة المنظمة لعملنا، أو الخاصة بالمجتمع كالإجراءات الجنائية والمسئولية الطبية، وكذلك في الموقف الواضح من العدوان على غزة، ومساندة موقف الدولة ضد التهجير، وهو ما تجسد في تحالف النقابات المهنية، وكذلك في استعادة دوره العربي والإقليمي، من خلال استضافة فعاليات للاتحادين العربي والدولي. وكذلك تحول النقابة لبيت لكل الزملاء العرب، وأيضًا في الفعاليات النقابية المختلفة، وفي الحضور الكبير لجميع الأجيال؛ لنتشارك جميعًا في الأفكار والعمل، والسعي من أجل الخروج من أزمة مهنتنا، وأزمة أبنائها، والدفاع في الوقت نفسه عن وطننا وقضايا أبنائه.
وسط كل ذلك كان يحكمنا إدراك واضح أن نقابة قوية هي بداية الطريق للدفاع عن حقوقنا، وأن الصحافة المعبرة عن آمال وطموحات المواطنين هي التي ستبقى، وهي القادرة على نفض الغبار، والخروج من أزمة القيود المكبلة لعملنا جميعًا لبراح الحرية، والقدرة على التعبير.
استعادة قوة المهنة
ثم استطرد في الحديث قائلاً: ميلاتي وزملائي وأساتذتي، لقد كانت خطتنا مع بداية هذه الدورة النقابية أن نسعى لاستعادة هذه المهنة، واستعادة نقابتها بيتًا لكل الصحفيين، نعيد للمبنى رونقه ومعناه، وللمهنة قوتها وتأثيرها، في خطين متوازيين، كانت البداية بالمبنى، فتم فتح أبوابه بمعاونة الزميل جمال عبد الرحيم وكل الزملاء بالمجلس، وبمعاونة الفريق الإداري بالنقابة، وتم استعادة كل الأنشطة فيه، وتم إحياء ما توقف لسنوات لأسباب مختلفة، ووصل ما انقطع من ماضي النقابة بسبب هذه الظروف في محاولة لاستعادة روح النقابة وقيمها، التي وضعها مؤسسوها ونقابيوها العظام، التي تقوم على إعطاء كل ذي حق حقه، وتصحيح ما يمكن تصحيحه من مسارات تم تعطيلها أيًا كانت الأسباب دون تجاوز في حق السابقين، وبإجلال تام لكل ما قدموه مهما كانت خلافات الرؤى، وبحرص تام على تعظيم المشتركات بين الجماعة الصحفية بكل تنوعاتها، واستعادة قوتها الناعمة باعتبار هذا التنوع هو مكمن هذه القوة.
أنشطة النقابة
ظهر ذلك في العديد من نشاطات النقابة، ولجانها المختلفة، ففي البداية كان علينا العمل على استعادة روح مبنى نقابة الصحفيين كبيت لكل الصحفيين، وتجديد خدماته من الداخل، وإعادته فتيًا على نحو ما بدأه بناة هذا الصرح، فاسمحوا لي، أن أشكر مَن سعى لبناء هذا الصرح الأستاذ إبراهيم نافع ومجلس النقابة في وقته، ومَن عاون في استكمال البناء في مجلس الأستاذ مكرم محمد أحمد، قبل أن يعود الأستاذ إبراهيم نافع نقيبًا لافتتاحه، وأدعوكم جميعًا للتوقف أمام اللوحة النحاسية، التي دوّنت تاريخ هذا البناء، وسجلت روح التعاون بين المجالس المتعاقبة، التي كانت دافعنا لنستعيد للمبنى رونقه وروحه، فتم ترميم الواجهات الجانبية كاملة، كما تم استكمال إصلاح الواجهة الأمامية، وعملية ترميم كاملة للخدمات والمعدات داخله، وتم إطلاق المرحلة الأولى لواحد من أهم المشروعات في تاريخ النقابة، هو رقمنة خدماتها كاملة، لتدخل النقابة العصر الرقمي عبر إتاحة خدماتها جميعًا من خلال موقع جديد تم إطلاقه يضم بوابة للدفع لإتاحة كل الخدمات النقابية للزملاء من خلاله، وكذلك عبر تطبيقات على الموبايل، تتيح للزملاء متابعة كل ما تقدمه النقابة، وما يجري داخلها من فعاليات، كما تتيح في الوقت نفسه مساحات واسعة للتعريف بالنقابة وتاريخها، وهو المشروع الذي تم إطلاق المرحلة الأولى منه.
علامة فارقة في تاريخ الصحافة
ثم أكمل حديثه عن مشروع ضخم تم بدء الاعداد له بالتوازي مع أنشطة النقابة، ربما يشكل علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية، وهو بناء الأرشيف الرقمي للصحافة المصرية منذ عهد محمد علي وحتى اليوم مستعينين بما لدى النقابة من كنوز كاد الزمن ينال منها لنبني أرشيفًا رقميًا لأكثر من 1000 صحيفة صدرت في تاريخ هذا البلد، وأرشيفًا لمبدعيها وصحفييها ونضالهم عبر التاريخ ولصورها النادرة في مشروع يحاول استعادة عظمة هذه المهنة، ويؤرخ لمحطاتها المختلفة. فشكرًا لكل القائمين على هذه المشروعات، شكرًا لكل أعضاء المجلس، ولفريق العمل بالنقابة، وللقائمين على تنفيذ هذا المشروع بقيادة الدكتور خالد عزب.
إحياء المبنى شكلاً ومعنى
كما تطرق لسعي المجلس لإحياء المبنى، والذي لم يقف عند حد الشكل، ولكنه امتد أيضًا للمعنى، وللخدمات داخله، واستعادة روحه كبيت للصحفيين من خلال الإفطارات الجماعية، وعودة المبنى لاستضافة العديد من الفعاليات الاجتماعية والثقافية، على حد تعبيره، وكذلك عدد من الحفلات الكبيرة، فضلًا عن فعاليات مناصرة فلسطين ومناهضة العدوان الصهيوني على غزة، كما امتد الأمر للخدمات التي يتم تقديمها للزملاء الصحفيين، وهو ما ظهر في الطفرات، التي تم تحقيقها في مشروع العلاج، وافتتاح العيادات الداخلية، وعيادة التأمين الصحي، وصيدلية التأمين الصحي، وتوسيع مظلة المؤسسات الصحية، التي نتعاون معها وإطلاق خدمة الأقارب، وشهد هذا المشروع نموذجًا بارزًا للتعاون مع كل الأطراف من مجلس الوزراء، ووزارة الصحة إلى المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، وبعض المؤسسات الصحفية الكبرى لخدمة الجماعة الصحفية والحالات الحرجة، فشكرًا لهم جميعًا على ما قدموه من عون ودعم مالي ساهم في إنقاذ العديد من الحالات الحرجة فاقت تكاليف علاجها ملايين الجنيهات.
المدينة السكنية للصحفيين
كما تم استعادة الأنشطة المختلفة، فتم توفير 630 شقة للزملاء الصحفيين، وسعينا لإحياء مشروع المدينة السكنية للصحفيين بجهود دؤوبة، ووصلنا الآن لمرحلة اختيار مطور لبدء مرحلة التراخيص والبناء، وتم طرح الحجز في 300 وحدة بالمدينة، وتم إطلاق أول معرض للكتاب في تاريخ النقابة، واستعادت قاعات النقابة أنشطتها بعد تجديدها، وتجديد قاعة هيكل بالدور الرابع من خلال مؤسسة هيكل، واستعاد مسرح النقابة دوره، بعد تحديث ساهمت فيه وزارة الثقافة من خلال خبرات لتحديث سيستم الصوت والإضاءة، وتم تجديد كل المؤسسات النقابية، عبر إحياء اللجان والشُعب والروابط، وصندوق التكافل وتجديد مجالسها عبر عمليات انتخابات توقفت لفترات طويلة، كما كنا حريصين على إحياء التواصل مع المؤسسات والهيئات عبر ندوات لكل الأطراف، جاء على رأسها ندوات المسئولين والسفراء كأحد روافد تداول المعلومات، ووسط هذا لم يتم نسيان كبارنا عبر نشاط تواصل الأجيال، الذي تم أحياؤه، واستعادت كل اللجان أعمالها سواء من خلال النشاط الترفيهي، أو حتى أنشطة التعاون مع المؤسسات الخارجية. فشكرًا لكل أعضاء مجلس النقابة فردًا فردًا، الذين تحولوا لخلية نحل لاستعادة أدوار النقابة المختلفة ومسئولياتها تجاه أعضائه، وشكر خاص للإخوة الإعزاء الجنود المجهولين من موظفي النقابة، الذين ساهموا في ظهور هذه الجهود للنور.
مركز تدريب الصحفيين
ولعل ما تم في مركز التدريب داخل نقابة الصحفيين أحد الشواهد على ما جرى، وأحد الشواهد الكبرى على التعاون بين المجالس المختلفة لإكمال مسيرة البناء ومواجهة التحديات، فلقد بدأ المركز كفكرة وضع أسس لبناتها الأولى في عهد الأستاذ يحيى قلاش ومجلس النقابة وقتها، بعد تواصل جاد مع مؤسسة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، والاتفاق على تطوير دورين كمركز تدريب ونادٍ اجتماعي، وكان صاحب بصمات التأسيس الأولى للمركز الأستاذ جمال غيطاس، الذي رسم ملامحه ووضع أهدافه، وصممه ليحقق هذه الأهداف كاملة، بالتعاون مع نقيب الصحفيين وقتها الذي سعى لوضع لبناته في وقت قياسي، لتبدأ الخطوات الأولى للتنفيذ، وبناء هذا الصرح في نهاية عهد مجلس (2015م – 2017م)، وهو ما وثقته المراسلات ومستندات الإعداد للمشروع، وكذلك تم توثيقه في كلمة النقيب يحيى قلاش في تقرير النقابة لعام 2017م، معلنًا بداية العمل الفعلي لإنشاء نادٍ اجتماعي ومركز للتدريب على كامل مساحة الدورين السادس والسابع.
تطوير الاستوديوهات
ثم جاء الأستاذ عبد المحسن سلامة ومجلس النقابة في 2017م، ليستكمل مسيرة البناء والتطوير، وبعد أن تم الاستغناء عن مشروع النادي الاجتماعي واستبداله بتطوير الكافيتريا في الدور الثامن، تم استكمال بناء المركز ليخرج في أبهى صوره، وليتم افتتاحه خلال دورة المجلس بحضوره وممثلين عن مجلس النقابة، ولكن جاءت الظروف والأحداث بما لا تشتهي سفن البناء، لأسباب متفاوتة نتيجة تجمد العمل داخل المبنى لتتجمد غالبية أنشطة المركز لسنوات، فجاء المجلس الحالي ليكمل ما بدأه سابقوه، ويصلح ما أفسده الدهر والتوقف، وتم ذلك كله من خلال لجنة التدريب، وبالاستعانة بواضع لبناته الأولى جمال غيطاس، فأعاد له رونقه، واستعاد وظيفته كاملة، فتم إحياء الأستوديوهات بعد إغلاقها لسنوات، وتم استعادة كل أنشطته، وأعقب ذلك عقد بروتوكولات تعاون مع جهات مختلفة ليعود العمل من جديد، كما كان مستهدفًا له كواحد من منصات التدريب المهمة، وإضافة لدوره المهني، الذي نسعى لتعظيمه أصبح المركز للمرة الأولى في تاريخ النقابة، مصدرًا للعوائد بعد أن تجاوز كل نفقات إعادة تشغيله وإحيائه.
شكراً.. قلاش
فشكرًا للأستاذ يحيى قلاش ومجلس النقابة في عهده، الذي وضع البذرة وبدأ البناء، وشكرًا للأستاذ عبد المحسن سلامة ومجلس النقابة في عهده على إتمام المسيرة وخروج المركز للنور، وشكرًا لكل مَن عاون في استعادة هذا المكان، واستعادة دوره وروحه وحيويته في المجلس الحالي، شكرًا لكم جميعًا.
واختتم البلشي كلمته إلى الجمعية العمةمية مردفاً: زميلاتي وزملائي وأساتذتي، إن هذا التعاون، وهذا التكامل بين المجالس، هو النموذج الذي أخترنا أن نحتذيه في كل خطواتنا، متجاوزين مراحل الشد والجذب، فاستدعينا جميع أطراف المهنة في كل تفاصيلنا، وفي سعينا لاستعادة قوتها الناعمة، لا نفرق بين فريق وآخر، وكان الهدف أن يتم فتح الأبواب للجميع، وحاولنا ذلك من خلال المؤتمر العام السادس للصحفيين، الذي اعتبرناه فرصتنا جميعًا لنتحد على كلمة واحدة ورؤية متكاملة تعبر عنا جميعًا، بمختلف تنوعاتنا لا نفرق بين رؤية وأخرى، ولا بين فريق وفريق، وكان هدفنا وضع خارطة مستقبل يليق بهذه المهنة وبالأجيال القادمة نصنعه معًا مهما كانت حدة اختلافات الرؤى، فهذه نقابتنا جميعًا، وليست نقابة فريق دون آخر، وليست نقابة مجموعة دون الأخرى.
ملفات الحبس
لقد حاولنا في ملفات الحبس، فحققنا بعض النجاحات في البداية ليخرج ما يقرب من 11 زميلًا من غياهب الحبس، ويتم إغلاق الباب الدوار لدخول محبوسين جدد لأكثر من عام كامل، واعتبرنا ذلك تعبيرًا عن إرادة سياسية لإنهاء هذا الملف المؤلم لنا جميعًا، لكن مع بدايات العام الثاني في عمر المجلس عاد الباب ليدور بشكل عكسي لإدخال محبوسين جدد، وبعد أن تراجع عدد المحبوسين من الصحفيين من 30 زميلًا إلى 19 زميلًا، ارتفع العدد مرة أخرى ليصل إلى 24 زميلًا محبوسًا في انتكاسة لكل هذه الجهود، خاصة أن 15 زميلًا من بين المحبوسين تجاوزت فترات حبسهم الاحتياطي عامين كاملين، وبعضهم استطالت فترات حبسه الاحتياطي لتصل إلى خمس سنوات، ويكفي تطبيق القانون الحالي ومراجعة أوضاعهم لإطلاق سراحهم فورًا، لكن مع نهاية العام عاد الأمل من جديد، مع حكم ببراءة الزميل حسن القباني من حكم غيابي بالمؤبد، وكذلك مع انهاء قضية اثنين من الزملاء ضمن المعفو عنهم من أهالي سيناء.
وسيبقى حلمنا الدائم أن يأتي اليوم الذي يكون الجميع حاضرًا معنا نتشارك العمل النقابي، وحلم استعادة مهنتنا دون غياب اضطراري لسبب من الأسباب، حبسًا أو هجرةً غير طوعية، أو تهمشيًا بسبب الأوضاع المهنية والاقتصادية.
وأنهى حديثه لزملائه وزميلاته موضحاً أن الأمر أشمل من قضية الحبس، فمنذ اللحظة الأولى ونحن ندرك أننا أمام مهنة ذات طابع خاص، مهنة لا تعيش ولا تتقدم وتبدع إلا بالحرية، وأن هذه الحرية لن تكتمل إلا بمجال عام حر يسهم في تعزيز هذا الحق، وأن أحد السبل اللازمة لذلك ضرورة تطوير البيئة التشريعية الحامية للصحافة وحريتها عبر إصدار القوانين، التي تحمي الصحفيين وتضمن حقوقهم. ومن هذا المنطلق واتساقًا مع مواد الدستور المصري، فإننا طورنا عبر نقاشات واسعة مشروع قانون منع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية، الذي تم إعداده من خلال اللجنة الوطنية لإعداد التشريعات الصحفية والإعلامية، وتم وضع اللمسات النهائية للمشروع خلال الجلسات التحضيرية للمؤتمر العام ومعه حزمة من القوانين بذل الزميل محمد بصل جهدا كبيرا في العمل عليها، ليتم تبنيه من المؤتمر، كما تم إعداد مشروع كامل لحرية تداول المعلومات، لتعزيز الشفافية، فالنافذة المفتوحة على المعلومات تعتبر حقًا من حقوق المواطنين، ويجب أن تكون القوانين مستندة إلى تعزيز هذا الحق، وليس تقييده. كما تم رفع العديد من التعديلات التشريعية على القوانين الحاكمة للصحافة والإعلام، التي جاءت بعض نصوصها لتقيد العمل الصحفي إدراكًا منا أن صوت الصحافة يمثل صوت المواطن، ولا ينبغي لأي قيود تشريعية أن تعيق هذا الصوت.
فشكرا للامانة العامة للمؤتمر العام السادس ولجانه التحضيرية ولكل الزملاء الذين شاركوا في جلساته، وساهموا في الاعداد له.
أساتذتي وزملائي الأعزاء
ومثلما عملنا على ملفات حرية الصحافة وتطوير بنيتها التشريعية، فإننا سعينا أيضًا لفتح كل ملفات المهنة، فذهبنا إلى كل الأطراف، ولم نترك بابًا مفتوحًا أو منصة لقول كلمتنا إلا وطرقناها، وجعلنا عمادنا هو التفاوض والتعاون مع كل الأطراف، ومثلما حققنا بعض النجاحات في ملفات الحبس والحجب في البداية، سعينا بكل قوة وبالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، وعلى رأسها الهيئة الوطنية للصحافة، برئاسة المهندس عبد الصادق الشوربجي لإطلاق خطة لإحياء المؤسسات القومية واستعادة شبابها، كان على رأس ما تم بها وضع خطة لتعيين المؤقتين وبدأت خطوات تنفيذها الفعلي وصارت على مشارف الاكتمال بجهود الهيئة الوطنية للصحافة، وتعاون مستمر مع نقابة الصحفيين.
الزملاء الأعزاء
لقد كان إدراكنا منذ البداية أن الطريق للبناء الجديد أو لتصحيح الأوضاع هو الإحاطة بحجم أزمتنا وإدراك جميع أبعادها، فعملنا على توصيف حالنا عبر تواصل مستمر مع كل الأطراف وعبر أبواب مفتوحة لجميع الزملاء، كانت طريقنا لإدراك عمق الأزمة، التي وصلنا إليها، ربما يدرك جميعنا أسباب الأزمة ومسبباتها وتوصيفها، لكن ما رأيناه عبر الأبواب المفتوحة على أنات الزملاء كان أعمق، وكان علينا أن نطرح ونصيغ ذلك بطريقة علمية وعملية، فنفذنا استبيانًا هو الثاني في تاريخ النقابة شارك فيه 1568 زميلًا وزميلة، لقياس ما وصلنا له، وتوصيف أوضاعنا بشكل علمي، وكذلك طرح رؤية أصحاب الأزمة للحلول، فجاءت النتائج لتدق العديد من نواقيس الخطر، حرصنا على أن تصل دقاتها العنيفة لكل القائمين على هذه الصناعة، ولكل القائمين على الأمور بالدولة، ولكل الحريصين على مستقبلها، ورغم الواقع الصعب الذي كشف عنه الاستبيان إلا أنه في الوقت نفسه كشف اعتزاز الصحفيين بمهنتهم، وحرصهم على استعادتها والإمساك بتلابيب تطويرها، وهو ما يؤكد أن الحلم لم يفلت منا، وأن أبناء هذه المهنة ما زالوا يحلمون، وما زالوا يضعون التصورات لإنقاذها.
ورغم جهود زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا، التي أسفرت عن زيادته مرتين بواقع 900 جنيه، خلال الدورة الحالية، إلا أن نتائج الاستبيان جاءت لتعزز المطالب الخاصة بالجماعة الصحفية بضرورة زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بصورة دورية دون ربطه بانتخابات النقابة، وهو المطلب الذي رفعه مجلس النقابة للحكومة مطالبًا بزيادة 30 % تناسب حجم التضخم، وجاء رد مجلس الوزراء الذي وصل للنقابة في خطاب رسمي موجهًا لوزارة المالية، بدراسة طلب النقابة، الذي أكدنا ضرورة تضمينه ضمن الحزمة الاجتماعية، التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، وبدأت الحكومة في وضع الإجراءات التنفيذية لها.
مشددين على أن زيادة البدل هو أحد الوسائل للعبور من الأزمة الحالية للمهنة، وتعزيز دورها لحين إصلاح البنيان المؤسسي للمهنة، خاصة أن جانبًا كبيرًا من التدهور الذي لحق بالمهنة تتوزع مسئوليته على العديد من الأطراف، ويعود قطاع كبير منها إلى الظروف الاستثنائية التي مرت بنا جميعًا.
الزملاء الأعزاء
لقد أدركنا منذ البداية أن مطالب زيادة البدل لا يجب أن تشغلنا أبدًا عن بحث سبل إصلاح الأوضاع الاقتصادية وزيادة الأجور، فسعينا منذ البداية إلى رفع العقد النقابي من 1200 جنيه، الذي كان يقل عن نصف الحد الأدنى للأجور، المقر من الدولة وقتها، ليتناسب هذا العقد مع زيادات الحد الأدنى للأجور، التي وصلت لـ 7 آلاف جنيه، ولم نقف عند رفع قيمة العقد النقابي، بل اتخذنا خطوات على طريق تطبيقه ولو بشكل متدرج يتناسب مع أوضاع المؤسسات الصعبة، من خلال تفاوضات مع عددٍ من المؤسسات، وصلت في بعضها لتنظيم إضرابين ناجحين، وأسفرت هذه التفاوضات عن استجابة عددٍ منها لمطالب رفع الأجور وتعديلها سنفصلها كاملا في التقرير العام، كما أطلقنا حملة من أجل أجر عادل للصحفيين بهدف رفع الحد الأدنى لأجور الصحفيين لـ 8 آلاف جنيه، وإقرار بدلات للتغطيات الميدانية، ووضع لائحة أجور عادلة تتضمن زيادات تدريجية تتناسب مع مدة عمل الزملاء.
ومثلما حاولنا في ملف الأجور، حاولنا في ملف البطالة وزيادة معدلاتها في صفوف الصحفيين، وتم مخاطبة الجهات المختلفة بشأن حلها، ووصلنا إلى اتفاقات لاستيعاب عددٍ من المتعطلين ضمن المؤسسات القائمة تعثر بعضها لأسباب تتعلق بأوضاع المؤسسات، لكننا سنبقى حريصين على استكمالها، بخلاف انتظام صرف بدلي البطالة والإعاقة لحين حل المشكلة، الذي ساعدنا على انتظامه زيادة الدعم الذي حصلت عليه النقابة من 75 الفا سنويا مع بداية الدورة الحالية ليصل إلى 100 الف جنيه ثم 105 الفا، بخلاف تبرعات ودعم من جهات مختلفة وصلت لأكثر من 3 ملايين جنيه، ساهمت في زيادة قيمة جائزة التفوق الصحفي من 15 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه بخلاف الانفاق على جوائز القرآن والأم المثالية، وأكثر من 6 ملايين جنيه دعم مباشر لعلاج حالات حرجة للزملاء، كما سعينا لتعظيم الموارد المباشرة للنقابة من خلال إعادة استغلال القاعات وإيجار مركز التدريب وسيشكل استكمال المدينة السكنية مصدرا كبيرا ومستمرا للدخل من خلال استغلال الجزء التجاري مما سيسهم في تعظيم العائد على الزملاء، حتى يتم استكمال مشروع قانون زيادة موارد النقابة الذي كان أحد مقرارات المؤتمر العام ورفعه للحكومة.
زميلاتي وزملائي
لقد حاولنا قدر إمكاننا عبر أبواب مفتوحة للجميع، وعقول منفتحة على كل الآراء، وطرقنا كل السبل لحل مشاكلنا في خطوط متوازية، ربما نجحنا في بعض خططنا، وربما أخفقنا في بعضها، ولكننا خطونا خطوات على طريق نراه طويلًا، وسيظل على مجالس النقابة استكمال هذا البناء وصولًا لاستعادة المهنة كصوت للناس، وسلطة رابعة تناقش وتحذر، وتكشف مكامن الخطر في المجتمع لتضيء الطريق للمستقبل.