خاص| مع بداية انفراجها.. أزمة أسطوانات البوتاجاز في الشتاء بين الضغط الموسمي واستغلال الأسواق

الثلاثاء 28 يناير 2025 | 05:43 صباحاً
كتب : علام عشري

أزمة أسطوانات البوتاجاز في فصل الشتاء تُعد مشهدًا متكررًا يحمل في طياته تناقضات واضحة بين التحديات والمجهودات المبذولة، فمع برودة الطقس واعتماد الأسر على البوتاجاز للتدفئة والطهي، إضافة إلى مزارع الدواجن التي تعتمد عليه في التدفئة خلال دوراتها الإنتاجية، يشهد الطلب على الأسطوانات ارتفاعًا موسميًا حادًا يضغط على الأسواق بشكل ملحوظ.

وتكشف الأزمة عن نقاط ضعف، منها محاولات بعض الباعة الجائلين استغلال زيادة الطلب لرفع الأسعار بشكل غير رسمي، وهو ما يضعف الثقة في استقرار السوق، وبينما تفرض أجهزة الرقابة التموينية إجراءات صارمة على المستودعات لضمان عدالة التوزيع، تبقى الممارسات الاستغلالية من قِبل بعض الأطراف تحديًا يحتاج إلى حزم أكبر لمنع الاحتكار والتلاعب.

ورغم تطمينات المسؤولين بعدم وجود نية لرفع الأسعار، يظل المواطن في حالة قلق مستمرة تدفعه أحيانًا إلى شراء كميات أكثر من احتياجاته الفعلية خوفًا من تفاقم الأزمة، مما يزيد من حدة المشكلة، هذه الأزمة، ورغم كونها موسمية بطبيعتها، تطرح تساؤلات مهمة حول مدى كفاية التدابير الحالية، وهل يمكن تطوير حلول أكثر استدامة لضمان استقرار السوق وتخفيف العبء عن المواطنين على المدى الطويل؟

سامح التوني: الحكومة تستجيب لزيادة الطلب على البوتاجاز في الشتاء

أكد سامح التوني، وكيل وزارة التموين، في تصريحات خاصة ل"بلدنا اليوم" أن فصل الشتاء يشهد زيادة ملحوظة في استهلاك أسطوانات البوتاجاز بسبب ارتفاع احتياجات المواطنين من ناحية، واعتماد مزارع الدواجن على أنظمة التدفئة من ناحية أخرى، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على أسطوانات الغاز في الأسواق، موضحًا أن الحكومة استجابت سريعاً لهذه الزيادة الموسمية في الطلب عبر رفع حجم الدعم المخصص للمحافظات، بهدف تغطية الفجوة الناتجة عن الاستهلاك المرتفع وضمان توفير الغاز للمستهلكين.

وأشار إلى أن أزمة النقص الأخيرة التي شهدتها بعض المناطق تُعد أزمة وقتية بسيطة، وبدأت بالفعل في الانفراج مع عودة التوزيع إلى مستوياته الطبيعية، كما شدد التوني على أن هذه الأزمة لم تكن مفتعلة من قبل أصحاب المستودعات، مما يعكس حرص الدولة على دعم استقرار الأسواق وتلبية احتياجات المواطنين.

واختتم وكيل وزارة التموين تصريحه بالتأكيد على أن الحكومة تعمل بشكل دائم على متابعة أسواق الغاز وضمان توفيره بكميات كافية خلال الفترات التي تشهد ارتفاعاً في الطلب، داعياً المواطنين إلى عدم القلق بشأن توفير الاحتياجات الأساسية في الفترة القادمة.

عبد المجيد الأشقر: أزمة البوتاجاز موسمية ولا نية لرفع الأسعار

وفي هذا الإطار، أوضح عبد المجيد الأشقر، في تصريحه ل"بلدنا اليوم" وكيل لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ، أن هذه الأزمة متوقعة خلال هذه الفترة من كل عام نتيجة لزيادة معدلات الاستهلاك، خاصة مع برودة الطقس واعتماد الكثير من المواطنين على البوتاجاز في التدفئة والطهي، مشيرًا إلى أن أحد العوامل الرئيسية وراء هذه الزيادة في الطلب هو استهلاك مزارع الدواجن التي تستعد لتجهيز دورات إنتاجية جديدة مع اقتراب شهر رمضان، حيث يعتمد معظم هذه المزارع على البوتاجاز كمصدر رئيسي للطاقة، وأكد أن الأزمة موسمية بطبيعتها وسرعان ما يتم تجاوزها مع استقرار عمليات التوزيع.

ونفى الأشقر وجود أي نية لرفع أسعار أسطوانات البوتاجاز، موضحًا أن السعر الرسمي تحدده وزارة البترول وفق معايير دقيقة، وأن هناك توجيهات رئاسية واضحة من الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم رفع أسعار السلع الأساسية، خاصة تلك التي تمس احتياجات المواطنين اليومية، موضحًا أن سعر الأسطوانة للمستهلك في المستودعات يبلغ 150 جنيهًا، بينما تصل تكلفتها الفعلية إلى 350 جنيهًا، مما يعني أن الدولة تتحمل دعمًا كبيرًا لتخفيف الأعباء عن المواطنين.

وأكد الأشقر أن هناك رقابة تموينية صارمة على المستودعات لمنع أي محاولات لاحتكار الأسطوانات أو التلاعب بالأسعار، وأوضح أن الارتفاعات غير الرسمية التي تحدث أحيانًا من قبل بعض الباعة الجائلين (السريحة) تعود إلى استغلال زيادة الطلب في بعض المناطق، ومع ذلك، أشار إلى أن أجهزة الرقابة التموينية تتعامل بحزم مع هذه المخالفات وتعمل على ضبط السوق ومنع أي ممارسات احتكارية.

وأضاف وكيل لجنة الطاقة أن الدولة تعمل على تلبية الطلب المتزايد عبر تعزيز المخزون الاستراتيجي وتوزيع كميات إضافية في المناطق الأكثر احتياجًا، داعيًا المواطنين إلى الثقة في الإجراءات الحكومية وعدم الانسياق وراء الشائعات، وشراء ما يلزمهم فقط من الأسطوانات وليس السعي الى شراء أعداد أكثر من الأسطوانات خوفا من الأزمة لأن هذا ما يجعلها تزيد، كما شدد على ضرورة الإبلاغ عن أي مخالفات أو ممارسات استغلالية لضمان الاستقرار في السوق وحصول الجميع على احتياجاتهم بسهولة.

وتحدث نشأت السيد، صاحب أحد مستودعات البوتاجاز، عن طبيعة هذه الأزمة وأسبابها، موضحًا أن الزيادة في الطلب خلال هذا الوقت من كل عام أمر معتاد، نتيجة للاستهلاك المرتفع من قبل الأسر، مؤكدًا أن حصص المستودعات لا تتناقص خلال الأزمة، بل يتم صرف كميات إضافية أحيانًا من قبل الجهات المسؤولة، لضمان تلبية الفجوة الناتجة عن الاستهلاك الزائد، مشيرًا إلى أن المستودع يحرص على التوزيع العادل للأسطوانات لضمان وصولها إلى جميع المواطنين.

وعن تعامل المستودعات مع الباعة الجائلين المعروفين بـ"السريحة"، أوضح السيد أن المستودع يوزع لهم جزءًا من الحصص بنفس السعر الرسمي المخصص للجمهور، مشيرًا إلى أن هؤلاء الباعة يتعاونون مع المستودع في جميع الأوقات، وليس فقط في أوقات الأزمات، مؤكدًا أن الزيادات في أسعار الأسطوانات التي يفرضها بعض السريحة تعود إلى طمع وجشع البعض منهم، وليس نتيجة لسياسة المستودعات، أون المستودع يحرص على مراقبة الكميات التي تُصرف للسريحة، لضمان التوازن وعدم استغلال الأزمة لاحتكار الأسطوانات أو التلاعب بالأسعار.

اقرأ أيضا