تشهد العمالة المصرية حضورًا قويًا في الأسواق العالمية، حيث يقدر عدد المصريين العاملين بالخارج بأكثر من 5 ملايين عامل، يعملون في مختلف القطاعات الحيوية، بدءًا من البناء والتشييد وصولًا إلى التكنولوجيا والخدمات، ويأتي هذا الانتشار الواسع للعمالة المصرية في إطار جهود الحكومة لتصدير الكوادر الفنية المدربة والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تحويلات العاملين بالخارج، التي تشكل أحد مصادر الدخل الرئيسية للبلاد، وتسعى الدولة المصرية إلى زيادة عدد الكوادر الفنية المدربة لتلبية الطلب المتزايد على العمالة الماهرة في الأسواق الخارجية، ووفقًا للخطط الحكومية، تهدف مصر إلى تصدير ما يقرب من 500 ألف فني مؤهل ومدرب سنويًا، وهو ما يعزز من مكانة العامل المصري في الخارج ويعكس التزام الدولة بتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني.
احتياجات السوق الأوروبي
ومن خلال هذه الجهود، تسعى مصر إلى تلبية احتياجات الدول التي تشهد نقصًا في العمالة الفنية المتخصصة، خاصة في منطقة الخليج وأوروبا، وفي إطار هذه الاستراتيجية، أطلقت الدولة المصرية وحدة متخصصة لضمان توظيف عادل وحماية حقوق العمالة المصرية في الخارج، وهذه الوحدة تهدف إلى مكافحة ظاهرة استغلال العمالة، وتقديم الحماية القانونية والمشورة اللازمة للعاملين المصريين خارج البلاد، وتأتي هذه الخطوة في وقت حاسم لضمان حقوق العمال المصريين، حيث يتعرض بعضهم لانتهاكات في بعض البلدان نتيجة عدم وجود آليات حماية فعالة، وتعكس هذه الجهود رؤية شاملة من الحكومة المصرية لتعزيز مكانة العمالة المصرية عالميًا، من خلال تقديم كوادر فنية ذات كفاءة عالية ومؤهلة بأحدث المهارات والتقنيات، هذا بالإضافة إلى تأمين بيئة عمل عادلة ومحمية قانونيًا، مما يسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للعمال وأسرهم، وكذلك دعم الاقتصاد المصري من خلال زيادة التحويلات المالية الواردة من الخارج.
الفوائد الدبلوماسية لتصدير العمالة المصرية
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد هارون، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب ”المصريين“، إن تصدير العمالة يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والدول المستقبلة للعمالة، إذ تمثل العمالة المصرية جسرًا للتعاون بين الدول، وتعزز من الروابط الاقتصادية والثقافية، كما أن وجود العمالة المصرية في العديد من دول العالم يعكس صورة إيجابية عن مصر وقدرتها على تأهيل كوادر مهنية على مستوى عالٍ، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات أخرى مثل الاستثمار والتعليم، مشيرًا إلى الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الأحزاب السياسية في دعم جهود الدولة لتصدير العمالة المصرية للخارج، فالأحزاب ليست فقط مؤسسات تعمل على تقديم رؤى سياسية واقتصادية، بل يمكن أن تكون شريكًا فاعلًا في إعداد وتوعية الكوادر المصرية وتقديم الدعم اللازم لتأهيلهم للعمل في الأسواق العالمية.
التحديات ودور الأحزاب في مواجهتها
وأضاف ”هارون“ في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن الأحزاب وفي المقدمة حزب ”المصريين“ تقوم بتنظيم حملات توعوية حول أهمية التدريب المهني والتعليم الفني، بالإضافة إلى تعزيز الوعي حول حقوق العمال المصريين في الخارج وحمايتهم من الاستغلال، هذا إلى جانب دورها في فتح قنوات تواصل مع الأحزاب السياسية في الدول الأخرى لتوطيد العلاقات وتسهيل تبادل العمالة بين الدول، لافتًا إلى أن رغم الفوائد الكبيرة لتصدير العمالة المصرية، إلا أن هناك تحديات تواجه هذه العملية، ومن أبرز هذه التحديات هو ضمان حماية حقوق العمال المصريين في الخارج وتوفير بيئة عمل مناسبة لهم، وهنا يأتي دور الأحزاب السياسية في دعم جهود الحكومة من خلال الضغط على المؤسسات الدولية لضمان حقوق العمال، والمساهمة في صياغة تشريعات جديدة تعزز من حقوق العمال المصريين في الخارج.