فتش عن السبب.. الانتحار بقرص حفظ الغلال عرض مستمر في سوهاج

يستخدم المزارعين في مختلف مدن ومراكز وقرى سوهاج قرص حفظ الغلال السام كمادة فسفورية؛ لحماية الحبوب من التسوس عند تخزينها وخاصة القمح، ويتخذ المواطنين أشد أنواع الحيطة والحذر عن استخدام هذه الأقراص؛ لشدة سميتها وتأثيرها على صحة الإنسان والتي تودي بحياته في الحال، دون أن يستطيع طبيب أو مستشفى إنقاذ حياة شخص استنشق رائحة هذه المادة الخطرة.

وبسبب سرعة مفعولها شديد السُمية وسهولة تداولها في محال بيع المستلزمات الزراعية، ورخص سعرها، الذي وصل ل10 جنيهات، يلجأ إليها بعض الأشخاص في إنهاء حياتهم؛ سواء بسبب الخلافات العائلية أو المرض، لتفاجئ الأسرة بوفاة هذا الفرد الذي أقدم على الانتحار، وتعلم أسرته بالفاجعة إما برسالة تركها مكتوبة بخط يده وإما بغلاف هذه المادة السامة في مكان العثور على الجثة.

فلا يمر أسبوع إلا وتشهد محافظة سوهاج أكثر من حالة انتحار بهذه الطريقة المؤلمة، التي لا يستطيع الطب التدخل فيها وإنقاذ حياة هؤلاء الأشخاص من الموت، حتى وإن وصلوا للمستشفيات على قيد الحياة؛ لشدة تأثيرها الكميائي على جميع أجهزة الجسم، والتي تحد من جدوى التدخل الطبي.

ورغم خطورة هذه المادة السامة "قرص حفظ الغلال" والذي أطلق عليها البعض "الحبة القاتلة"؛ من كثرة الحوادث التي تشهدها محافظة سوهاج إلا أنها ما زالت تعرض للبيع للمواطنين بمختلف أعمارهم وأنواعهم بدون ضوابط أو شروط في محال المستلزمات الزراعية، حنى أنه أصبح من الممكن أن يشتريها طفل لأسرته.

من جهتها عقدت جامعة سوهاج مائدة مستديرة دعت إليها جمعية بدر الطوايل "إحدى منظمات المجتمع المدني" لرصد ومواجهة سهولة تداول أقراص حفظ الغلال السامة "الحبة السوداء" وطرق الحد من انتشارها، كأحد الوسائل السريعة للانتحار بين مختلف فئات المجتمع وخاصة المراهقين.

ومن بين التوصيات التي خرجت بها تلك المائدة المستديرة عمل دراسة بحثية لرصد حالات الانتحار وتحديد الأسباب ووضع الحلول في برنامج مخصص لدعم الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية وخلافات أسرية قد تدفعهم إلى إنهاء حياتهم، وكذلك عقد لقاء دوري مع أعضاء هيئة التدريس بقسمي علم النفس والاجتماع بكلية الآداب؛ لبحث حلول تلك المشكلة ومعالجتها.

وتناولت المائدة المستديرة التي حضرها العديد من المعنيين من الأكاديميين ووكلاء الوزارات المختلفة ورجال الدين الإسلامي والمسيحي والمجلس القومي للمرأة والمجتمع المدني، ضرورة حصر المشكلات التي تدفع الأشخاص للانتحار، والتي من أبرزها وجود فجوة بين الأباء والأبناء في نطاق الأسرة الواحدة، وكذلك ضرورة إصدار تشريعات تقنن تداول وبيع أقراص حفظ الغلال السامة.

ومن الحالات التي انتحرت في محافظة سوهاج بقرص حفظ الغلال خلال الأيام القليلة الماضية على سبيل المثال لا الحصر، ففي يوم 2 من شهر سبتمبرالجاري وصل "أبو الدهب. ا" 51 عامًا معلم لمستشفى طما المركزي مصابًا بتسمم، وتوفي أثناء تقديم الإسعافات اللازمة، وأفادت زوجته "سهير. ع" 45 عامًا ربة منزل بأنه أثناء تواجد المتوفي بالمنزل تناول قرص لحفظ الغلال ما أدى لوفاته؛ لمروره بحالة نفسية سيئة بسبب الخلافات الأسرية.

وفي يوم 3 من شهر سبتمبر الجاري وصلت لمستشفى سوهاج الجامعي الجديد المدعوة "شادية. ي" 52 عامًا ربة منزل وتقيم دائرة مركز شرطة دار السلام مصابة بتسمم، وأفاد ابنها "مؤمن. ا" 29 عامًا أنه أثناء تواجد والدته بالمنزل تناولت قرص حفظ الغلال، ما نتج عنه إصابتها ووفاتها؛ لسوء حالتها النفيسة؛ بسبب الخلافات الأسرية.

وفي يوم 5 من شهر سبتمبر الجاري تلقى مأمور مركز شرطة سوهاج إشارة من مستشفى سوهاج الجامعي الجديد بوصول "حنان. ص" 47 عامًا ربة منزل مصابة بتسمم، وتوفيت عقب وصولها، وأفاد زوجها "دويد. م" 52 عامًا عامل بأنه أثناء تواجد المذكورة بمسكن الزوجية تناولت قرص حفظ الغلال السام، ما نتج عنه إصابتها التي أودت بحياتها؛ لمعاناتها من مرض نفسي.