بعد موافقة مجلس النواب على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بقبول منحة قدرها مليونيّ دولار من بنك التنمية الأفريقي، توجهت الأنظار نحو مشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، المعروف باسم مشروع VICMED، الذي يعد من المبادرات الطموحة والواعدة لتعزيز التجارة والتنمية في القارة الأفريقية، حيث تمثل هذه المنحة جزءًا من جهود مصر المتواصلة لتحقيق التكامل الاقتصادي والتعاون الإقليمي بين دول القارة، وتسعى من خلالها إلى تطوير المرحلة الثانية من دراسات المشروع التي تهدف إلى تحديد الجوانب الفنية والاقتصادية لهذا الربط الاستراتيجي، لا سيما أن مشروع VICMED يمثل خطوة هامة نحو تحويل أفريقيا إلى مركز اقتصادي متكامل، من خلال إنشاء «شريان حيوي» يربط بين قلب القارة الأفريقية وساحل البحر المتوسط.
مشروع VICMED ليس مجرد مبادرة تجارية عابرة، بل هو رؤية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تسهيل حركة البضائع والخدمات بين دول حوض النيل والدول المطلة على البحر المتوسط، مما سيؤدي إلى تعزيز التجارة البينية وتقليل تكاليف النقل، فضلاً عن تطوير البنية التحتية في المنطقة، وفقًا لما أعلنت عنه وزارة النقل بقيادة الفريق مهندس كامل الوزير، ويُعتبر مشروع VICMED مشروعًا ضخمًا يتطلب استثمارات هائلة تتجاوز المليارات من الدولارات، وذلك لتطوير القنوات المائية، وإنشاء الموانئ، وتحديث السكك الحديدية والطرق المرتبطة به، لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يمكن تنفيذ هذا المشروع الطموح على أرض الواقع؟ أم أنه سيبقى مجرد حلم يُطرح على طاولات الاجتماعات الدورية بين القادة الأفارقة دون أن يُترجم إلى خطوات فعلية؟.
توقعات مستقبلية وتحديات سياسية
وتعقيبًا على ذلك، قال الدكتور محمد هارون، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب ”المصريين“، إن مشروع VICMED رغم طموحه، يواجه أيضًا تحديات سياسية كبيرة، فالتنسيق بين دول حوض النيل التي تختلف في مصالحها وسياساتها قد يكون عائقًا إضافيًا أمام تحقيق هذا الحلم، إضافةً إلى ذلك، فإن تأثير هذا المشروع على حقوق المياه وتوزيع الموارد المائية بين هذه الدول قد يثير جدلاً واسعًا، ورغمًا عن ذلك، يبدو أن مشروع VICMED للربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يمثل فكرة طموحة تحمل في طياتها الكثير من الفرص لتعزيز التجارة والتنمية في أفريقيا، ورغم التحديات الفنية والجغرافية والسياسية التي تواجه هذا المشروع وتجعل من تحقيقه على أرض الواقع مهمة صعبة ومعقدة، إلا أن تطوير الحلول البديلة والابتكارات الهندسية قد يمهد الطريق لتحقيق هذه الرؤية، إذا توفرت الإرادة السياسية لجميع الدول والتمويل اللازم.
وتابع ”هارون“ حديثه لـ «بلدنا اليوم» قائلًا: مشروع VICMED يحمل أهمية استراتيجية بالغة فيما يتعلق بحماية الأمن القومي المصري، فمن خلال تعزيز الروابط مع دول حوض النيل، تتمكن مصر من تأمين مصادر مياهها ودعم موقفها في القضايا المتعلقة بحوض النيل، وخاصة فيما يتعلق بمفاوضات المياه وتقاسم الموارد المائية، فضلًا أن تقوية العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول يسهم في خلق شبكة من المصالح المشتركة التي تساهم في استقرار المنطقة وتجنب الصراعات المائية المحتملة، إلى جانب ذلك يعكس مشروع VICMED رؤية مصر الاستراتيجية لتعزيز التعاون مع الدول الإفريقية، وخاصة دول حوض النيل، فمن خلال هذا الممر الملاحي، تسعى مصر إلى تقوية الروابط الاقتصادية والتجارية مع هذه الدول، مما يعزز من دورها كشريك رئيسي في عملية التنمية الإفريقية.
جسر للتعاون والتنمية في القارة
واختتم: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، المعروف باسم VICMED يمثل نقلة نوعية في استراتيجية مصر لتعزيز مكانتها الجيوسياسية والاقتصادية في القارة الإفريقية وحماية أمنها القومي، لا سيما أن المشروع يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول حوض النيل وتحقيق التنمية المستدامة، مما يسهم بشكل مباشر في حماية المصالح المصرية ويدعم دورها الإقليمي والدولي، وتطوير هذا الممر الملاحي سيساعد في تخفيف تكاليف النقل وتسهيل حركة البضائع والسلع، مما يفتح آفاقًا جديدة للتجارة ويعزز من التكامل الاقتصادي بين دول القارة، بالإضافة إلى أنه يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية مصر في بناء شراكة استراتيجية مع إفريقيا وتعزيز دورها كجسر للتعاون والتنمية في القارة، بما يخدم المصالح الوطنية ويحقق أهداف الأمن القومي.