تسعى الحكومة لاستئناف برنامج طروحات الشركات الحكومية خلال السنة المالية الحالية 2024 / 2025، وذلك ضمن خطط الدولة لتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني، ويستهدف البرنامج جمع نحو 2.5 مليار دولار من خلال التخارج من عدد من الصناعات والقطاعات الاقتصادية، مما يعزز من مرونة الاقتصاد ويسهم في تحسين الأداء المالي للشركات المطروحة، ولا يخفى على أحد ما يحدث في الاقتصاد المصري من تحولات جوهرية تحمل في طياتها آفاقًا واعدة لتعزيز النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعميق أسواق المال، وتنويع مصادر التمويل.
أهمية برنامج الطروحات الحكومية
يعتبر برنامج الطروحات الحكومية أحد الركائز الأساسية لسياسة الحكومة المصرية في تعزيز النمو الاقتصادي وتطوير البنية التحتية للأسواق المالية، وتهدف هذه الطروحات إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتوفير التمويل اللازم للشركات لتحديث أنشطتها وتوسيع أعمالها، فضلاً عن تحسين مستوى الشفافية والكفاءة في إدارة هذه الشركات، وعن طريق التخارج التدريجي من بعض القطاعات، تسعى الدولة إلى إعادة توجيه دورها في الاقتصاد من مشغل إلى منظم ومراقب، مما يتيح للقطاع الخاص فرصة أكبر للمشاركة والمساهمة في التنمية الاقتصادية، كما أن هذه الطروحات تسهم في تخفيف العبء المالي على الدولة، حيث يمكن استخدام حصيلة الطروحات في دعم الموازنة العامة وتمويل مشاريع التنمية.
وقال أحمد كجوك وزير المالية، إن الدولة تسعى لجمع ما بين ملياريّ دولار إلى 2.5 مليار دولار من استئناف برنامج طروحات الشركات الحكومية خلال السنة المالية الحالية 2024-2025، موضحًا أن الحكومة تستهدف عبر برنامج الطروحات التخارج من 7 قطاعات، بما في ذلك الصناعات الدوائية والكيماوية والتشييد والبناء، وخفض استثماراتها في 7 قطاعات منها محطات الكهرباء، وإتاحة الفرص للقطاع الخاص للاستثمار في 4 قطاعات، لافتًا إلى أن مصر جمعت ما يصل إلى 3.1 مليار دولار من الطروحات الحكومية منذ مارس 2023 وحتى الآن، وسبقها 2.5 مليار دولار عبر التخارج من أصول حكومية في 2022، مشيرًا إلى أن الحكومة استخدمت آلية السحب على المكشوف من البنك المركزي المصري قبل صفقة رأس الحكمة بأيام قليلة لأننا كنا على علم بقرب إتمام الصفقة، وذلك بهدف تدبير سيولة قصيرة الأجل وقتها.
إصدار سندات خضراء وصكوك بالجنيه
وأضاف كجوك، خلال تصريحات صحفية، أن وزارة المالية تدرس إصدار سندات خضراء وصكوك في السوق المحلية بالجنيه المصري لتمويل عجز الموازنة الكلي، لكنه لم يخض في أسباب اللجوء للأسواق المحلية عوضًا عن العالمية لتمويل عجز الميزانية، موضحًا أن مصر كانت أصدرت أول سندات خضراء سيادية بالمنطقة بقيمة 750 مليون دولار في سبتمبر 2020، وبلغت تغطية الطرح حينها نحو 5 أضعاف المبلغ المطلوب، كما أصدرت في فبراير 2023 صكوكًا سيادية، هي الأولى في تاريخها، بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل 3 سنوات، مشيرًا إلى أن مصر تأثرت بالفعل كاقتصاد ناشئ بالأوضاع العالمية الحالية، ونتمنى أن تكون أوضاعًا مؤقتة، موضحًا أن الدولة تتطلع إلى الاستفادة من تراجع أسعار السلع العالمية حاليًا.
تعزيز الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية
ومن ناحيته، أعرب المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب ”المصريين“، ورئيس اللجنة الاقتصادية بتحالف الأحزاب المصرية، عن تأييده لقرار الحكومة باستئناف برنامج طروحات الشركات الحكومية خلال السنة المالية 2024/2025، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل تطورًا مهمًا في تعزيز الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية، ويأتي برنامج الطروحات في إطار استراتيجية الحكومة للتخارج من بعض الصناعات وتوجيه العائدات نحو القطاعات ذات الأولوية، بما يسهم في دعم الاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية للشركات المصرية في الأسواق المحلية والدولية.
وأوضح ”أبو العطا“ في تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن استئناف برنامج طروحات الشركات الحكومية يُعد خطوة محورية تهدف إلى تحسين كفاءة الاقتصاد المصري عبر تقليل الدور الحكومي في إدارة الشركات الصناعية والخدمية، مشيرًا إلى أن تخارج الدولة من عدد من الشركات يمثل توجهًا نحو تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الاقتصاد، مما يفتح المجال أمام ضخ استثمارات جديدة وتحسين الأداء التشغيلي لهذه الشركات، مشيرًا إلى أن الطروحات ستسهم في توفير سيولة مالية يمكن استخدامها في تطوير البنية التحتية ودعم المشروعات القومية الكبرى، الأمر الذي يساعد على خلق فرص عمل جديدة وتنشيط الحركة الاقتصادية، كما ستساهم الطروحات في زيادة شفافية أداء الشركات المطروحة من خلال تداول أسهمها في البورصة، ما يعزز من قدرتها على جذب المستثمرين وتحقيق نمو مستدام.
وأكد رئيس اللجنة الاقتصادية بتحالف الأحزاب المصرية أن التخارج من بعض الصناعات لا يعني تراجع الدولة عن دورها الاقتصادي، بل يهدف إلى إعادة توجيه الموارد نحو القطاعات ذات الأولوية، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، لافتًا إلى أن التخارج سيمكن الحكومة من توجيه الجهود نحو تحسين كفاءة الإنفاق العام والاستثمار في المجالات الأكثر تأثيرًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورغم التأييد الواسع لهذه الخطوة فهناك بعض التحديات التي قد تواجه برنامج الطروحات، مثل ضرورة تحقيق توازن بين التخصيص الأمثل للموارد وضمان عدم تأثر القطاعات الحيوية التي تخدم المواطن بشكل مباشر، لذلك، من المهم أن يتم التخارج بطريقة مدروسة وبناءً على دراسات تفصيلية لتقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي.