يشهد التعاون المشترك بين القاهرة وأبوظبي تطورًا مستمرًا في مختلف المجالات، حيث تعكس العلاقات بين مصر والإمارات العربية المتحدة نموذجًا للتعاون العربي المثمر الذي يسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية الاقتصادية في المنطقة، وتعتبر الشراكة بين البلدين واحدة من أكثر الشراكات الاستراتيجية رسوخًا في العالم العربي، إذ تجمعهما رؤى مشتركة حول أهمية التعاون الاقتصادي والسياسي لتحقيق المصالح المشتركة وتعزيز التكامل الإقليمي، وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين مصر والإمارات طفرة نوعية في المجال الاقتصادي، حيث استثمرت الإمارات بشكل كبير في الاقتصاد المصري عبر مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الطاقة، والسياحة، والعقارات، والبنية التحتية، وتعتبر الإمارات من أكبر المستثمرين العرب في مصر، وتساهم استثماراتها في دعم الاقتصاد المصري وخلق فرص عمل جديدة، مما يعزز من النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في مصر.
إنشاء منطقة صناعية إماراتية في بورسعيد
في إطار هذا التعاون المتنامي، تبرز المباحثات الأخيرة بين القاهرة وأبوظبي لإنشاء منطقة صناعية إماراتية في شرق مدينة بورسعيد كخطوة هامة نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتهدف هذه المنطقة الصناعية إلى استقطاب الشركات الإماراتية والدولية للاستثمار في مصر، مما يسهم في تعزيز الصناعات التحويلية وزيادة الصادرات المصرية، وتعتبر بورسعيد موقعًا استراتيجيًا على البحر الأبيض المتوسط نظرًا لأنه يرتبط بخط سكة حديد يربط المنطقة بأنحاء الجمهورية كافة، ما يسهل ربط المنطقة الإماراتية بموانئ البحر المتوسط، مما يجعلها بوابة رئيسية للأسواق الأوروبية والإفريقية، وإقامة منطقة صناعية إماراتية فيها يفتح آفاقًا جديدة للتجارة والاستثمار، ويعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للصناعة والتصدير، ومن المتوقع أن تشمل المنطقة مجموعة من الصناعات المختلفة، مثل الصناعات البتروكيماوية، والصناعات الغذائية، وصناعة الإلكترونيات، مما يسهم في تنويع الاقتصاد المصري وزيادة قدرته التنافسية على المستوى العالمي.
تعزيز التنمية الاقتصادية والتكامل الإقليمي
وتعقيبًا على ذلك قال الدكتور خالد مهدي، أمين لجنة الصناعة بحزب ”المصريين“، إن إنشاء المنطقة الصناعية في شرق بورسعيد يهدف إلى تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية واسعة إلى جانب تعزيز الشراكة الاقتصادية بين مصر والإمارات، ومن المتوقع أن يسهم المشروع في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يساهم في الحد من البطالة وتحسين مستوى المعيشة لسكان المنطقة، كما سيساعد على نقل التكنولوجيا والمعرفة الحديثة إلى مصر، مما يساهم في تطوير القطاعات الصناعية المحلية ورفع كفاءة الإنتاج، ومن الناحية الاستراتيجية، يُعد المشروع خطوة نحو تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، حيث يعكس رؤية مشتركة للتعاون العربي الذي يتجاوز الحدود التقليدية ويسعى إلى بناء شراكات قوية تسهم في تحقيق الازدهار للجميع، كما يدعم المشروع الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة، من خلال توفير بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة.
الدعم الحكومي وتسهيلات الاستثمار
وأضاف ”مهدي“ خلال تصريحات خاصة لـ «بلدنا اليوم» أن الحكومتان المصرية والإماراتية تعملان على توفير كل الدعم اللازم لإنجاح هذا المشروع الطموح، وقد تم التأكيد على تقديم تسهيلات وحوافز للمستثمرين، تشمل تخفيضات ضريبية، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتوفير البنية التحتية اللازمة لضمان سير العمل بكفاءة، فضلًا أن هناك توجيهات من الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل بالنظر في إمكانية استفادة المنطقة الصناعية الإماراتية الجديدة من الإعفاءات الجمركية المتاحة للمناطق المقامة بنظام المناطق الاقتصادية الخاصة أو المناطق الحرة، مؤكدًا أن هذا التعاون النموذجي لا يسهم فقط في تعزيز الاقتصاد المصري، بل يعزز أيضًا من مكانة الإمارات كشريك استراتيجي في جهود التنمية بالمنطقة العربية.
آفاق مستقبلية
وأوضح أمين لجنة الصناعة بحزب ”المصريين“ أن المباحثات التي تمت مؤخرًا لإنشاء المنطقة الصناعية الإماراتية في شرق بورسعيد تُعد خطوة جديدة في مسيرة التعاون المثمر بين القاهرة وأبوظبي، ومع استمرار الحوار والتنسيق بين الجانبين، من المتوقع أن يشهد المستقبل القريب الإعلان عن مزيد من المشروعات المشتركة التي تدعم أهداف التنمية المستدامة في كلا البلدين، خاصة أن هذا المشروع يستهدف مشروعات لإنتاج الطاقة الشمسية ومصنع لإنتاج معدات ومستلزمات إنتاج طاقة الرياح مثل المراوح والتوربينات، ومجمع لتصنيع الألومنيوم، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر، وهو ما يُتيح إمكانية إضافة مزيد من الصناعات الأخرى.