تمثل الموانئ البحرية والجافة جزءًا حيويًا من البنية التحتية للنقل والتجارة في مصر، حيث تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد ودعم حركة الصادرات والواردات، ومع تزايد أهمية التجارة الدولية والاعتماد على النقل البحري كوسيلة أساسية لنقل البضائع والسلع، أطلقت مصر خطة شاملة تهدف إلى تطوير الموانئ البحرية وزيادة طاقتها الاستيعابية، مع التركيز على زيادة عدد الموانئ الجافة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للأسواق المحلية والدولية، وتهدف هذه الخطة الطموحة إلى تعزيز مكانة مصر كمركز لوجستي إقليمي وعالمي من خلال تحديث الموانئ البحرية وتحسين كفاءتها، بما يواكب المعايير الدولية ويعزز من القدرة التنافسية.
استراتيجية الدولة لتطوير قطاع النقل
وتأتي هذه الجهود ضمن استراتيجية الدولة لتطوير قطاع النقل وتحقيق التنمية المستدامة، عبر استثمار كبير في تحديث البنية التحتية وتوسيع القدرات التشغيلية للموانئ، ويشمل ذلك تحسين الخدمات اللوجستية، وتطوير نظم التشغيل والتكنولوجيا، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص، وتعد الموانئ البحرية البوابة الرئيسية لحركة التجارة في مصر، حيث تستقبل السفن من مختلف أنحاء العالم، وتتعامل مع كميات ضخمة من البضائع والحاويات، لذلك، يُعتبر تطوير هذه الموانئ أولوية استراتيجية لدعم الاقتصاد المصري وتعزيز مكانته على خريطة التجارة العالمية، ويتضمن التطوير تحديث البنية التحتية للموانئ، مثل الأرصفة والمخازن وأنظمة مناولة البضائع، بالإضافة إلى تحسين الكفاءة التشغيلية وتقليل أوقات الانتظار للسفن.
من ناحية أخرى، تُعد الموانئ الجافة عنصرًا تكميليًا هامًا، حيث تسهم في تخفيف الضغط عن الموانئ البحرية وتسهيل حركة البضائع داخل البلاد، وتقوم هذه الموانئ بتجميع وتخزين البضائع قبل توزيعها أو شحنها إلى الموانئ البحرية، مما يساهم في تسريع حركة النقل وتحسين كفاءة سلاسل الإمداد، ويشمل التطوير المخطط زيادة عدد هذه الموانئ، وتوسيع قدرتها الاستيعابية لتواكب الطلب المتزايد، خصوصًا في المناطق النائية والداخلية، وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، أهمها زيادة القدرة الاستيعابية للموانئ البحرية والجافة لتصل إلى مستويات تنافسية عالمية، ويُقدر أن هذه الجهود ستسهم في تحسين ترتيب الموانئ المصرية ضمن التصنيفات العالمية وزيادة حصتها من حركة التجارة الدولية، كما تهدف الخطة إلى جذب استثمارات جديدة من القطاع الخاص، سواء المحلي أو الأجنبي، للمساهمة في تطوير الموانئ وإدارتها بشكل أكثر كفاءة.
إلى جانب ذلك، تسعى الخطة إلى تعزيز دور الموانئ الجافة في تحسين كفاءة النقل الداخلي وتقليل تكاليف النقل، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الكلي، ويأتي هذا ضمن رؤية شاملة لتحسين جودة الخدمات اللوجستية وتسهيل حركة البضائع عبر الربط الفعال بين الموانئ البحرية والجافة وشبكات النقل البرية والجوية، ويتطلب تنفيذ هذه الخطة استثمارات ضخمة تُقدر بمليارات الجنيهات، موجهة نحو تحديث وتوسيع الموانئ البحرية وإنشاء موانئ جديدة، إلى جانب تطوير البنية التحتية للموانئ الجافة، وتشمل هذه الاستثمارات تحسين الأرصفة والمخازن، وتحديث أنظمة مناولة الحاويات، وتعزيز القدرات التكنولوجية والتشغيلية، بالإضافة إلى تحسين الخدمات اللوجستية المرتبطة بحركة البضائع، وتتضمن الخطة أيضًا تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشروعات وإدارة وتشغيل الموانئ عنصرًا أساسيًا في تحقيق الأهداف المنشودة.
الهدف الأساسي من تطوير الموانئ
وتعقيبًا على ذلك، قال الدكتور خالد مهدي، أمين لجنة الصناعة بحزب ”المصريين“، أن الهدف الأساسي من تطوير الموانئ البحرية والجافة هو تعزيز القدرة التنافسية لمصر كمركز لوجستي وتجاري عالمي، موضحًا أن مشروع التطوير يستهدف زيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ لتلبية الطلب المتزايد على حركة التجارة الدولية، خاصة في ظل النمو المستمر لحجم الصادرات والواردات، لافتًا إلى أن تحسين البنية التحتية للموانئ يساهم في تقليل تكاليف النقل والشحن، مما يعزز من قدرة مصر على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحسين ميزان المدفوعات.
التحديات التي تواجه تطوير الموانئ
وأشار ”مهدي“ خلال تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» إلى أن تطوير الموانئ الجافة يلعب دورًا حيويًا في تخفيف الضغط على الموانئ البحرية، ويساهم في تحسين كفاءة عمليات النقل والتخزين، مما ينعكس إيجابًا على سلسلة الإمداد والتوزيع، مؤكدًا أن الموانئ الجافة توفر حلولاً فعالة لتقليل الزحام والتكدس في الموانئ الساحلية، وتساعد في توفير مساحات إضافية للتخزين ومعالجة البضائع، مؤكدًا أن هناك عدة تحديات تواجه عملية تطوير الموانئ البحرية والجافة في مصر، ومن أبرز هذه التحديات هي الحاجة إلى توفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه المشروعات الضخمة، حيث تتطلب عمليات التطوير استثمارات كبيرة في البنية التحتية، مثل توسيع الأرصفة وتعميق القنوات وزيادة سعة التخزين.
الأنظمة الإدارية داخل الموانئ
وأضاف أمين لجنة الصناعة بحزب ”المصريين“ أن تطوير الموانئ يتطلب تعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين الأنظمة الإدارية داخل الموانئ، وهو ما يستلزم توفير برامج تدريب وتأهيل للعمالة الفنية والإدارية لضمان مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية في مجال النقل والشحن البحري، مؤكدًا على ضرورة تبني تقنيات حديثة مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة العمليات وتقليل وقت الانتظار للبضائع، لافتًا إلى أن هناك تحديات بيئية تواجه تطوير الموانئ، مثل ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي وتقليل الأثر البيئي للتوسع العمراني والعمليات التشغيلية في الموانئ، مما يتطلب تطبيق معايير بيئية صارمة وتبني تقنيات صديقة للبيئة.