ألقت النزاعات الدائرة خلف حدود مصر والأوضاع الإقليمية والدولية بظلالها على اقتصاد البلاد وحياة المصريين، مما أدى إلى تفاقم الآثار السلبية في الشارع المصري جراء زيادة أعداد «ضيوف مصر» الهاربين من ويلات الحروب، وبات هؤلاء الضيوف يُشكلون ضغطًا على حياة المصريين نظرًا الى الارتفاعات غير المسبوقة في تكاليف السكن، إذ شهدت أسعار الإيجارات ارتفاعًا بنسبة تتراوح من 400 إلى 600 %، إضافة إلى ذلك، يتحمل الاقتصاد المصري تكلفة خدمات تُقدَّم إلى هؤلاء الضيوف تتجاوز 10 مليارات دولار سنويًا وفقًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاح موسم الحصاد بمشروع مستقبل مصر للتنمية المستدامة، ورغمًا عن ذلك لا تزال مصر توفر ملاذًا آمنًا لكل من قصدها بعد أن دفعتهم الظروف القاهرية لمغادرة وطنهم، وتواصل مصر الوفاء بالتزاماتها الدولية في هذا الشأن، حيث تستضيف اليوم أكثر من 62 جنسية مختلفة.
تقرير للأمم المتحدة
ومع تفاقم الأحداث الجيوسياسية الإقليمية والعالمية والأزمة الاقتصادية الدولية، وأخيرًا حرب غزة والتوترات المتزايدة في البحر الأحمر، تضاعفت التداعيات على الاقتصاد، فقد كشف تقرير حديث للأمم المتحدة أن استمرار الحرب في غزة قد يكلف اقتصاد مصر ما بين 5,6 مليارات دولار و19,8 مليار دولار خلال السنتين الماليتين 2023 / 2024 و2024 / 2025، مما يعني خسارة تتراوح بين 1,6 و5,2 % من متوسط الناتج المحلي الإجمالي السنوي، وتوقعت الدراسة أن قطاع السياحة وقناة السويس سيكونان الأكثر تضررًا، إذ قد تتقلص إيراداتهما بما يتراوح بين 3,7 مليارات دولار و13,7 مليار دولار خلال السنتين الماليتين، وأثرت الأزمات الحدودية في شكل جلي بمصر على مدار السنوات الأخيرة منذ الأزمتين السورية والليبية، ومن قبلهم الأزمة العراقية، وأخيرًا استقبالها للسودانيين والفلسطينيين، وقد استُوعِبوا في المجتمع المصري كضيوف مرحب بهم، يتمتعون بعديد الخدمات من دون النظر إليهم كلاجئين أو مهاجرين.
سوق الإيجارات وبيع وشراء العقارات
وفتحت مصر أبوابها لاستقبال الضيوف الذين تجاوز عددهم 10 ملايين شخص وفقًا لإحصاءات منظمات دولية، أي ما يصل إلى نحو 10 % من عدد سكان مصر الذين باتوا يدفعون أثمانًا باهظة نتيجة الضغوط التي تسبب بها هؤلاء الوافدين، وتعالت الأصوات التي تطالب الدولة بضبط الفوضى التي أصابت سوق الإيجارات وبيع وشراء العقارات إلى غير المصريين، خاصة أنها أصبحت تخضع إلى العرض والطلب في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ارتفاع معدل التضخم جراء ارتفاع قيمة الدولار وأسعار الخبز والمحروقات والكهرباء والبضائع، ويعود ذلك إلى زيادة الطلب على الشقق السكنية والمحلات من قِبل غير المصريين في حين ظل العرض محدودًا، مما أثر في شكل كبير في مستوى التضخم، وسارع مالكي العقارات إلى إجبار المستأجرين المصريين على إخلاء شققهم لتأجيرها إلى الضيوف بأسعار خيالية، فضلًا أن الضيوف أصبحوا يبحثون عن التمليك أيضًا.
”مهدي“: قانون تنظيم تملك غير المصريين للعقارات يساهم في تنشيط القطاع العقاري
ومن ناحيته، أكد الدكتور خالد مهدي، عضو الهيئة العليا بحزب ”المصريين“، وأمين لجنة الصناعة، أن موافقة مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى على إجراء تعديل تشريعي على نص المادة الثانية من القانون رقم 230 لسنة 1996 الخاص بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء، بما يسمح لغير المصري بتملك العقارات، مبنية كانت أو أرضًا فضاء، بغرض السُكنى سيساهم في دعم تصدير العقار المصري والذي يعتبر أحد وسائل تدبير النقد الأجنبى، وجذب استثمارات مباشرة للسوق المحلية، وهو ما يشكل دعمًا هامًا للاقتصاد المصري، موضحًا أن التعديلات المقررة من جانب الحكومة تضمنت عدد من الشروط والضوابط التي تنظم تملك الأجانب للعقارات المصرية.
ضوابط تملك الأجانب للعقارات المصرية
وأضاف ”مهدي“ خلال تصريحات خاصة لـ ”بلدنا اليوم“ أن ضوابط تملك الأجانب للعقارات المصرية يأتي على رأسها تسديد الثمن بالعملة الأجنبية عن طريق التحويل من الخارج إلى أحد البنوك المملوك أسهمها بالكامل للدولة، وفقًا للقواعد والشروط والضوابط التي يصدُر بها قرار من محافظ البنك المركزي، وهو ما يعظم استفادة الدولة من زيادة مواردها من العملة الصعبة، موضحًا أن هذا الخطوة سيكون لها تأثير مباشر على جذب الاستثمار الأجنبي الذي يريد الاستقرار في مصر من خلال شراء عقار خاص به دون وجود عوائق قانونية تحول دون ذلك، ومن ثم يتمكن المستثمر من الاطمئنان على أعماله في مصر بشكل دائم.
تنشيط القطاع العقاري في مصر
واختتم: إقرار هذا التعديل على قانون تنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء، سيساهم في تنشيط القطاع العقاري في مصر والذي يعد أحد أهم القطاعات التى لعبت دورًا مهمًا خلال السنوات الماضية في مسيرة التنمية المصرية، وبالإضافة إلى أنه يستوعب الملايين من الأيدي العاملة بالإضافة إلى تنشيط عدد من الأنشطة والمجالات المرتبطة به بشكل غير مباشر، الأمر الذي يجعل دعمه ضرورة وأولوية لدى الدولة، للحفاظ على ما وصلت إليه الشركات المصرية في هذا المجال.