”أبو العطا“: المشروع يحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز مجرد زيادة الرقعة الزراعية في مصر
”أبو الفتوح“: تنمية المناطق الحدودية تفتح المجال لتعاون أكبر مع هذه الدول في مجالات الزراعة والتجارة
في إطار رؤية مصر الاستراتيجية لتعزيز الأمن القومي وتحقيق التنمية المستدامة، بدأت الدولة في تنفيذ مشروع زراعي عملاق بالقرب من الحدود الغربية والجنوبية مع ليبيا والسودان، ويهدف المشروع إلى استصلاح وزراعة نحو 660 ألف فدان في المنطقة الكائنة بين واحة الداخلة وشرق العوينات، ليكون بمثابة حصن زراعي واقتصادي يعزز الاستقرار في تلك المناطق الحدودية، ولا يُعد هذا المشروع فقط خطوة هامة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، بل يحمل أيضًا بعدًا استراتيجيًا يتعلق بتأمين الحدود المصرية من خلال تعزيز الوجود السكاني والزراعي فيها، فضلًا أنه يمثل جزءًا من رؤية شاملة لتحويل مساحات واسعة من الأراضي الصحراوية إلى مساحات خضراء منتجة، وذلك من خلال استخدام أحدث تقنيات الزراعة والري.
زراعة محاصيل استراتيجية
ويركز المشروع على زراعة محاصيل استراتيجية ذات عائد اقتصادي مرتفع، مع استهداف توفير الأمن الغذائي للدولة وتقليل الاعتماد على الواردات الزراعية، كما يسهم المشروع في تحويل الرمال الصفراء القاحلة إلى واحات خضراء مزدهرة، مما يمثل قفزة نوعية في جهود مصر لتطوير المناطق النائية ودمجها في الاقتصاد الوطني، وبالإضافة إلى البعد الزراعي، يعزز المشروع الأمن القومي للبلاد على طول الحدود، من خلال خلق تجمعات سكانية جديدة تسهم في مراقبة وتأمين تلك المناطق الحساسة، كما يعزز من فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الحدودية، عبر توفير فرص عمل جديدة وتطوير البنية التحتية، ما يساهم في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين الذين سيسكنون هذه المناطق.
صور الأقمار الصناعية
ورصدت الأقمار الصناعية مؤخرًا صورًا تكشف عن بدء أعمال التجهيز للمشروع الزراعي العملاق في المنطقة الحدودية مع ليبيا والسودان، حيث كشفت الصور عن التحركات الأولية والبنية التحتية التي بدأت في التبلور، بما في ذلك تجهيز الأراضي، وبدء التمهيد لإنشاء محطات الري المتطورة، وشبكات الطرق التي ستمهد الطريق لتنفيذ هذا المشروع الضخم، وتعتمد هذه التحضيرات على أحدث التقنيات الزراعية والبيئية التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة البيئية، وتقليل استهلاك المياه في منطقة تُعد واحدة من أكثر المناطق الجافة في مصر، هذا وقد تم إسناد هذا المشروع الضخم إلى جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، وفقًا لحديث مصدر خاص لـ «بلدنا اليوم».
الطريق بين مصر وليبيا والسودان
وفي السياق عينه، أعلن اللواء خالد شعيب، محافظ مرسى مطروح، في وقت سابق من شهر أكتوبر الماضي عن انطلاق أعمال إنشاء مشروع طريق ليبيا الجديد، الذي يُعد بمثابة محور تنموي يصل بين واحة سيوة المصرية ومنطقة الكفرة الليبية بطول 200 كيلومتر، ويهدف إلى استصلاح وزراعة وتنمية مساحة تبلغ 600 ألف فدان، هذا إلى جانب الطريق الذي يربط مصر بالدولة الليبية، ويعرف باسم «سيوة – جغبوب»، ويمتد لمسافة 90 كم بعرض 24 م باتجاهين وحارتين مروريتين في كل اتجاه، وجزيرة وسطى بعرض 11 م، بدءًا من طريق «مرسي مطروح – سيوة» وصولًا إلى واحة ”جغبوب“ الليبية جنوب شرق سيوة، هذا إلى جانب طريق «توشكى - أرقين»الذي يبلغ طوله نحو 110 كم، وتأتي أهمية هذا الطريق في إطار خطة متكاملة لمضاعفة شرايين الربط البري وشبكة الطرق بين مصر والسودان، لتنشيط حركة التجارة، وتيسير سفر المواطنين من كلا البلدين.
أبعاد استراتيجية
وتعقيبًا على ذلك، قال المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب ”المصريين“، عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية، إن مشروع استصلاح وزراعة نحو 660 ألف فدان بالقرب من الحدود الغربية والجنوبية مع ليبيا والسودان يحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز مجرد زيادة الرقعة الزراعية في مصر، مؤكدًا أن المشروع يمثل خطوة هامة نحو تحقيق أهداف متعددة تتعلق بالأمن الغذائي، التنمية الاقتصادية، وتعزيز الأمن القومي المصري، مشيرًا إلى أن المشروع يساهم بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي لمصر، وهو أحد الأهداف الرئيسية للدولة في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالغذاء، فالزراعة على مساحة تقدر بنحو 660 ألف فدان يمكن أن تساهم في زراعة محاصيل استراتيجية كالقمح، والذرة، والمحاصيل الزيتية، التي تلعب دورًا محوريًا في تأمين احتياجات الدولة من الغذاء.
توسيع الرقعة الزراعية
وأضاف ”أبو العطا“ في تصريح خاص لـ «بلدنا اليوم» أن استصلاح هذه المساحة الشاسعة من الأراضي الصحراوية وتحويلها إلى أراضٍ زراعية يمثل نجاحًا حقيقيًا لرؤية الدولة في توسيع الرقعة الزراعية، لاسيما في مناطق كانت تُعد مهملة في السابق، مؤكدًا أن هذا التوسع سيساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي للدولة ويساعد على حماية الاقتصاد الوطني من تقلبات أسعار الغذاء العالمية، مشيرًا إلى أن توسيع الرقعة الزراعية على الحدود المصرية مع ليبيا والسودان لا يخدم فقط الزراعة والاقتصاد، بل يعزز أيضًا من استقرار الحدود المصرية.
إنشاء مجتمعات جديدة
وأوضح رئيس حزب ”المصريين“ أن تأمين الحدود يُعد أحد الأولويات الاستراتيجية للدولة المصرية، وأن زيادة الحضور السكاني والزراعي في تلك المناطق يساهم في مراقبتها وتأمينها ضد أي تهديدات محتملة، مشيرًا إلى أن تعزيز الأمن القومي لا يقتصر على الجوانب العسكرية فقط، بل يشمل أيضًا خلق بيئة تنموية مستدامة تدعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المناطق الحدودية، ومن خلال المشروع، يمكن إنشاء مجتمعات جديدة في المناطق النائية، مما يسهم في استقرار السكان وزيادة النشاط الاقتصادي، وهو ما يضيف طبقة جديدة من الحماية الأمنية لهذه المناطق.
التنمية المستدامة
ومن ناحيته، قال الدكتور جمال أبو الفتوح، وكيل لجنة الري والزراعة بمجلس الشيوخ، إن المشروع يمثل جزءًا من رؤية أوسع لتحقيق التنمية المستدامة في مصر، حيث يتماشى مع أهداف الدولة في تقليل الفجوة بين الريف والحضر، وتقديم الفرص الاقتصادية لمناطق كانت تعاني من الإهمال لعقود، مشيرًا إلى أن استصلاح هذه الأراضي سيسهم في توفير آلاف فرص العمل، ليس فقط في مجال الزراعة ولكن أيضًا في مجالات أخرى مثل النقل، والتصنيع الزراعي، والخدمات، موضحًا أن المشروع من المفترض أن يعتمد على تقنيات حديثة في الري والزراعة، مما يعكس اهتمام الدولة بتحقيق الاستدامة البيئية، فالاعتماد على تقنيات الري الحديثة يقلل من استهلاك المياه في منطقة تعاني من ندرة المياه، مما يضمن استدامة المشروع على المدى الطويل ويعزز من جهود الحفاظ على الموارد المائية.
الأثر الإيجابي على العلاقات الخارجية
وأضاف ”أبو الفتوح“ خلال تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن هذا المشروع سيساهم في تعزيز علاقات مصر مع دول الجوار، وخاصة ليبيا والسودان، فتنمية المناطق الحدودية قد تفتح المجال لتعاون أكبر مع هذه الدول في مجالات الزراعة والتجارة، ما يساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي ويعزز التعاون الاقتصادي، معربًا عن تفاؤله بمستقبل هذا المشروع ونجاحه في تحقيق أهدافه المتعددة، مؤكدًا أن الدولة المصرية تسير على الطريق الصحيح لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وأن مثل هذه المشروعات الكبرى ستسهم في تعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية كدولة رائدة في مجال التنمية والأمن.